تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

نقول اولا ردا على كلام القرطبى انه كلام عام لايدل على انه يقصد الاكراه على كلمة الكفر ولانه كما سنعرف فأن العلماء يفرقون فى الاكراه على حسب المكره به والمكره عليه ويضعون شروطا لكل منهما وفوق هذا فان كلام القرطبى نفسه يخالف هذا الفهم فى موضع اخر

فقد قال القرطبى فى تفسيره

فى ج10 ص170

أجمع أهل العلم على

أن من أكره على الكفر حتى خشي على نفسه القتل

أنه لا يأثم عليه إن كفر وقلبه مطمئن بالإيمان ولا تبين منه زوجته ولا يحكم عليه بحكم الكفر هذا قول مالك والكوفيين و الشافعي غير محمد بن الحسن فإنه قال: إذا أظهر الشرك كان مرتدا في الظاهر وفيما بينه وبين الله تعالى على الإسلام وتبين منه امرأته ولا يصلي عليه إن مات ولا يرث أباه إن مات مسلما وهذا قول يرده الكتاب والسنة قال الله تعالى {إلا من أكره} الآية وقال {إلا أن تتقوا منهم تقاة} وقال {إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض} وقال {إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان} الآية فعذر الله المستضعفين الذين يمتنعون من ترك ما أمر الله به والمكره لا يكون إلا مستضعفا غير ممتنع من فعل ما أمر به قاله البخاري.

واما كلام بن حجر فان الرد فيه لانه قال ان المشهور فى المسأله هى انها نزلت فى عمار بن ياسر وذكر القصه فقال

والمشهور أن الآية المذكورة نزلت في عمار بن ياسر

ولكى نعرف هذه المسألة نذكر العلماء

الذين قالوا ان حد الاكراه فى الكفر يكون بالقتل او القطع لاحد الاعضاء او الضرب الشديد المؤدى الى التلف ونعرف كيف يميزون بين الاكراه على اظهار الكفر وبين الاكراه على ماهو دون الكفر

واحسن من فصل فيه الإمام علاء الدين أبي بكر الكاساني

بدائع الصنائع

جزء 6 - صفحة 185

فصل: بيان ما يقع عليه الإكراه

وأما بيان ما يقع عليه الإكراه فنقول وبالله التوفيق: ما يقع عليه الإكراه في الأصل نوعان: حسي وشرعي وكل واحد منهما على ضربين معين ومخير فيه

أما الحسي المعين في كونه مكرها عليه فالأكل والشرب والشتم والكفر والإتلاف والقطع عينا

وأما الشرعي فالطلاق والعتاق والتدبير والنكاح والرجعة واليمين والنذر والظهار والإيلاء والفيء في الإيلاء والبيع والشراء والهبة والإجارة والإبراء عن الحقوق والكفالة بالنفس وتسليم الشفعة وترك طلبها ونحوها والله أعلم

بدائع الصنائع

جزء 6 - صفحة 185

فصل: بيان حكم ما يقع عليه الإكراه

وأما بيان حكم ما يقع عليه الإكراه فنقول وبالله التوفيق: أما التصرفات الحسية فيتعلق بها حكمان:

أحدهما: يرجع إلى الآخرة والثاني: يرجع إلى الدنيا أما الذي يرجع إلى الآخرة فنقول وبالله التوفيق: التصرفات الحسية التي يقع عليها الإكراه في حق أحكام الآخرة ثلاثة أنواع: نوع هو مباح ونوع هو مرخص ونوع هو حرام ليس بمباح ولا مرخص

أما النوع الذي هو مباح فأكل الميتة والدم ولحم الخنزير وشرب الخمر

إذا كان الإكراه تاما بأن كان بوعيد تلف

لأن هذه الأشياء مما تباح عند الإضرار

بدائع الصنائع

[جزء 6 - صفحة 186]

وأما النوع الذي هو مرخص فهو إجراء كلمة الكفر على اللسان مع اطمئنان القلب بالإيمان

إذا كان الإكراه تاما

وهو محرم في نفسه مع ثبوت الرخصة فأثر بالرخصة في تغير حكم الفعل وهو المؤاخذة لا في تغير وصفه وهو الحرمة لأن كلمة الكفر مما لا يحتمل الإباحة بحال فكانت الحرمة قائمة إلا أنه سقطت المؤاخذة لعذر الإكراه قال الله تبارك وتعالى: {من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم} إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان على التقديم والتأخير في الكلام والله سبحانه وتعالى أعلم

والامتناع عنه أفضل من الإقدام عليه حتى لو امتنع فقتل كان مأجورا لأنه جاد بنفسه في سبيل الله تعالى فيرجو أن يكون له ثواب المجاهدين بالنفس هنا وقال عليه الصلاة والسلام: [من قتل مجبرا في نفسه فهو في ظل العرش يوم القيامة] وكذلك التكلم بشتم النبي عليه السلام مع اطمئنان القلب بالإيمان

والأصل فيه

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير