ـ[رضوان واقيني]ــــــــ[30 - 10 - 07, 12:14 م]ـ
بسم الله الرحمان الرحيم الحمد لله وأشهد ألا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم. أما بعد:
لست من المهتمين بدراسة تاريخ التصوف والصوفية ولا بسعيد النُرسيِّ ولا جماعته، ولكني في الوقت نفسه من الذين يحبون تصحيح العقائد وما يسمى في زماننا بالمفاهيم. فأود أن أدليَ بشيء قليل مما أعرفه وأسمعه من الذين يعرفون النُرسيَّ ويعرفون الجماعة المنتسبة إليه –وإن كانوا هم في الواقع يسمون أنفسهم طلبة رسائل النور، ولا يعترفون بهذه التسمية: "النورسيون"- لعل الله تعالى يفتح بهذه الكتابة المتواضعة قلوبا غلفا وأعينا عميا وآذانا صما ويحييها من جديد، إنه سبحانه على كل شيء قدير.
والذي دعاني إلى التمهيد بهذا الكلام هو أنه قد يطلع علي من يقول لي أو لغيري: من تكون أنت حتى تنتقد النرسي؟ هل كتبت ما كتبه؟ أو هل جاهدت جهاده؟ أو هل زكاك الناس؟ ... فالجواب من وجوه كثيرة: منها أن يقال له: إنك بهذا الكلام نصبت نفسك مجتهدا لأن الله تعالى لم يأمر حين نرد الباطل أن ننظر فيمن قاله، بل الباطل باطل وإن قاله أعلم أهل زمانه من الناس -على فرض أن يكون النرسي عالما ربانيا- ثم يقال له: ومن يكون النرسي حتى يفسر كتاب الله تعالى بكلام جاهد الصحابة والتابعون وسائر سلف الأمة وعلماؤها لإبطاله وإحقاق الحق الذي هو خلافه؟ وكل من خالف السنة سقطت، وإن لم يسقط هو سقطت السنة، ولن تسقط السنة.
مما ألفه سعيدٌ النُرسيُّ كتيب سماه: "سكة تصديق الغيب" طبع في تركيا بالتركية، فيه فصل: اللمعة الثامنة عشرة. هذا الفصل قد يحذف فيما يترجم إليه من ألسنة. ملخصه أن جبريل عليه الصلاة والسلام أنزل بحضور النبي صلى الله عليه وسلم صحيفة على علي رضي الله عنه ووضعها في حجره اسمها: السكينة.
ويشرح النرسي في كلامه هذا الشبيه بكلام الباطنية أن السكينة هذه تنبئ عن الغيب إذ يقول: قال علي رضي الله محدِّثا بنعم الله عليه:
فكل معنى من علوم فاخرة
من مبدأِ الدنيا ليوم الآخرة
قد صار كَشفا عندنا عيانا
وكل ذي شكٍ غدا مهانا
ففي عقيدة النُرسي أن عليا رضي الله عنه قد علم بالغيب من بداية الدنيا إلى يوم الآخرة.
ويدعي سعيد النرسي أن ما أسماه بالسكينة يتحدث عن سعيد النرسي نفسِه أيضا إذ جاء فيها:
فمن أراد الله أن يعينهْ
أتحفه بهذه السكينهْ
إلى أن يقول قاصدا نفسه:
فاسأل لمولاك العظيم الشانِ
يا مدركا لذاك الزمانِ
بأن يقيك شر تلك الفتنه
وشر كل كُربةٍ ومِحنه
ثم يفسر بحساب الجِفر وبالأبجدي أن المقصود بقوله: يا مدركا لذلك [في أصل البيت: "لذاك" بالألف] الزمان، بأن معناها هو "ملاَّ سعيد"، أي الشيخ السعيد، وكذلك: "الكردي" لأن سعيدا النرسي كرديُّ الأصل، وكلاهما بعدد: 265.
ومدركًا إذا توقفتَ عليها حذفتَ منها التنوين فتصير "ألف". [ولكن عليك أن تحذف الألف أيضا. لماذا تحذفها؟ حتى يظهر المعنى الذي يقصده] و"مدركا" إذا قرأتها بغير حرف الميم مقلوبة، من الشمال إلى اليمين، صارت "كرد". ولفظة "الزمان" جزء من عبارة "بديع الزمان"، وبديع الزمان هو نفسه لقب سعيد النرسي. [سكة تصديق الغيب ص 169 طبع تنوير نشريات، إسطنبول 1990م]
وعلى هذا يكون علي رضي الله عنه قد أنبأ بما كان سيكتبه سعيد النرسي من رسائل. فهل عرفتم الآن مبلغ الرجل من العلم؟
وكان قُبَيلها قد فسر بيتا ورد –بزعمه- في السكينة:
بِتَّ بها الأميرُ والفقيرا
أحرفُ عُجمٍ سُطِّرت تسطيرا
[هكذا جاءت لفظة الأمير عليها علامة الرفع: الضمة، ولعله خطأ الطبع أو من عندهم، فالنرسيون عامة ليسوا مشهورين بالاعتناء بلغة أو فقه أو تفسير ولا بعلم شرعي آخر، أقول بصفة عامة. بل أعظم علم عندهم كتب النرسي، أعظم من القرآن لأنها عوض عنه حتى أخبرني من ذهب إليهم في محل لهم بإسطنبول أنه لم يجد فيه إلا مصحفا واحدا عليه غبار الهجر والإهمال]
ويستخرج بحسابه الجفري أن الحروف العربية كانت سترفع من الاستعمال سنة 1349 هـ وبالتقويم الرومي سنة 1347 لتحل محلها الحروف اللَطِنيّة في تركيا. [سكة تصديق الغيب ص 167 طبع تنوير نشريات، إسطنبول 1990م]
¥