تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولا أعلم في هذا الباب حديثاً مرفوعاً إلا حديث عبد اللّه بن عميرة، عن الأحنف، عن العباس بن عبد المطلب رضي اللّه عنه أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم نظر إلى سحابة فقال: " ما تسمون هذه؟ " قالوا: السحاب. قال: " والمزن؟ " قالوا: والمزن. قال: " والعنان؟ " قالوا: نعم. قال: " كم ترون بينكم وبين السماء؟ " قالوا: لا ندري. قال: " بينكم وبينه إما واحد أو إثنان أو ثلاث وسبعون سنة والسماء فوقها، كذلك بينهما مثل ذلك حتى عَدَّ سبع سموات، ثم فوق السماء السابعة بحر أعلاه وأسفله كما بين سماء إلى سماء، ثم فوق ذلك ثمانية أوعال بين أظلافهم وركبهم مثل ما بين سماء إلى سماء على ظهورهم العرش، بين أسفله وأعلاه مثل ما بين سماء إلى سماء، ثم اللّه تعالى إلى فوق ذلك "، هذا حديث حسن صحيح أخرجه أبو داود.

قول الإمام أبي عبد اللّه محمد بن أبي نعيس المالكي المشهور بابن أبي زمنين رحمه اللّه تعالى: قال في كتابه الذي صنفه في أصول السنة، باب الإيمان بالعرش: ومن قول أهل السنة أن اللّه عز وجل خلق العرش، واختصه بالعلو والارتفاع فوق جميع ما خلق، ثم استوى عليه كيف شاء، كما أخبر عن نفسه في قوله عز وجل: " الرحْمنُ عَلى العَرْش اسْتَوى " سورة طه آية 5. وفي قوله تعالى: " ثم استوى على العرش " سورة السجدة آية 4. " يَعْلَمُ ما يَلِجُ في الأرْضِ ومَا يَخْرُجُ مِنها وما يَنْزِلُ مِنَ السّماءِ ومَا يَعْرُجُ فيها " سورة سبأ آية 2 ... وذكر.

حديث أبي رزين العقيلي قلت: يا رسول اللّه أين كان ربنا قبل أن يخلق السموات والأرض؟ قال: كان في عماء ما فوقه هواء وما تحته هواء ثم خلق عرشه على الماء " ..

ثم ذكر الآثار في ذلك إلى أن قال باب الإيمان بالحجب. قال: ومن قول أهل السنة أنّ اللّه تعالى بائنٌ من خلقه محتجب عنهم بالحجب، تعالى اللّه عما يقول الظالمون علواً كبيراً. " كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أفْواهِهِمْ إنْ يَقُولون إلاَّ كَذِباً " سورة الكهف آية 5.

إلى أن قال: باب الإيمان بالنزول قال: ومن قول أهل السنة: أن اللّه ينزل إلى سماء الدنيا، وذكر حديث النزول ثم قال: وهذا الحديث يبين أن اللّه تعالى على عرشه في السماء دون الأرض وهو أيضَاً بين في كتاب اللّه تعالى وتقدّس، وفي غير ما حديث عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال اللّه عز وجل: " يُدَبِّرُ الأمْرَ مِنَ السّماءِ إلى الأرْضِ ثمَّ يَعْرُجُ إليْهِ ". وساق الآيات في العلو، وذكر من طريق مالك قول النبي صلى الله عليه وسلم أين اللّه؟ ثم قال: والحديث في مثل هذا كثير.

قول القاضي عبد الوهاب إمام المالكية بالعراق: من كبار أهل السنة رحمه اللّه تعالى صرح بأن الله سبحانه استوى على عرشه بذاته. نقله شيخ الإسلام عنه في غير موضع من كتبه، ونقله عنه القرطبي في شرح الأسماء الحسنى.

ذكر قول الإمام محمد بن إدريس الشافعي رحمه اللّه تعالى وقدّس روحه ونَورَ ضريحه: قال الإمام ابن الإمام عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي: حدثنا أبو شعيب وأبو ثور، عن أبي عبد الله محمد بن إدريس الشافعي رحمه الله تعالى قال: القول في السنة التي أنا عليها ورأيت أصحابنا عليها أهل الحديث الذين رأيتهم، وأخذت عنهم مثل سفيان ومالك وغيرهما: الإقرار بشهادة أن لا إله إلا الله، وأنّ محمداً رسول الله، وأنّ الله تعالى على عرشه في سمائه يقرب من خلقه كيف شاء، وأن اللّه تعالى ينزل إلى سماء الدنيا كيف شاء.

قال عبد الرحمن: وحدثنا يونس بن عبد الأعلى، قال: سمعت أبا عبد الله محمد بن إدريس الشافعي يقول: وقد سئل عن صفات الله وما يؤمن به؟ فقال: لله تعالى أسماء وصفات، جاء بها كتابه، وأخبر بها نبيه أمته، لا يسع أحداً من خلق اللّه قامت عليه الحجة ردها لأن القرآن نزل بها، وصحّ عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم القول بها فيما روى عنه العدول، فإن خالف ذلك بعد ثبوت الحجة عليه فهو كافر. أما قبل ثبوت الحجة عليه فمعذور بالجهل، لأن علم ذلك لا يدرك بالعقل، ولا بالرؤية والفكر، ولا يكفر بالجهل بها أحد إلا بعد انتهاء الخبر إليه بها، وبثبت هذه الصفات وينفي عنها التشبيه كما نفي التشبيه عن نفسه فقال: " لَيْسَ كمِثلهِ شيء وهُوَ السْمِيعُ البَصِيرُ " سورة الشورى آية 11.

وصح عن الشافعي أنه قال: خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه حَقٌّ قضاها اللَهُ في سمائه، وجمع عليها قلوبَ عباده، ومعلوم أن المقضى في الأرض والقضاء فعله سبحانه وتعالى المتضمن لمشيئته وقدرته. وقال في خطبة رسالته: الحمد لله الذي هو كما وصف به نفسه، وفوق ما يصفه به خلقه، فجعل صفاته سبحانه إنما تتلقى بالسمع.

وقال يونس بن عبد الأعلى: قال لي محمد بن إدريس الشافعي رضي اللّه عنه: الأصل قرآن وسنة، فإن لم يكن فقياس عليهما، وإذا اتصل الحديث عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وصح الإسناد منه، فهو سنة، والاجماع أكبر من الخبر الفرد والحديث على ظاهره، وإذا احتمل المعاني فما أشبه منها ظاهره فهو أولاها به.

قال الخطيب في الكفاية: أخبرنا أبو نعيم الحافظ، حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان، حدثنا عبد اللّه بن محمد بن يعقوب، حدثنا أبو حاتم الرازي، حدثني يونس بن عبد الأعلى، فذكره.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير