تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أطيب عند الله من ريح المسك. للصائم فرحتان يفرحهما؛ إذا أفطر فرح بفطره، وإذا لقي ربه فرح بصومه).وهذا الصوم المنشود هو النابع من الإيمان والاحتساب، لا من التقليد والعادة، والمجاراة، ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة أيضاً، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من صام رمضان إيماناً واحتساباً، غفر له ما تقدم من ذنبه) أي إيماناً بالله وحقه عليه في الصوم، واحتساباً لموعوده من الأجر والثواب.

ثانياً: القيام:

القيام قرين الصيام، وعديله في الأجر؛ ففي الحديث المتقدم: (ومن قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه). ورمضان مدرسة تربوية لاكتساب هذه الخصلة العظيمة، التي هي شعار الصالحين، الذين أثنى الله عليهم بقوله: (تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفاً وطمعاً ومما رزقناهم ينفقون. فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين، جزاءً بما كانوا يعملون) السجدة:16،17. وهي صفة عباد الرحمن، الذين قال فيهم: (والذين يبيتون لربهم سجداً وقياما) الفرقان: 64.

وقد دأب المسلمون منذ زمن الخليفة الرشد عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، على قيام الليل جماعة خلف إمام واحد، محيين بذلك سنة نبوية رمضانية، قطعها النبي صلى الله عليه وسلم خشية أن تفرض على أمته، ثم جددها أمير المؤمنين عمر، لما زال المحذور ولم يزل المسلمون يصلونها، ويسمونها صلاة التراويح.فينبغي للمؤمن أن يحافظ على القيام مع إمامه كل ليلة حتى تنقضي الصلاة، لينا ل الثواب الموعود، ففي حديث أبي ذر، رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إنه من قام مع الإمام حتى ينصرف، كتب له قيام ليلة) رواه أهل السنن بسند صحيح. وأن يصبر نفسه على ذلك طول الشهر، ولا يخرم منه ليلة واحدة، ليصدق عليه أنه قام رمضان، لا بعض رمضان. وألا يكون همه البحث عن الأئمة النقارين، أو التنقل بين المساجد كهيئة المتذوق.

ثالثاً: القرءان:

قال تعالى: (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرءان هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان) البقرة: 185. وقال تعالى: (إنا أنزلناه في ليلة القدر) القدر: 1. فرمضان أخص الشهور بالقرءان، لأن فيه ابتداء تنزيله. ولهذا كان نبينا صلى الله عليه وسلم يخصه بمزيد العناية والمدارسة؛ ففي حديث ابن عباس، رضي الله عنهما: (وكان جبريل يلقاه في كل ليلة في رمضان، فيدارسه القرءان) متفق عليه. وعلى هذا السنن النبوي سار الموفقون من سلف هذه الأمة، فكانوا يكثرون الختمات؛ فكان أبو رجاء العطاردي يختم في كل عشرو وكان قتادة يختم في كل سبع دوماً، وفي رمضان في كل ثلاث، وفي العشر كل ليلة. وكان الأسود النخعي يختم في كل ليلتين. قال ابن رجب: (وإنما ورد النهي عن قراءة القرءان في أقل من ثلاث، على المداومة على ذلك. فأما في الأوقات الفاضلة، كشهر رمضان، خصوصاً الليالي التي يطلب فيها ليلة القدر، أو في الأماكن المفضلة، كمكة، شرفها الله، لمن دخلها من غير أهلها، فيستحب الإكثار فيها من تلاوة القرءان، اغتناماً للزمان والمكان). وإنه لمن دواعي الأسى أن يمر شهر رمضان ببعض المسلمين دون أن يختم ختمة واحدة! فضلاً أن يشتغل بتدبره، وتفسيره.

ومما يعين على كثرة التلاوة أمور:

أحدها: أن يواظب الصائم على القعود في مصلاه بعد صلاة الصبح، مشتغلاً بذكر الله وقراءة القرءان، حتى ترتفع الشمس، فيتمكن بذلك من قراءة جزئين من القرءان.

الثاني: أن يجتمع مع نفر من أصحابه على قراءة كتاب الله، في بيت من بيوت الله.

الثالث: أن يحرص على التبكير إلى الصلوات الخمس، فيقرأ ما كتب الله له بين الأذان والإقامة، وبعد الفريضة.

رابعاً: الصدقة:

عن ابن عباس، رضي الله عنهما، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل فيدارسه القرءان. وكان جبريل يلقاه في كل ليلة في رمضان، فيدارسه القرءان، فلرسول الله صلى الله عليه وسلم حين يلقاه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة) متفق عليه. فبين الصيام والصدقة والجود تلازم عجيب! إذ أن الصوم يتسامى بصاحبه عن رهق الحياة، وثقلة المادة، ويشعر صاحبه بما يلقى الجوعى والظمأى من عنت، فتخف النفس لتحقيق المواساة، فتسح اليد بالبذل والإنفاق، وتترفع عن الشح والأثرة. وقد بدا ذلك جلياً في

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير