[ما روي أن عمار بن ياسر رضي الله عنهما لما أكرهه الكفار ورجع إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم: فقال له ما وراءك يا عمار؟ فقال شر يا رسول الله تركوني حتى نلت منك فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم: إن عادوا فعد] فقد رخص عليه الصلاة والسلام في إتيان الكلمة بشريطة اطمئنان القلب بالإيمان حيث أمره عليه الصلاة والسلام بالعود إلى ما وجد منه لكن الامتناع أفضل لما مر
ومن هذا النوع شتم المسلم لأن عرض المسلم حرام التعرض في كل حال قال النبي عليه الصلاة والسلام:
[كل المسلم على المسلم حرام دمه وعرضه وماله]
إلا أنه رخص له لعذر الإكراه وأثر الرخصة في سقوط المؤاخذة دون الحرمة والامتناع عنه حفظا لحرمة المسلم و إيثارا له على نفسه أفضل ومن هذا النوع إتلاف مال المسلم لأن حرمة مال المسلم حرمة دمه على لسان رسول الله صلى الله عليه و سلم فلا يحتمل السقوط بحال إلا أنه رخص له الإتلاف لعذر الإكراه حال المخمصة على ما نذكر ولو امتنع حتى قتل لا يأثم بل يثاب لأن الحرمة قائمة فهو بالامتناع قضى حق الحرمة فكان مأجورا لا مأزورا وكذلك إتلاف مال نفسه مرخص بالإكراه لكن مع قيام الحرمة حتى إنه لو امتنع فقتل لا يأثم بل يثاب لأن حرمة ماله لا تسقط بالإكراه لو امتنع فقتل لا يأثم بل يثاب لأن حرمة ماله لا تسقط بالإكراه ألا ترى أنه أبيح له الدفع قال النبي عليه السلام: [قاتل دون مالك] وكذا من أصابته المخمصة فسأل صاحبه الطعام فمنعه فامتنع من التناول حتى مات أنه لا يأثم لما ذكرنا أنه بالامتناع راعى حق الحرمة
هذا إذا كان الإكراه تاما فإن كان ناقصا من الحبس والقيد والضرب الذي لا يخاف منه تلف النفس والعضو
لا يرخص له أصلا ويحكم بكفره وإن قال: كان قلبي مطمئنا بالإيمان فلا يصدق في الحكم
على ما نذكر
ويأثم بشتم المسلم وإتلاف ماله لأن الضرورة لم تتحقق وكذا إذا كان الإكراه تاما ولكن في أكبر رأي المكره إن المكره لا يحقق ما أوعده لا يرخص له الفعل أصلا ولو فعل يأثم لانعدام تحقق الضرورة لانعدام الإكراه شرعا والله سبحانه وتعالى أعلم
وأما النوع الذي لا يباح ولا يرخص بالإكراه أصلا فهو قتل المسلم بغير حق
سواء كان الإكراه ناقصا أو تاما
لأن قتل المسلم بغير حق لا يحتمل الإباحة بحال.
وقال ايضا ...
أما النوع الأول: فالمكره على الشرب
لا يجب عليه الحد إذا كان الإكراه تاما
لأن الحد شرع زاجرا عن الجناية في المستقبل والشرب خرج من أن يكون جناية بالإكراه وصار مباحا بل واجبا عليه على ما مر
وإذا كان ناقصا يجب لأن الإكراه الناقص لم يوجب تغير الفعل عما كان عليه قبل الإكراه بوجه ما فلا يوجب تغير حكمه
والله سبحانه وتعالى أعلم
وقال ايضا ...
ولو لم يخطر بباله شيء لا يحكم بكفره ويحمل على جهة الإكراه على ما مر والله سبحانه وتعالى أعلم
هذا إذا كان الإكراه على الكفر تاما فأما إذا كان ناقصا يحكم بكفره لأنه ليس بمكره
في الحقيقة لأنه ما فعله للضرورة بل لدفع الغم عن نفسه ولو قال: كان قلبي مطمئنا بالإيمان لا يصدق في الحكم لأنه خلاف الظاهر كالطائع إذا أجرى الكلمة ثم قال: كان قلبي مطمئنا بالإيمان ويصدق فيما بينه وبين الله تعالى
وقال ايضا ....
كذلك المرأة إذا أكرهت على الزنا لا حد عليها لأنها بالإكراه صارت محمولة على التمكين خوفا من مضرة السيف فيمنع وجوب الحد عليها كما في جانب الرجل بل أولى لأن الموجود منها ليس إلا التمكين ثم الإكراه لما أثر في جانب الرجل فلأن يؤثر في جانبها أولى
هذا إذا كان إكراه الرجل تاما
فأما إذا كان ناقصا بحبس أو قيد أو ضرب لا يخاف منه التلف يجب عليه الحد لما مر أن الإكراه الناقص لا يجعل المكره مدفوعا إلى فعل ما أكره فبقي مدفوعا مطلقا فيؤاخذ بحكم فعله
وأما في حق المرأة فلا فرق بين الإكراه التام والناقص ويدرأ الحد عنها في نوعي الإكراه لأنه لم يوجد منها فعل الزنا بل الموجود هو التمكين وقد خرج من أن يكون دليل الرضا بالإكراه فيدرأ عنها الحد
هذا الذي ذكرنا إذا كان المكره عليه معينا
فأما إذا كان مخيرا فيه بأن أكره على أحد فعلين من الأنواع الثلاثة غير معين
¥