تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فرض الله المواريث في كتابه، وقسمها بين مستحقيها بنفسه، بحسب ما اقتضته حكمته، ورحمته، وسعة علمه. ولم يدع ذلك لاجتهاد مجتهد، أو فقه فقيه، فقال بعد أن ذكر جملة من أحكام المواريث: (آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً) (النساء: من الآية11).

وقد جعل الله للمرأة نصف ما للرجل من جنسها، ولم يحرمها من الميراث، كما يصنع أهل الجاهلية القديمة والحديثة، ولم يسوها بالرجل،كما ينادي بذلك من قصر علمه ونظره. ذلك لأن للشريعة الإسلامية منظومة مترابطة من التشريعات تقضي بعدم التسوية في الميراث، الذي هو نوع استحقاق، لعدم التساوي في الالتزامات، التي هي من قبيل الواجبات. فالرجال في الإسلام، سواءً كانوا آباءً، أو أبناءً، أو أزواجاً، أو إخواناً وارثين، ملزمون بالنفقة على بناتهم، أو أمهاتهم، أو زوجاتهم، أو أخواتهم، بشرطين اثنين: غنى المنفِق، وفقر المنفَق عليه، في حالة عمودي النسب؛ وهم الآباء، والأولاد، وبزيادة شرط ثالث إن كان المنفِق من الحواشي، وهو كونه وارثاً للمنفَق عليه. أما الزوج فتجب عليه نفقة زوجته مطلقاً، سواءً كانت فقيرةً أو موسرة. وبهذا تتبين حكمة الشارع في مضاعفة نصيب الذكر من الميراث، لما يتعلق به من الالتزامات، ولا شك أن هذا من مسوغات فضله، وأسباب قوامته، كما قال تعالى: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِم) (النساء: من الآية34) ولكنه لا يدل على ظلم المرأة، وانتقاص كرامتها، كما يزعم بعض الجاهلين. لأن الظلم هو التفريق بين المتماثلات، والتسوية بين المختلفات، والعدل هو التسوية بين المتماثلات، والتفريق بين المختلفات: (وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى).

المسألة السابعة: دار الإسلام، ودار الحرب:

الأرض التي تسود فيها أحكام الإسلام هي دار الإسلام، وخلافها دار الكفر. وأمة الإسلام أمة ذات رسالة سماوية، تتحمل مسؤولية ربانية، تجاه الناس جميعاً، على اختلاف أعراقهم، وأوطانهم، ولغاتهم، لهدايتهم إلى دين الله الحق، ودعوتهم بالحكمة والموعظة الحسنة، وأمرهم بالمعروف، ونهيهم عن المنكر، كما وصفها الله في كتابه بقوله: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ) (آل عمران: من الآية110) فمن حال بين الناس وبين سماع الحق وقبوله، وأقام الحواجز المادية أمام الأمة ورسالتها، فقد بادأها العداء، وأعلن عليها الحرب، فمن البديهي أن تكون داره دار حرب. ولم تزل الدول قديماً، وحديثاً تعلن الحرب على دول أخرى لأقل من هذا؛ كما شهدنا في الأحداث القريبة إعلان بعض الدول المتحالفة الحرب على العراق بدعوى لم تثبت قبل، ولا أثناء، ولا بعد تلك الحرب!! ثم يندد بعض المجحفين بحركة الفتح الإسلامي، التي كانت رحمة على البشرية جمعاء.

إن مقاصد الفتوحات الإسلامية أن يكون الدين لله، وأن يرفع الظلم عن المستضعفين، وليس لتحقيق مطامع مادية، أو أهداف استراتيجية، أو القيام بعمليات تهجير عرقي، أو ممارسة ضغوط ابتزازية، كما فعلته وتفعله كثير من الدول الغربية الآن.

المسألة الثامنة:حرمة دخول المشركين مكة المكرمة:

قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَاٌ) (التوبة:28).لا شك أن أشرف، وأطهر بقعة على وجه الأرض هي بيت الله؛ الكعبة، وحرمه الشريف. ولا شك أيضاً أن أحط،وأنجس فعل يصدر من الإنسان هو الشرك بالله: (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) (لقمان: من الآية13) فلا تناسب بين المشرك النجس، والبيت المطهر. ولا شك أيضاً أن الإسلام يعتبر الإنسان الذي تنكر لما خلق له من عبادة الله قد وضع نفسه أسفل سافلين، وأنه حين يستقيم على عبادة ربه يعود إلى فطرته الأولى التي خلقه الله عليها في أحسن تقويم، ويكون جديراً حينئذ أن يدخل بيت الله، بعد أن دخل في دين الله. أما أن يكون عدواً لله ثم يطلب دخول بيته، فهو

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير