باب ما جاء أن الغلو في قبور الصالحين
يصيرها أوثاناً تعبد من دون الله
وهنا مسألة مهمة لم تذكر، وهي: أن الغلو في قبور الصالحين يصيرها أوثاناً كما في قبر اللات، وهذه من أهم الوسائل، ولم يذكرها المؤلف رحمه الله، ولعله اكتفى بالترجمة عن هذه المسألة بما حصل للات، فإذا قيل بذلك، فله وجه.
باب ما جاء في حماية المصطفى صلى الله عليه وسلم جناب التوحيد وسده كل طريق يوصل إلى الشرك
رواه أبو داود بإسناد حسنٍ ورواته ثقات [1]
قوله: "رواه أبو داود بإسناد حسن، ورواته ثقات"، هذا التعبير من الناحية الاصطلاحية، ظاهره أن بينهما اختلافاً، ولكننا نعرف أن الحسن: هو أن يكون الراوي خفيف الضبط، فمعناه أن فيه نوعاً من الثقة، فيجمع بين كلام المؤلف رحمه الله وبين ما ذكره عن رواية أبي داود بإسناد حسن: أن المراد بالثقة ليس غاية الثقة لأنه لو بلغ إلى حد الثقة الغاية لكان صحيحاً لأن ثقة الراوي تعود على تحقيق الوصفين فيه، وهما: العدالة والضبط، فإذا خف الضبط خفت الثقة، كما إذا خفت العدالة أيضاً تخف الثقة فيه.
فيجمع بينهما على أن المراد: مطلق الثقة، ولكنه لا شك فيما أرى أنه إذا أعقب قوله: "حسن" بقوله: "رواته ثقات" أنه أعلى مما لو اقتصر على لفظ: "حسن".
ومثل هذا ما يعبر به ابن حجر في "تقريب التهذيب" بقوله: "صدوق يهم"، وأحياناً يقول: "صدوق"، وصدوق أقوى، فيكون توثيق الرجل الموصوف بصدوق أشد من توثيق الرجل الذي يوصف بأنه يهم.
لا يقول قائل: إن كلمة يهم لا تزيده ضعفاً، لأنه ما من إنسان إلا ويهم.
فنقول: هذا لا يصح، لأن قولهم: (يهم) لا يعنون به الوهم الذي لا يخلو منه أحد ولولا أن هناك غلبة في أوهامه ما وصفوه بها.
* * * *
قوله: "وصلوا علي، فإن تسليمكم يبلغني حيث كنتم"، اللفظ هكذا، وأشك في صحته، لأن قوله: "صلوا علي" يقتضي أن يقال فإن صلاتكم تبلغني، إلا أن يقال هذا من باب الطي والنشر.
والمعنى: صلوا علي وسلموا، فإن تسليمكم وصلاتكم تبلغني، وكأنه ذكر الفعلين والعلتين، لكن حذف من الأولى ما دلت عليه الثانية، ومن الثانية ما دلت عليه الأولى.
باب ما جاء أن بعض هذه الأمة يعبد الأوثان
(تنبيه):
قوله: "حذو القذة بالقذة" [2] لم أجده في مظانه في "الصحيحين"، فليحرر.
الرابعة: - وهي أهمها -: ما معنى الإيمان بالجبت والطاغوت؟ هل هو اعتقاد القلب أو موافقة أصحابها مع بغضها ومعرفة بطلانها؟
أما إيمان القلب واعتقاده، فهذا لا شك في دخوله في الآية.
وأما موافقة أصحابها في العمل مع بغضها ومعرفة بطلانها، فهذا يحتاج إلى تفصيل، فإن كان وافق أصحابها بناء على أنها صحيحة فهذا كفر وإن كان وافق أصحابها ولا يعتقد أنها صحيحة، فإنه لا يكفر، لكنه لا شك على خطر عظيم يخشى أن يؤدي به الحال إلى الكفر والعياذ بالله.
باب ما جاء في السحر
وفي "صحيح البخاري" عن بجالة بن عبدة، قال: "كتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه: أن اقتلوا كل ساحر وساحرة". قال: "فقتلنا ثلاث سواحر" [3]
قوله: "وفي صحيح البخاري". ذكر في الشرح ـ أعني "تفسير العزيز الحميد" ـ أن هذا اللفظ ليس في "البخاري"، والذي في "البخاري" أنه: "أمر بأن يفرق بين كل ذي محرم من المجوس" [رواه البخاري] لأنهم يجوزون نكاح المحارم ـ والعياذ بالله، فأمر عمر أن يفرق بين ذوي الرحم ورحمه، لكن ذكر الشارح صاحب "تيسير العزيز الحميد": أن القطيعي رواه في الجزء الثاني من "فوائد"، وفيه: "ثم اقتلوا كل كاهن وساحر"، وقال (أي: الشارح): إسناده حسن. قال: وعلى هذا فعزو المصنف إلى البخاري يحتمل أنه أراد أصله لا لفظه. أهـ.
باب بيان شيء من أنواع السحر
قوله: "إسناده جيد ... ". قال الشيخ: إسناده جيد، وعندي أنه اقل من الجيد في الواقع، إلا أن يكون هناك متابعات،
باب ما جاء في الكهان ونحوهم
قوله: "فصدقه". ليس في "صحيح مسلم"، بل الذي في "مسلم": "فسأله، لم تقبل له صلاة أربعين ليلة"، وزيادتها في نقل المؤلف، إما لأن النسخة التي نقل منها بهذا اللفظ "فصدقه"، أو أن المؤلف عزاه إلى "مسلم" باعتبار أصله، فأخذ من "مسلم": "فسأله"، وأخذ من أحمد: "فصدقه".
قوله: "خلاق"، أي: نصيب.
¥