فلابد إن يكون هذا المبتدع داعية إلى بدعته, وقد اشترط هذا الكثير من أهل العلم, والدعاء إلى البدعة لا يكون بالكلام فقط بل يكون فاعل لعادات أهل البدع, ومن الدعاء إلى البدعة ان يكون معروفاً بها فبهذا يكون كافياً ان يدعوا إلى بدعته, وقد قال أبو بكر الاسماعيلى معلقاً على هذا بلسان أهل السنة والجماعة: (ويرون كف الأذى وترك الغيبة إلا لمن أظهر بدعة وهو يدعو إليها، فالقول فيه ليس بغيبة عندهم).
وقال الشاطبي أيضا رحمه الله: (حين تكون الفرقة تدعو إلى ضلالتها وتزينها في قلوب العوام ومن لا علم عنده، فإن ضرر هؤلاء على المسلمين كضرر إبليس، وهم من شياطين الإنس، فلا بد من التصريح بأنهم من أهل البدع والضلالة، ونسبتهم إلى الفرق إذا قامت له الشهود على أنهم منهم). ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــج- انتشار البدعة:
حيث إن البدع قد تكون منتشرة وقد تكون مندثرة, اما المنتشرة فهي التي لابد من الرد عليها وبيان عواقبها حتى لا تؤثر على العامة, وإما البدعة المندثرة فهي التي لابد من التعامل معها بحذر شديد حتى لا يكون المتكفل بالرد سبب فى انتشارها من جديد.
والبدعة المندثرة كالقنبلة الغير المؤقتة قد تنفجر فى اى وقت, ولذلك لابد من الحذر منها فى حالة عدم الانتشار أيضا, ونحن كلنا علم ان هناك الكثير من البدع التي كانت مندثرة تنتشر وتأخذ صيتاً عالياً, وبالتالي لابد من الحذر قبل الرد على بدعة معينة, فقد تكون البدعة مندثرة بحيث لا يعلم عنها احد شيء ثم يأتي الرد فتنتشر.
وهناك من البدع المندثرة التي نتنبأ بانتشارها فى اى لحظة وهذه تأخذ حكم المنتشرة كما فعل بعض العلماء مع الشيعة, ومثل القديانية التي يتجاهلها البعض ألان ونتوقع حدوث كارثة منها فقد أنشئت قناة فضائية لدعوتها ولم يتحرك احد من العلماء للرد عليها, والكثير من تلك الأمثلة لأهل البدع والله اعلم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــ
ثانياً: بيان موضع الرد:
لا شك ان غموض هذه الناحية عند البعض سيؤدى إلى فساد النية فى الرد, لان موضع الرد على المبتدع ليس الشخص أو الاسم أو ما شابه وإنما موضع الرد يكون فى القول أو الفعل أو العمل وهذا هو الظاهر من كلام علماء الجرح والتعديل فيقول (منكر الحديث) أو ما شابه ذلك من أقوالهم.
ولكن هناك بعض الحالات التي يُجرح فيها شخص المبتدع, منها ان يكون المبتدع به قدحٌ فى العقيدة فهذا يمكن قدحه فى شخصه لأنه مُحتمل ان يدعوا إلى عقيدته الباطلة, وقدحه فى شخصه لا يعنى وصفه بما ليس فيه فقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (فالكذب على الشخص حرام كله، سواء كان الرجل مسلما أو كافرا أو فاجرا، لكن الافتراء على المؤمن أشد).
والقدح فى الشخص لا بد منه فى هذه الحالة لابتعاد العامة عنه وعدم السماع منه, واقل ما يمكن فعله فى هذه الحالة هو التحذير من السماع وبيان عقيدته الباطلة وليس هذا من الغيبة فى شيء كما بينا أنفاً.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــ
(3) بيان التحذير من كتب أهل البدع.
اما كتب أهل البدع فهي تأخذ حكم صاحبها فى الرد والتحذير, ولكن لابد من الرد على الكتب المشهورة بين العامة وفى متناول الجميع, وعدم الرد على الكتب التي لا يمكن ان يقترب منها احد كالكتب المندثرة والمختفية وليس لها الا نسخة واحدة وكالكتب التي لم يتم طباعتها فهذه كالبدعة المندثرة تماماً والذي يرد هو الذي يعمل على نشرها.
ولابد ان تكون الأخطاء جلية وخطيرة تستحق عناء الرد, وان يكون الرد علمياً يُبين الأخطاء ويُوضح الصحيح, بدون التطرق إلى المقاصد أو النوايا, وما لم يعرفه البعض ان الكتب اخطر من صحابها لأنها تدعوا إلى بدعته كل لحظة اما هو فقد ينام أو يموت وتظل هي فى عملها فى الدعوة إلى بدعتها.
قال الحافظ سعيد بن عمرو البردعي: شهدت أبا زرعة - وقد سُئل عن الحارث المحاسبي وكتبه- فقال للسائل: إياك وهذه الكتب، هذه كتب بدع وضلالات، عليك بالأثر، فإنك تجد فيه ما يغنيك. قيل له: في هذه الكتب عبرة. فقال: من لم يكن له في كتاب الله عبرة، فليس له في هذه الكتب عبرة، بلغكم أن سفيان ومالكا والأوزاعي صنفوا هذه الكتب في الخطرات والوساوس؟! ما أسرع الناس إلى البدع!.
¥