وهذا هو الظاهر، ويدل عليه الحديث الآخر، وهو قوله ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ: ((أنا سيد الناس يوم القيامة)) ثم ذكر ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ بم صار سيدهم، وهو إتيان الناس آدم فمن بعده من الرسل ممن ذكرهم، وتأخرهم عن الشفاعة، حتى شفع فيهم محمد ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
ويدل عليه ـ أيضا ـ قوله ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ في حديث أبي سعيد الخدري ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ: ((أنا سيد ولد آدم يوم القيامة، ولا فخر، وبيدي لواء الحمد، ولا فخر، وما من نبي يومئذ آدم فمن سواه إلا تحت لوائي)) (102 ( http://www.iu.edu.sa/Magazine/122/3.htm#_ftn102)) .
المطلب الرابع:
في بيان تحريم إطلاق لفظ (سيد ولد آدم) أو (سيد الناس)
أو (سيد الكل) ونحوها على أحد غير النبي ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
إن مما اختص الله ـ تعالى ـ به نبيه محمدا ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وفضله به على سائر الناس: كونه سيد ولد آدم في الدنيا والآخرة (103 ( http://www.iu.edu.sa/Magazine/122/3.htm#_ftn103)) ، فهذه الميزة لا يشركه فيها أحد، وعليه، فلا يجوز منازعته ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ في الخصيصة، وذلك بوصف أحد بها.
قال ابن القيم (ت 751) ـ رحمه الله تعالى ـ: ((وكذلك تحريم التسمية بسيد الناس، وسيد الكل، كما يحرم سيد ولد آدم، فإن هذا ليس لأحد إلا لرسول الله ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وحده، فهو سيد ولد آدم، فلا يحل لأحد أن يطلق على غيره ذلك)) (104 ( http://www.iu.edu.sa/Magazine/122/3.htm#_ftn104)) .
وقد ذكر الحافظ السيوطي (ت 911) ـ رحمه الله تعالى ـ أن (السيد) من أسماء النبي ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وبين معناه، فقال: ((وهو الرئيس الذي يتبع وينتهى إلى قوله، وقيل: السيد في الدين، وقيل: الحسن الخلق، وقيل: الذي يطيع ربه، وقيل: الفقيه العالم، وقيل: الذي ساد في العلم والعبادة والورع، وقيل: الحليم، وقيل: التقي، وقيل: الذي لا يغضب، وقيل: الكريم على الله، وقيل: الكبير، وقيل: الذي لا يحسد، وقيل: المطاع، وقيل: الذي يفوق أقرانه في كل شيء من الخير، وقيل: القانع بما قسم له، وقيل: الراضي بقضاء الله، وقيل: المتوكل على الله، وقيل: الذي عظمت همته أن يحدث نفسه بدار الدنيا)) ثم قال: ((ونبينا ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ بالصفات المذكورة كلها)) (105 ( http://www.iu.edu.sa/Magazine/122/3.htm#_ftn105)) .
وعليه فإنه ـ صلى الله علي وسلم ـ قد حاز معاني السيادة كلها، فليست تجتمع لأحد غيره، فلا يسوغ حينئذ أن يطلق على أحد غيره مثل هذه الألفاظ.
المبحث الثالث: إطلاق لفظ السيدة على المرأة
لقد جاءت نصوص كثيرة صحيحة تدل على جواز إطلاق هذا اللفظ على المرأة، ومن هذه النصوص:
عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: ((أقبلت فاطمة تمشي، كأن مشيتها مشي النبي ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مرحبا بابنتي، ثم أجلسها عن يمينه أو عن شماله، ثم أسر إليها حديثا؛ فبكت، فقلت لها: لم تبكين؟ ثم أسر إليها حديثا؛ فضحكت، فقلت: ما رأيت كاليوم فرحا أقرب من حزن، فسألتها عما قال، فقالت: ما كنت لأفشي سر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى قبض النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فسألتها، فقالت: أسر إلي إن جبريل كان يعارضني القرآن كل سنة مرة، وإنه عارضني العام مرتين، ولا أرى إلا حضر أجلي، وإنك أول أهل بيتي لحاقا بي، فبكيت فقال: أما ترضين أن تكوني سيدة نساء أهل الجنة أو نساء المؤمنين؟ فضحكت لذلك)) (106 ( http://www.iu.edu.sa/Magazine/122/3.htm#_ftn106)) .
¥