و في السبي البابلي ازداد اشتغال بني اسرائيل "المسبيين" بالسحر لِما رأوا من ضيق العيش بعد أن كانوا في سعة من المال، فتعلموا أعمال السحر والتنجيم من البابلين، بل زادوا عليهم في ذلك، فكانوا يعملون هناك في السحر، كما احتالوا على أهل بابل بأن زعموا: أن نبي الله سليمان عليه السلام كان يسخر الجن ـ بكتاب في السحر ـ في بناء التماثيل والمعابد والمدن، ولم يبينوا لهم أن الله عز و جل هو الذي سخر الجن لنبيه عليه السلام.
ثم وضع اليهود كتبا شحنوها بالسحر مثل التلمود و شروحاته المختلفة، و كذلك كتاب الزوهار الخاص بالقبالة، و هو في أنواع السحر التي استقوها من البابلييين و كذلك من تاريخهم الوثني، بل زوَّروا مزمورا خاصاً بعمل السحر أدرجوه في المزامير ففي سفر الزبور "مزامير داود" الموجود في "الكتاب المقدس" المنسوب الى داود عليه السلام وهو عبارة عن مائة وخمسين قطعة تزيد واحدة فيكون العدد مائة وإحدى وخمسين و هذا المزمور الزائد خاص بالسحر و لا توجد هذا المزمور الزائد رقم 151 إلاَّ في النسخة القبطية.و قد انتقلت كثير من الميثولوجيا و الأساطير و العقائد الوثنية مع السحر من البابليين إلى بني اسرائيل، و قد أشار القرآن الكريم إلى تأثر اليهود بمن كان قبلهم في قوله تعالى: {وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله ذلك قولهم بافواههم يضاهؤون قول الذين كفروا من قبل قاتلهم الله انى يؤفكون} سورة التوبة - سورة 9 - آية 30.
البابليون القدماء و عبادة الشيطان:
عبادة الشياطين ـ في حقيقة الأمرـ قديمة قدم الشرك، و قدم الديانات الوثنية نفسها ـ، إذكانت موجودة منذ تحوَّل الناس عن الحنفية التي نزل بها آدم عليه السلام إلى الشرك و اتخاذ الأنداد من دون الله.
و عبادة الشياطين لها جذور في معظم الحضارات القديمة و التي كانت في الغالب حضارات وثنية، حيث تتطلب الممارسات الوثنية و من الكهنة طقوساً سحرية خاصةً تقدم لعالم "الأرواح الشريرة" للاستعانة بهم في تحقيق مرادات الكهنة و مرتاديهم، و بالتالي نستطيع أن نستنتج بداية تاريخ هذه العبادة من خلال تاريخ السحر نفسه.
أمَّا بالنسبة إلى عبادة إبليس نفسه لكونه رمزا لغلبة الشر المحض، فقد أشار القرآن الكريم إلى عبادة الشيطان في عدة مواضع، قال تعالى: {ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين}.
ـ و من أقدم ما ذكر في تاريخ هذه النحلة الشيطانية:
1ـ ما كان في بابل و أشور، حيث تذكر الأساطير البابلية و الآشورية أن هناك آلهة للنور وآلهة للشر، و أنهما كانا في صراع دائم، وعندما يخاطب إبراهيم عليه السلام والده ـ ناصحاً له ـ فإنه يقول له: {يا أبت لا تعبد الشيطان إن الشيطان كان للرحمن عصيا}.
هذه الآيات وغيرها دليل على وجود عبادة الشيطان منذ القدم، لا سيما لدى البابليين.
2ـ و يبدو أن البداية المعتمدة أو الجذور المعروفة لهذه الديانة ترجع إلى أرض فارس، حيث بدأت عبادة شياطين الليل المفزعة، ثم تطورت لتعبر عن مطلق الشر، ثم تطورت ـ مرةً أخرى ـ لتعبر عن الشر بالظلمة، والخير بالنور، من خلال العقائد الثنوية التي كانت تؤمن بإلهين؛الأول إله النور الفاعل لكل ما هو خير؛ والثاني إله الظلمة الفاعل لكل ما هو شر و هو الشيطان؛ و يقتسم ـ في زعمهم ـ الإلهان السيطرة علي الكون.
وتفرض المثنوية لإله الشر في بعض الأزمنة سلطانا أكبر من سلطان إله الخير على الأرض، فترى أن النور و الخير منفردان بالسماوات، و أن الظلمة و الشر غالبان على الأرضين.
و تقوم سلسلة الديانات الفارسية "الثنوية" على معتقد أن العالم مركب من أصلين "اثنين" قديمين أحدهما النور والآخر الظلمة، و من الديانات الثنوية الزرادشتية و المزدكية، وكذلك المجوسيبة التي تعبد النار بصفتها معدن الشيطان و أصله.
، و تبعهم في ذلك طوائف عدة تعبد الشيطان منها الشامانية والمانوية، و اللتان تؤمنان بقوة إله الشر و الظلمة "الشيطان" وتعبدانِه، ومازال لهما بعض الأتباع في أواسط آسيا يقدمون له الضحايا والقرابين
¥