المسافة بين الأرض وسطح السماء السابعة حوالي 126 مليون كيلومتر باعتبار أن ما بين السماء والأرض مسيرة خمسمائة سنة وسمك كل سماء كذلك، والمسافات بين السماوات كذلك، وهذا كله أقل مما يقدرونه بين الأرض والشمس بحوالي 24 مليون كيلومتر. هذا الفرق في مجموعة واحدة فكيف بملايين الملايين التي تتكون منها المجرات المزعومة التي بينها مسافات هائلة.
لم يجعلنا النبي صلى الله عليه وسلم عيالا على هؤلاء الضلال نتعرف على مخلوقات ربنا بتعريفهم ونستدل عليها بدلالتهم.
ومن يكن الغراب له دليلا * يمر به على جيف الكلاب
وإذا كان الأصل الذي أصلوه لعلومهم وبحوثهم جحود ربهم، فهل يعقل أن يستأثروا بعلم صحيح ومعرفة في مخلوقات الرب سبحانه أصح من معرفة من جاء بهذا الدين وأتباعه الموحدين؟ مع أن الرب سبحانه أثنى عليهم أنهم هم أولوا الألباب حيث قال: ((إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب)) ثم ذكر أنهم يتفكرون في خلق السماوات والأرض. فيلزم من اعتقد دوران الأرض أن يكون تفكر النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة ومن تبعهم من سلف الأمة حتى وقتنا هذا يلزمه أن يكون تفكرهم في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار خطأ وأن المراد بأولي الألباب مقلدة الملاحدة فهم أهل التفكر الصحيح المطابق للواقع حيث اكتشفوا أن الأرض تدور والشمس ثابتة والفضاء لا نهاية له والجبال تحفظ توازن الأرض أثناء دورانها حتى لا تميد وما تبع ذلك من الخيال التائه الضال.
أما أولئك فتفكرهم خاطئ معكوس حيث يتفكرون في أرض ثابتة ترسيها الجبال في موضعها وشمس واحدة فقط ليس ملايين الشموس تدور حولها، وسماء مبنية محيطة بالأرض وفضاء محدود وهو المسافة بين جرم الأرض وجرم السماء وما تبع ذلك من الحق لأن التفكير السليم لا بد أن يكون مطابقا للواقع في الخارج يعني خارج الفكر في هذا المجال وأمثاله، وهذه من خواص أهل العقول السليمة والأفكار المستقيمة.
فيا لها من فضيحة قبيحة تهوك بها هؤلاء المتأخرون مقلدة المعطلة. ولذلك زعم الزنداني أن آيات الخلق في القرآن لم يكن يعرف معناها في الماضي وإنما عرف اليوم لما انبثق علم الملاحدة وقد كتبت ردا عليه فيه بحث موضوعنا هذا وغيره اسمه (الرد على الزنداني).
حتى أن عبدالعليم خضر قال: ولذلك نجد أن الإنسان الذي كان يعيش منذ 1400 سنة لم يكن قادر على استيعاب المعنى العميق الذي يكمن في الإشارة الكونية ولذلك لم يدرك إلا المعنى الظاهري فقط.!
يعني أن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة لم يكونوا قادرين على استيعاب المعنى العميق الذي يكمن في الإشارة الكونية وإنما قدر هو وأمثاله لما قلدوا الملاحدة بدوران الأرض وما تبعه من الضلال. وكفى سوءا بهؤلاء أن يظنوا مثل هذا الظن.
المراد من القول بدوران الأرض حول نفسها وحول الشمس
ثم نقول: أليس المراد من دعوى دوران الأرض حول نفسها تعاقب الليل والنهار ودعوى دورانها حول الشمس تعاقب الفصول الأربعة؟
فالأول يحصل بعكس قولهم وهو دوران الشمس حول الأرض، فبسبب ذلك يتعاقب الليل والنهار كما يتضح ذلك في الرسم رقم (2) وهذا معنى قوله تعالى: ((وهو الذي خلق الليل والنهار والشمس والقمر كل في فلك يسبحون)) فقد فسر هذه الآية ترجمان القرآن وغيره من المفسرين بأن معناها يدورون، فالشمس تدور في فكلها حول الأرض فيحصل الليل والنهار ومن العجيب أن يستدل بهذه الأية على دوران الأرض مع أنه ليس للأرض فيها ذكر بل هي صريحة في دوران الشمس على كرة الأرض في فلكها المستدير في كرة السماء كذلك دوران الليل والنهار والقمر.
وقد قال ابن عباس رضي الله عنهما: الشمس بمنزلة الساقية تجري بالنهار في السماء في فلكها فإذا غربت جرت بالليل في فلكها تحت الأرض حتى تطلع من مشرقها قال: وكذلك القمر. رواه ابن أبي حاتم بإسناد صحيح.
¥