تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قد طلقتك ثلاثا، أو قال: ودي من ودك طالقن فهذا لا تطلق به الزوجة باتفاق المسلمين.

479

والذي لا بد منه أن اللفظ إذا ما دل على معنى دلالة فلا بد أن ينفي احتماله لغير ذلك المعنى، وإذا جاز أن يراد به ذلك المعنى الآخر النافي لهذا المعنى لم تكن دلالته قطعية، لكن إذا علم المراد قطعا علم دلالة اللفظ عليه. ثم ذلك المعنى الآخر إن لم يكن منافيا لهذا المعنى لم تضر دلالة اللفظ عليه، إذ دل عليهما جميعا، وأما إن نافى هذه الدلالة كان ضدا للمعنى المراد، ومعلوم أن العلم بثبوت أحد الضدين ينفي العلم بثبوت الآخر، فنفس العلم بالمراد ينفي كل احتمال يناقض ذلك، وهكذا الكلام في نفي المعارض العقلي والسمعي، فإنه إذا علم المراد علم قطعا أنه لا ينفيه دليل آخر لا سمعي ولا عقلي، لأن ذلك نقيض له، وإذا علم ثبوت الشيء علم انتفاء نقيضه قطعا.

479

والعلم بالمراد كثيرا ما يكون علما اضطراريا كالعلم بمجرد الأخبار المتواترة فإن الإنسان إذا سمع / مخبرا يخبر بأمر قد يحصل عنده ظن ثم يقوى بالخبر الآخر حتى يكون علما ضروريا، وكذلك إذا سمع كلام المتكلم فقد يعلم مراده ابتداء وقد يظنه ثم يتكرر كلام المتكلم أو يتكرر سماعه له ولما يدل على مراده فيصير علمه بمراده ضروريا وقد يكون العلم بالمراد استدلاليا نظريا، وحينئذ فذلك يتوقف على مقدمة واحدة، وقد يتوقف على مقدمتين وعلى أكثر.

أما دعوى المدعي أن كل استدلال بدليل لفظي على مراد المتكلم يتوقف على عشر مقدمات فهذا باطل قطعا، وأبطل منه أن كل مقدمة فهي ظنية

481

فلو قال قائل: أنا أوجب الحج وصيام شهر رمضان فإن ذلك منقول بالتواتر، لكن أقول: صيام رمضان المراد به موالاة ثلاثين رجلا، وحج البيت المراد المراد به حج بيوت العلم والحكمة والمراد به صلاة الجمعة كان هذا معلوم الفساد بالاضطرار.

........

ونحن لا ننكر أن بعض الناس قد يتوقف فهمه لبعض الألفاظ على ما ذكره من المقدمات الظنية، لكن المنكر دعواه العموم والغلبة، فإن / غالب آيات القرآن في حق غالب الناس لا يتوقف على عشر مقدمات ظنية كما ذكره، بل هذا من أظهر البهتان، وإن قدر أن بعض الآيات يتوقف على هذا في حق بعض الناس، فذلك لقوة جهله وبعده عن معرفة الرسول وما جاء به كمن يكون حديث عهد بالإسلام أو قد نشأ ببادية بعيدة عن دار العلم والإيمان، فإنه قد لا يعرف أن الله تعالى أوجب الحج والصيام بل ولا الصلاة، ولا حرم الخمر، فلا يجعل هذا حكما في حق غالب المسلمين، كذلك إذا قدر أن بعض الناس لم يحصل له علم بمعنى بعض الآيات

[زاد المحقق هنا (إلا) وهي مفسدة للمعنى!]

لتوقف ذلك على أدلة ظنية في حقه لم يلزم أن لا يحصل العلم بها وبغالب القرآن لغيره، وإن قدر أنه لم يحصل لم يجز أن يقال: إن العلم بالمراد غير ممكن، كما قال هذا القائل: إن شيئا من الأدلة اللفظية لا يمكن أن يكون قطعيا فنفى إمكان القطع عن شيء من الألفاظ وهذا أشد فسادا من أن يقال: إن شيئا من الأدلة العقلية لا يمكن أن يكون قطعيا، لأن العلم بمراد المتكلم أظهر / وأنشر، وليس المراد بكون الدليل العقلي والسمعي قطعيا إلا كونه يدل على مراد المتكلم

487

وقد كان الثقة يحدث عن الشيخ أبي عمرو ابن الصلاح أنه لما رأى / قوله [الرازي] إن الأدلة السمعية لا تفيد اليقين لعنه [في نسخة أنبه] على ذلك، وقال: هذا تعطيل الإسلام

....

ولو صح هذا لكان لا يجز أحد بمراد أحد، ولكان العلم بمراد كل متكلم لا يكون إلا ظنا، وهذا مما يعلم فساده بالاضطرار

498

ودلالة الكلام على المراد تعرف تارة بالضرورة وتارة بالاستدلال، ويستدل على ذلك بما نقله الأئمة وبما كان يقوله السلف، يفسرون به القرآن، وبدلالة السنة وبدلالة سائر الآيات، وغير ذلك

502

وقال آخرون يكفينا أن تنفى تلك المعاني وبعد / هذا فليدل القرآن والحديث على أي شيء دل. ليس علينا أن نعرف ما دل عليه، فهم مشتركون في جحد المعاني التي أرادها الله تعالى ورسوله، ثم ادعى بعضهم معاني أنها هي المرادة والاعتبار بيّن أنها ليست مرادة

.......

فقال آخرون: ... وأما ما فسرتم به القرآن والحديث فقد ظهر بطلانه أيضا فنحن نعرض عن تدبر القرآن والحديث وفهم معناه ولا يضرنا بعد ذلك دلالته على أي شيء دل، فهؤلاء يأمرون بالجحد لمعاني التنزيل وبالجهل البسيط في تفسير القرآن وتأويله

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير