(وإما الثانية من الخوارج فهم الأزارقة والعمرية أصحاب عبد الله بن الأزرق وعمرو بن قتادة وهؤلاء أقل الخوارج شراً لأنهم لا يرون إهراق دماء المسلمين ولا غنم أموالهم ولا سبى ذراريهم، ولكن يقولون المعاصى كفر ويتبرؤن من عثمان وعلي ويتولون أبا بكر وعمر وهم أصحاب ليل وورع واجتهاد وقد فقد هؤلاء بحمد الله لم يبق منهم أحد) انتهى من موسوعة العقائد.
قلتُ: وقد كان من قبل قد قال: (التنبيه والرد على أهل الأهواء والبدع
فأما الفرقة الأولى من الخوارج فهم المحكمة).
فهو إذن يحكي عن الفرقة الثانية، فبين أنه جعل الأزارقة والعمرية فرقة واحدة، لا أنه خص العمرية بالذكر، والمقصود بالطبع الأزارقة أصحاب نافع بن الأزرق. وقول (عبد الله بن الأزرق) تصحيف. وهو جعلهما فرقة واحدة، فالكلام لابد عائد على الأزارقة، والقول بأن الأزارقة أقل الناس شراً كارثة علمية بلا أدنى شك. والموافقة عليها لا تليق لا بك، ولا بأقل طالب علم في هذا الفن.
والظاهر أن عمرو بن قتادة تصحيف أيضاً، والصواب عمرو القنا لأنه من أصحاب نافع.
والمقصود: أن إفرادك العمرية عن الأزارقة في حكاية كلام الملطي غير موافق للحقيقة. بل هو جمعهما معاً. كما نقلت من السياق. والظاهر أنه جرى على سبيل السهو والخطأ الذي لا يخلو منه إنسان.
وهذا مثال واضح على أن كتاب التنبيه غير دقيق ولا معتمد في هذا الفن.
* خذ مثلاً قوله الذي نقلته في الشراة مع أن أقوالهم مشهورة، إلا أنه خالفها جملة وتفصيلاً بالحكاية عن بعض الشراة، قطعاً كانوا في حال ضعف وتقية.
فالشراة يعني ما كان عليه الشراة الأول، وأقوالهم مشهورة متداولة، خذ مثلاً قول صاحب معجم البلدان في حكايته فعل بعض الشراة: ج3/ص227: " وأما أهل عدن فإنهم يقولون لم يدخلها من الروم أحد، ولكن كان لأهلها الرهبانية ثم فنوا وسكنها مهرة وقوم من الشراة، وظهرت فيها دعوة الإسلام ثم كثر بها الشراة فعدوا على من بها من المسلمين وقتلوهم غير عشرة أناسية وبها مسجد بموضع يقال له السوق) أهـ.
فهذا صنف من الشراة يقابل الصنف الذي أفاض الملطي في ذكر رقة قلبه على المسلمين.
الفرق فقط " ثم كثر بها الشراة " يعني صارت لهم قوة ومنعة.
فهذا مثال ظاهر على أن الكتاب غير دقيق ولا يصلح لتحقيق أقوال الفرق عند أدنى طالب علم في هذا الفن.
* أما حكايته عن الصفرية فعجيب جداً، وأعجب منه، قولك بأن اختلافهم مع الأزارقة في قتل النساء والأطفال فقط، يكفي في صحة ما حكاه الملطي. فاسمح لي أن أعددت هذا تسرعاً منك، وعذرك أن في المناقشات يجري أكثر من هذا.
والمقصود أن الاعتماد في حكاية مقالات الناس على كتاب التنبيه خطأ، وإنما هو على اسمه تنبيه يعني إشارة إلى أهل الأهواء، ورد عليها.
ثم أريد أن أهمس في أذنك: ليس من شرط الخارجي أن يقتل بلا غرض، هذا من شرط المجنون، وإنما الخارجي الذي إذا عرض له غرض في القتل لم تمنعه عصمة الإسلام من ذلك.
ثانياً: أما قولك يا أخي أبا محمد: "
التكفير بالكبيرة يخرج به الإباضية ونحوهم .. "
فيعني أن التكفير بالكبيرة ليس بشرط. وهو موافق لكلامك الأول.
أما قولك:
(وخلاصة الجواب: عدم التكفير بالكبيرة مانع من الوصف بالخروج .. باستثناء الإباضية ومن ذُكر في كتب العلماء. (
فحيرة. فقد أخذت بالشمال ما أعطيت باليمين.
فقولك: " عدم التكفير بالكبيرة مانع من الوصف بالخروج".
يعني أن التكفير بالكبيرة ـ في أقل الأحوال ـ شرط.
وقولك في نفس السياق:
(باستثناء الإباضية ومن ذكر في كتب العلم).
يعني أنه ليس بشرط.
إذ لم يقل أحد من أهل العلم أن الشرط يصح أن يتخلف عن مشروطه في بعض المواضع.
أما قولك: " وجعلت هذا الوصف ما تقدم في كلامك .. وقد نقلت لك ما يدل على أن هذا ليس الوصف العام المنضبط .. فرددت هذا بما لا طائل تحته -من وجهة نظري- ..
فأقول: قولك (وقد نقلت لك ما يدل على أن هذا ليس الوصف العام المنضبط) ليس صحيحاً، بل أنت نقلت ما يؤكده، ويؤكد أن كتاب التنبيه لا يعتمد عليه في تحقيق ما نحن فيه.
أما قولك (فرددت هذا بما لا طائل تحته ـ من وجهة نظري).
فأقول: أرجو أن تكون قد أعدت النظر في وجهة نظرك هذه.
أما قولك:
(وإن أحببت إيقاف الحوار من جهتي فحبا وكرامة .. لأني أرى أنه قد لا يكون هناك جديد .. وأهم من هذا أن صحتك تهمني أيضا .. شفاك الله وعافاك.)
فصحيح لن يكون هناك جديد، وشكراً لك على اهتمامك، وجزاك الله خيراً على الدعاء.
ودمت عزيزاً كريماً موفقاً. ولقد سعدت جداً بالحوار معك.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ
أخي الكريم الحبيب أبو حازم الكاتب ـ سلمه الله ـ
أولاً: ما بيننا من الحوار أنزه بكثير أن يكون حلبة مصارعة، ولكن أخي الكريم ليس كل أحد يسعفه الوقت. وقد أبنت عذري واعتذاري.
أما قولك: " هذا ـ يعني التكفير بالكبيرة ـ هو الشرط في الوصف ".
فأذكرك أنه رجوع عن موافقتك لأبي محمد السالفة الذكر، فالشرط لا يتخلف لا شرعاً ولا عقلاً ولا عادة.
أما قولك " أرجو ألا تنصرف عن الجواب فتناقش شرطي ".
فلا، لابد من التحقيق: أشرط هو؟ أو نبحث عن غيره. كذا السبر.
وأخيراً أنا أحبك في الله. أشعر بطيبة قلبك جزاك الله خيراً.
¥