تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقال أيضا: "والمحفوظ عن أحمد وأمثاله من الأئمة إنما هو تكفير الجهمية المشبهة وأمثال هؤلاء، ولم يكفر أحمد الخوارج ولا القدرية إذا أقروا بالعلم وأنكروا خلق الأفعال وعموم المشيئة، لكن حكي عنه في تكفيرهم روايتان. وأما المرجئة فلا يختلف قوله في عدم تكفيرهم، مع أن أحمد لم يكفر أعيان الجهمية، ولا كل من قال إنه جهمي، ولا كل من وافق الجهمية في بعض بدعهم، بل صلى خلف الجهمية الذين دعوا إلى قولهم، وامتحنوا الناس وعاقبوا من لم يوافقهم بالعقوبات الغليظة، لم يكفرهم أحمد وأمثاله، بل كان يعتقد إيمانهم وإمامتهم ويدعو لهم، ويرى الائتمام بهم في الصلوات خلفهم والحج والغزو معهم والمنع من الخروج عليهم ما يراه لأمثالهم من الأئمة، وينكر ما أحدثوا من القول الباطل الذي هو كفر عظيم، وإن لم يعلموا أنه كفر، وكان ينكره ويجاهدهم على رده بحسب الإمكان، فيجمع بين طاعة الله ورسوله في إظهار السنة والدين، وإنكار بدع الجهمية الملحدين، وبين رعاية حقوق المؤمنين من الأئمة والأمة، وإن كانوا جهالا مبتدعين وظلمة فاسقين" [الفتاوى 7/ 507 - 508].

وقال أيضا: "فصل: إذا ظهرت هذه المقدمات في اسم المؤمن والكافر والفاسق الملي وفي حكم الوعد والوعيد، والفرق بين المطلق والمعين، وما وقع في ذلك من الاضطراب، فـ: "مسألة تكفير أهل البدع والأهواء" متفرعة على هذا الأصل. ونحن نبدأ بمذهب أئمة السنة فيها قبل التنبيه على الحجة، فنقول: المشهور من مذهب الإمام أحمد وعامة أئمة السنة تكفير الجهمية، وهم المعطلة لصفات الرحمن، فإن قولهم صريح في مناقضة ما جاءت به الرسل من الكتاب، وحقيقة قولهم جحود الصانع، ففيه جحود الرب، وجحود ما أخبر به عن نفسه على لسان رسله، ولهذا قال عبد الله بن المبارك إنا لنحكي كلام اليهود والنصارى، ولا نستطيع أن نحكي كلام الجهمية. وقال غير واحد من الأئمة إنهم أكفر من اليهود والنصارى. يعنون من هذه الجهة، ولهذا كفروا من يقول: ان القرآن مخلوق، وان الله لا يرى في الآخرة، وان الله ليس على العرش، وان الله ليس له علم ولا قدرة ولا رحمة ولا غضب ونحو ذلك من صفاته. وأما المرجئة فلا تختلف نصوصه أنه لا يكفرهم، فإن بدعتهم من جنس اختلاف الفقهاء في الفروع، وكثير من كلامهم يعود النزاع فيه إلى نزاع في الألفاظ والأسماء، ولهذا يسمى الكلام في مسائلهم "باب الأسماء" وهذا من نزاع الفقهاء، لكن يتعلق بأصل الدين، فكان المنازع فيه مبتدعا. وكذلك الشيعة المفضلون لعلي على أبي بكر لا يختلف قوله انهم لا يكفرون، فإن ذلك قول طائفة من الفقهاء أيضا، وإن كانوا يبدعون.

وأما القدرية المقرون بالعلم، والروافض الذين ليسوا من الغالية، والجهمية، والخوارج، فيذكر عنه في تكفيرهم روايتان، هذه حقيقة قوله المطلق، مع أن الغالب عليه التوقف عن تكفير القدرية المقرين بالعلم، والخوارج، مع قوله: ما أعلم قوما شرا من الخوارج. ثم طائفة من أصحابه يحكون عنه في تكفير أهل البدع مطلقا روايتين، حتى يجعلوا المرجئة داخلين في ذلك، وليس الأمر كذلك، وعنه في تكفير من لا يكفر روايتان، أصحهما لا يكفر. وربما جعل بعضهم الخلاف في تكفير من لا يكفر مطلقا، وهو خطأ محض. والجهمية عند كثير من السلف مثل عبد الله بن المبارك ويوسف بن أسباط وطائفة من أصحاب الإمام أحمد وغيرهم ليسوا من الثنتين والسبعين فرقة، التي افترقت عليها هذه الأمة، بل أصول هذه عند هؤلاء هم: الخوارج، والشيعة، والمرجئة، والقدرية، وهذا المأثور

عن أحمد، وهو المأثور عن عامة أئمة السنة، والحديث انهم كانوا يقولون: من قال: القرآن مخلوق فهو كافر. ومن قال: ان الله لا يرى في الآخرة فهو كافر. ونحو ذلك. ثم حكى أبو نصر السجزي عنهم في هذا قولين: أحدهما: أنه كفر ينقل عن الملة، قال: وهو قول الأكثرين، والثاني: أنه كفر لا ينقل. ولذلك قال الخطابي: ان هذا قالوه على سبيل التغليظ، وكذلك تنازع المتأخرون من أصحابنا في تخليد المكفر من هؤلاء، فأطلق أكثرهم عليه التخليد، كما نقل ذلك عن طائفة من متقدمي علماء الحديث؛ كأبي حاتم، وأبي زرعة، وغيرهم، وامتنع بعضهم من القول بالتخليد. وسبب هذا التنازع تعارض الأدلة فإنهم يرون أدلة توجب إلحاق أحكام الكفر بهم، ثم إنهم يرون من الأعيان الذين قالوا تلك المقالات من قام به من الإيمان ما يمتنع أن يكون

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير