الأمور بمقاصدها " يستثنى منها من طلق زوجته في مرض موته المتصل بقصد حرمانها من الإرث، ومع هذا فالقاعدة كلية مطردة.
وفي الأصول أفعال النبي صلى الله عليه وسلم تقتضي التشريع ولا يقدح في هذه القاعدة وجود مستثنيات في الأفعال الجبلية مثلاً.
الجواب الثاني:
أن النجدات فرقة حدثت ردة فعل لمذهب الأزارقة وما حصل من نافع بن الأزرق في قضية التكفير ففارقه نجدة بن عامر الحنفي وقصة انشقاقهم عنهم معروفة وخالفوا الخوارج في غير هذه المسألة فخالفوهم في حكم نصب الإمام وقالوا لا حاجة إلى نصب إمام قط وهو خلاف مذهب الخوارج، ثم إنهم بعد ذلك تفرقوا ثلاث فرق:
فرقة بقيت مع نجدة، وفرقة مع عطية بن الأسود الحنفي وهم العطوية، وفرقة مع أبي فديك، ومن فارقه كفره بأمور نقموها عليه بعضها من الكبائر.
ثم إن هذه الفرقة انقرضت ولا يوجد في مذاهب الخوارج بعد انقراض هذه الفرقة ممن يأخذ بمذهب الخوارج ويقول بقول هذه الفرقة.
قال ابن حزم في الفصل (4/ 149): (وهذه فرقة ما نرى بقي منهم أحد وهم المنسوبون إلى نجدة بن الحنفي القائم باليمامة) وقال (5/ 53): (وقد بادت النجدات) وقال (5/ 53): (ولم يبق اليوم من فرق الخوارج إلا الإباضية والصفرية فقط)
الجواب الثالث:
أن مذهب النجدات في التكفير قد حصل في ضبطه اضطراب بين من كتب في الفرق ومن ذلك:
1 - قال البغدادي في الفرق بين الفرق (ص 97): (وزعمت النجدات من الخوارج أن صاحب الذنب الذي أجمعت الأمة على تحريمه كافر مشرك وصاحب الذنب الذي اختلفت الأمة فيه حكم على اجتهاد أهل الفقه فيه وعذروا مرتكب مالا يعلم تحريمه بجهالة تحريمه إلى أن تقوم الحجة عليه فيه)
وقال البغدادي (ص 55): (وقد قالت النجدات إن صاحب الكبيرة من موافقتهم كافر نعمة وليس فيه كفر دين وفى هذا بيان خطأ الكعبي في حكايته عن جميع الخوارج تكفير أصحاب الذنوب كلهم منهم ومن غيرهم)
2 - وقال ابن حزم: (وقالت النجدات وهم أصحاب نجدة بن عويمر _ كذا في الأصل _ الحنفي ليس على الناس أن يتخذوا إماما إنما هم عليهم أن يتعاطوا الحق بينهم وقالوا من ضعف عن الهجرة إلى عسكرهم فهو منافق واستحلوا دم العقدة وأموالهم وقالوا من كذب كذبة صغيرة أو عمل عملا صغيراً فأصر على ذلك فهو كافر مشرك وكذلك أيضا في الكبائر وان من عمل من الكبائر غير مصر عليها فهو مسلم وقال جائز أن يعذب الله المؤمنين بذنوبهم لكن في غير النار وإما النار فلا وقالوا أصحاب الكبائر منهم ليسوا كفاراً وأصحاب الكبائر من غيرهم كفار) الفصل (5/ 53)
3 - قال الإيجي في المواقف (3/ 693): (النجدات: هو نجدة بن عامر الحنفي منهم العاذرية عذروا بالجهالات في الفروع وقالوا لا حاجة إلى الإمام ويجوز لهم نصبه وخالفوا الأزارقة في غير التكفير)
وقال أيضا (3/ 696) عن النجدات: (وخالفوا الأزارقة في غير التكفير أي وافقوهم في التكفير وخالفوهم في الأحكام الباقية)
4 - قال السفاريني في لوائح الأنوار (1/ 328): (الرابعة من فرق الخوارج النجدية أتباع نجدة بن عامر الحنفي ومن رأيهم أنه لا حاجة إلى الإمام ويجوز نصبه ووافقوا الأزارقة على التكفير).
فهنا نجد اضطرابا كثيراً في تقرير مذهب النجدات فتارة يربط بكون المكفر به مجمعاً عليه وتارة يلحقون بالأزارقة في التكفير مطلقاً، وتارة في التفريق بين الموافق لهم والمخالف، وتارة يربط الحكم بالإصرار.
الجواب الرابع:
أن النجدات يكفرون بالإصرار وهذا لا يخرج قولهم عن التكفير بما هو دون الكفر فسواء كان كبيرة أو صغيرة بالإصرار فهو تكفير بما هو دون الكفر وهو المقصود.
الجواب الخامس:
أنهم أخذوا بلوازم التكفير مثل استحلال الدماء والأموال في الدنيا والخلود في النار وإنكار الشفاعة في الآخرة.
واما الإباضية: فمن وجهين بالإضافة غلى بعض الأوجه السابقة:
الوجه الأول: أن هناك مناقشات ومباحثات في إدراج الإباضية ضمن فرق الخوارج لا سيما عند المتأخرين من الإباضية وغيرهم وهو وغن كان خلاف الراجح والمشهور كما سيأتي إلا أنه يدل على عدم الاتفاق على إدراج الإباضية في الخوارج لمخالفتهم لهم في بعض المسائل والتي من أهمها مسألة تكفير المسلمين بالكبيرة.
¥