مثل:أن يزيد في قدر المواد المخدرة , أو يقطع في غير محل القطع, أو بآلة غير صالحة, ونحو ذلك.
وضابط التفريط: ترك ما يجب.
مثل: أن يقتصر على بعض النظر في حالة المريض , أو بعض العلاج, أو يختار مخدراً ضعيف التأثير, ونحو ذلك, وهذا يضمن باتفاق الأئمة.
لقوله تعالى: (فلا عدوان إلا على الظالمين) ,وهذا الطبيب ظالم؛لتعديه أو تفريطه.
قال الجزيري:"الحنفية قالوا: ... وكذا –أي لا يضمن- إذا مات من عمل الطبيب بشرط ألا يتجاوز موضع العادة, وأن يكون قد احتاط لعمله كل الاحتياط المعروف عادة ,فإن ترك شيئاً من ذلك فأتلف عضواً للمريض أو أماته بسبب ذلك فإن على ذلك الطبيب المقصر الضمان ,فيلزمه أن يدفع دية العضو الذي أفسده كاملة إذا برئ المريض. ويدفع نصفها إذا هلك وسبب ذلك أنه في الحالة الأولى قد أفسد عضواً كاملاً
لا يتجزأ فعليه ديته كاملة, وفي الحالة الثانية أتلف نفساً بسببين: أحدهما: أنه مأذون فيه وهو إجراء العملية للمريض, والثاني: غير مأذون فيه وهو تجاوز المحل المعتاد وعدم الحيطة فلهذا كان عليه النصف".
2 - ألا يتعدى أو يفرط, لكن تخطئ يده في أثناء العمل:
مثل: أن تتحرك يد الطبيب فتجرح موضعاً ,أو يقطع شرياناً ,ونحو ذلك.
فاختلف العلماء في تضمين الطبيب على قولين:
القول الأول: لاضمان عليه.
وهو قول للإمام مالك.
وقال ابن عقيل: إن كان مشتركا لم يضمن, وإن كان خاصاً ضمن.
واختار بعض الحنابلة: إن كان مشتركا ضمن, وإن كان خاصاً لم يضمن.
يقول ابن شاس: (قال القاضي أبو محمد ما أتى عليه الطبيب مما لم يقصده فيه روايتان: إحداهما أنه يضمن، لأنه قتل خطأ، والآخر أن لا يضمن، لأنه تولد عن فعل مباح مأذون فيه).
وحجة هذا القول: 1 - قوله تعالى: (فلا عدوان إلا على الظالمين).
وجه الدلالة: أن الطبيب إذا كان حاذقا في صنعته فلا ضمان عليه؛ لعدم تعديه.
2 - حديث عبد الله بن عمرو –رضي الله عنهما- المتقدم: "من تطبب وهو لا يعلم منه طب, فهو ضامن".
وجه الدلالة: دل قوله "وهو لا يعلم منه طب فهو ضامن" , أنه إذا علم منه طب فإنه لا يضمن, وهذا عام فيما إذا أخطأ , أو لم يخطئ.
3 - أن هذا الطبيب إنما هو مؤتمن على بدن المريض, والأمين لاضمان عليه إلا بالتعدي أو التفريط, دون الخطأ.
4 - أنه مأذون له بالمداواة, وما ترتب على المأذون غير مضمون.
5 - أنه تولد عن فعل مباح كالإمام.
قال علماء اللجنة الدائمة:"إذا فعل الطبيب ما أُمر بفعله، وكان حاذقاً في صناعته، ماهراً في معرفة المرض الذي يجري من أجله العملية وفي إجرائها، ولم يتجاوز ما ينبغي أن يفعله: لم يضمن ما أخطأ فيه، ولا ما يترتب على سرايته من الموت، أو العاهة؛ لأنه فعل ما أذن له فيه شرعاً، ونظيره ما إذا قطع الإمام يد السارق، أو فعل فعلاً مباحاً له، مأذوناً له فيه ".
يقول الدكتور البار: "ولهذا فإذا كان الطبيب قد حصل على إذن الشارع أو ولي الأمر أو من يمثله، كالمحتسب، أو وزارة الصحة، أو نقابة الأطباء، أو المجلس الطبي ... إلخ، في ممارسة مهنة الطب، أو فرع منها، بعد أن حصل على شهادة معتبرة في الطب، وبعد تدربه على أيدي الأساتذة في الطب، وحصل أيضا على إذن المريض العاقل البالغ، أو وليه إذا كان قاصرا أو ناقص الأهلية، وإذا كان العمل مأذونا فيه، ولم تجنِ يد الطبيب، وعمل حسب الأصول
الطبية المعروفة في بلده وزمنه، ولم يخطئ خطأ لا يقع فيه مثله، فليس على هذا الطبيب ضمان، ولا لوم ولا تثريب، لأنه قد بذل الجهد والرعاية، ولم يهمل ولم يقصّر، ولم يخالف أصول المهنة، وحصل على الإذن من جهة الشارع، ومن جهة المريض".
القول الثاني: أن الطبيب إذا كان حاذقا وأخطأت يده, فإنه يضمن., فتلزمه الدية وتكون على عاقلته عند أكثرهم , وقيل هي في ماله.
وهذا قول جمهور أهل العلم:من الحنفية وبعض المالكية والشافعية وبعض الحنابلة , وحكاه ابن المنذر , وابن رشد من المالمكية اجماعاً.
جاء في المبسوط:"إلا أن يخالف –أي الختان والبيطار ونحوهما- بمجاوزة الحد أو يفعل بغير أمره , فيكون ضامنا حينئذ".
وفي بداية المجتهد:"وأجمعوا على أن الطبيب إذا أخطأ لزمته الدية , مثل أن يقطع الحشفة في الختان وما أشبه ذلك؛ لأنه في معنى الجاني خطأ".
¥