فإن كل أسرة تخيط وتخبن لصبيانها ما تسمى "بالخريطة " تشبه الكيس تجعل على الرقبة خيط يُشدّ به الخريطة التي على الصدر، وفي بعض المناطق عبارة عن سلة كبيرة مصنوعة من سعف النخيل أو قطعة قماش وهي تعرف عربياً بـ (المخلاة).
, يوضع بداخلها خليط من المكسرات النخي , والنقل , والسبال , والبيذان ,والجوز , والفول السوداني والتين المجفف, إلى جانب بعض الحلويات،
وللبنات لباس خاص يلبسونه يسمى " المخنق " , فيطوفون البيوت ليجمعون بها الحلوى فتمتلئ الشوارع بمسيرٍ جماعي من الأطفال من بيت لآخر.
وهم يرددون الأناشيد التي تخص هذه الليلة " قرقيعان .. قرقيعان .. بين قصير ورمضان .. عطونا الله يعطيكم .. بيت مكة يوديكم .. يوديكم لهاليكم " وغيرها من الأهازيج التي تختلف كل دولة فيها عن الأخرى
فعلى على سبيل المثال ففي العراق تُسمى هذه العادة بالماجينة، و لهم اهزوجتهم:
ماجينه يا ماجينه
حل الكيس و انطينه
انطونه الله ينطيكم
بيت مكة يوديكم.
وعند غيرهم قرقع قريقيعان
عطونا الله يعطيكم
بيت مكة يوديكم
يا مكة يا معمورة
يا أم السلاسل و الذهب
عطونا من مال الله
يسلم لكم عبد الله
عطونا دحبة ميزان
يسلم لكم عزيزان
باب الكرم ما صكه
ولا حط له بوابة
وكلما دخلوا على بيت ووجدوا حاجتهم رددوا اسم الابن الأصغر لهذا المنزل " قرقيعان فلان .. قرقيعان فلان "، ويفتحون الخريطة ويرفعونها بأيديهم لكي يحصلوا على أكثر قدرٍ من الحلويات والمكسرات.
فإذا امتلأت الخريطة رجعوا لتفريغها، وعادوا لإكمال المسيرة إلى آخر الليل.
ولك أن تتصور كم سيشتري رب الأسرة من الحلويات والمكسرات للصغار القادمين عليه؟.
ودور البيوت بارزٌ في إعداد الحلوى وأنواع المكسرات، وتنشغل كذلك بإعداد الوجبات المتنوعة لإحياء تلك الليلة.
وكم مررنا على بيوتٍ فقيرة لا يفتحون أبوابهم في هذه الليلة، لا لعلةٍ؛ سوى أنهم لا يجدون ما يعطوننا إياه، فنقابلهم بالسب والألفاظ النايية.
هذا حال القرى فكيف بحال المدن، بل حال بعض الدول المجاورة.
بدأت العناية بهذه الليلة اعتناءً بالغاً في الأهمية , حيث أقيمت الاحتفالات في الفنادق , والأندية الرياضية , واستؤجرت الاستراحات , فأبدت المحلات التجارية الاستعداد التام في توفير أصنافٍ كثيرة من الحلويات والمكسرات، وبطاقات الدعوة التي كتب فيها مناسبة هذه الليلة, وامتلأت وسائل الإعلام من قنوات، وصحف، ومجلات عرض هذه العادة الغريبة، زاعمة في ذلك حفظ تراثها الشعبي.
ذكرت جريدة الرياض في عددها 13986 لعام 1427هـ مقالاً لأحد الكتاب قال فيه (احتفل أطفال المنطقة الشرقية أول أمس السبت بمناسبة شعبية تسمى "القرقيعان" وهي من أهم العادات الرمضانية الشعبية في المجتمع الخليجي، وتُعد أهم المناسبات عند الأطفال خاصة في الدمام والقطيف والاحساء. وإن كانت قد انتقلت إلى الكبار في السنوات الأخيرة؛ حيث أصبحت مضماراً للمباهاة بين الأسر؛ إذ تتجاوز تكلفتها في كثير من الأحيان آلاف الريالات.
وليالي القرقيعان في الخليج هي ليالي (14، 15، 16) من شهر رمضان ...
هذا تقليد سنوي متعارف عليه، ولكن قرقيعان الاحساء هذا العام اختلف عن الأعوام السابقة فقد تحولت ليلة القرقيعان إلى مهرجان للفرح والاحتفال حيث زينت مداخل القرى وعملت البوابات التي تزينها الأضواء يستقبلون من خلال هذه البوابات المارة من السيارات يوزعون عليهم هدايا القرقيعان والمشروبات مع بعض الأناشيد الخاصة برمضان المبارك).
وقال آخر (الرياض تحتفل لأول مرة بالقرقيعان
أشعل 400 طفل وطفلة قناديل رمضان الملونة وتجولوا بها في أسواق الفيصلية مرددين «قرقيعان .. قرقيعان .. بيت قصير ورمضان .. » وحصلوا على هدايا وألعاب وحلوى قامت بتوزيعها عدة جهات كما تم توزيع نقود على كل الأطفال من البنك السعودي البريطاني وحصل كل طفل على مبلغ 20 ريالاً. (
ويزداد الأمر سوء حينما تعرض إحدى الدول في إعلامها مسلسلاً يصور لك الأعمال التي يفعلها الصبيان في تجوالهم حول البيوت، سائلين إحدى البيوت إعطاءهم بعض الحلوى أو المكسرات، فاعتذر أهل البيت من إعطائهم، فرمى الصبيان الباب بالحجارة وهم يرددون عبارات السب والشتم.
ولنا أن نتسائل من أين جاءت هذه العادة؟
هل ورثها الآباء عن أسلافهم خير القرون المفضلة؟
¥