وبناء على ما تقدم ظهر أن ثمة معاني لهذا اللفظ، وهذه المعاني لها أثر كبير في توجيه النصوص الواردة، فإنزال النصوص على شيء من هذه المعاني يرفع الإشكال، والله أعلم.
الفصل الثاني:
المبحث الأول: إطلاق السيد على الله ـ تعالى
إن اسم (السيد) من أسماء الله ـ جل وعلا ـ الثابتة، ولم يأت لفظه في القرآن الكريم (21 ( http://www.iu.edu.sa/Magazine/122/3.htm#_ftn21)) ، وهذا الاسم الكريم من الأسماء الدالة على صفات عديدة.
والدليل على أنه من أسماء الله ـ تعالى ـ حديث عبد الله بن الشخير ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ حيث قال: ((انطلقت في وفد بني عامر إلى رسول الله ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فقلنا: أنت سيدنا، فقال رسول الله ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ: ((السيد الله)) قلنا: فأفضلنا فضلا، وأعظمنا طولا، فقال ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ: ((قولوا بقولكم أو ببعض قولكم، ولا يستجرينكم الشيطان)) (22 ( http://www.iu.edu.sa/Magazine/122/3.htm#_ftn22)) .
وقد أثبت هذا الاسم جماعة من العلماء منهم: الحافظ ابن مندة (23 ( http://www.iu.edu.sa/Magazine/122/3.htm#_ftn23)) (310 - 395)، والحليمي (24 ( http://www.iu.edu.sa/Magazine/122/3.htm#_ftn24)) (338- 403)، وأبو بكر البيهقي (25 ( http://www.iu.edu.sa/Magazine/122/3.htm#_ftn25)) (384- 458 )، وقوام السنة أبو القاسم إسماعيل التيمي الأصبهاني (26 ( http://www.iu.edu.sa/Magazine/122/3.htm#_ftn26)) (457- 535) .
وذهب جماعة من العلماء إلى أنه ليس من أسماء الله ـ تعالى ـ، وذلك لأنهم يرون ضعف الحديث الوارد في هذا الاسم (27 ( http://www.iu.edu.sa/Magazine/122/3.htm#_ftn27)) ، ولكونه لم يأت في الكتاب ولا في حديث متواتر (28 ( http://www.iu.edu.sa/Magazine/122/3.htm#_ftn28)) .
قيل للإمام مالك ـ رحمه الله تعالى ـ: ((يقولون: السيد هو الله، قال: أين هو في كتاب الله ـ تعالى؟)) (29 ( http://www.iu.edu.sa/Magazine/122/3.htm#_ftn29)) .
ولكن المحققين من أهل الحديث قالوا بثبوته، وممن قال به: الحافظ ابن مفلح (ت 763)، والحافظ ابن حجر (ت 852)، والعظيم آبادي وغيرهم ممن تقدم ذكرهم من المثبتين لهذا الاسم الكريم.
ومن ضعفه فإنه لم يذكر سبب تضعيفه، إلا أن يكون قد وقف على طريق ضعيفة، فإن كان كذلك فإن الروايات الثابتة التي ذكرت في تخريج هذا الحديث كافية عن تلك الطريق؛ لأن أسانيدها صحيحة.
أما كونه لم يأت في الكتاب، فإن عدم مجيئه في الكتاب لا يعني أنه ليس اسما، لأن هناك أسماء ثبتت بالسنة وليست في الكتاب.
والمنهج الحق هو عدم التفرقة بين ما ورد به الكتاب وبين ما جاءت به السنة.
أما كونه ليس في حديث متواتر، فإن أحاديث الآحاد متى ما صحت كانت حجة، والتفريق بينها وبين المتواترة في باب الاعتقاد من جراب أهل الكلام المذموم.
فهذا الاسم الكريم ثابت لله ـ تعالى.
المبحث الثاني: معنى هذا الاسم الكريم
إذا أطلق السيد على الله ـ تعالى ـ فهو بمعنى المالك والمولى والرب (30 ( http://www.iu.edu.sa/Magazine/122/3.htm#_ftn30)) .
قال الحليمي ـ رحمه الله تعالى ـ: ((ومعناه: المحتاج إليه على الإطلاق، فإن سيد الناس إنما هو رأسهم الذي إليه يرجعون، وبأمره يعملون، وعن رأيه يصدرون، ومن قوته يستمدون.
فإذا كانت الملائكة، والإنس والجن خلقا للباريء ـ جل ثناؤه ـ لم يكن بهم غيبة في بدء أمرهم وهو الموجود، إذ لو لم يوجدهم لم يوجدوا، ولا في الإبقاء بعد الإيجاد، ولا في العوارض أثناء البقاء كان حقا له ـ جل ثناؤه ـ أن يكون سيدا، وكان حقا عليهم أن يدعوه بهذا الاسم)) (31 ( http://www.iu.edu.sa/Magazine/122/3.htm#_ftn31)) .
فالسؤدد كله حقيقة لله، والخلق كلهم عبيده، إذ إن الله ـ تعالى ـ هو المالك لعبيده، فنواصيهم بيديه، المتولي أمرهم، القائم على كل نفس بما كسبت، فما من معنى من معاني السيادة إلا ولله ـ تعالى ـ أكمله.
قال ابن الأنباري ـ رحمه الله تعالى ـ: ((والسيد هو الله، إذ كان مالك الخلق أجمعين، ولا مالك لهم سواه)) (32 ( http://www.iu.edu.sa/Magazine/122/3.htm#_ftn32)) .
¥