وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً" [النساء:59]، وكانوا يتناظرون في المسألة مناظرة مشاورة ومناصحة، وربما اختلف قولهم في المسألة العلمية والعملية مع بقاء الألفة والعصمة وأخوة الدين، نعم من خالف الكتاب المستبين، والسنة المستفيضة، أو ما أجمع عليه سلف الأمة خلافا لا يعذر فيه، فهذا يعامل معاملة أهل البدع".
24.الحرص على جمع كلمة المسلمين على الحق:
فهم حريصون كل الحرص على وحدة المسلمين، ولمَّ شعثهم، وجمع كلمتهم على الحق، وإزالة أسباب النزاع والفرقة بينهم، لعلمهم أن الاجتماع رحمة والفرقة عذاب، ولأن الله –عز وجل- أمر بالائتلاف، ونهى عن الاختلاف كما في قوله تعالى"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ *وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ [آل عمران:102 - 103]، بخلاف الذين يسعون للفرقة بين المسلمين، ويبذرون بذور الشقاق في صفوفهم، ويحزبونهم ويصنفون ويؤلبون بعضهم على بعض بدعاوى وأوهام بعيدة عن الحقائق، وخالية من التثبت.
25. حسن الخلق:
فأهل السنة والجماعة من أحسن الناس أخلاقاً، وأكثرهم حلماً وسماحة وتواضعاً، وأحرصهم دعوة إلى مكارم الأخلاق، فيندبون الناس ويربون أتباعهم إلى أن يصلوا من قطعهم، ويعطوا من حرمهم، ويعفوا عمن ظلمهم، وينهون عن الفخر، والخيلاء، والبغي، والاستطالة على الخلق بحق أو بغير حق، ويأمرون بمعالي الأمور وينهون عن سفاسفها.
26. سعة الأفق:
فهم أوسع الناس أفقاً، وأبعدهم نظراً، وأرحبهم بالخلاف صدراً، وأكثرهم للمعاذير التماساً، فهم لا يأنفون من سماع الحق، ولا تحرج صدورهم من قبوله، ولا يستنكفون من الرجوع إليه، والأخذ به، ثم إنهم لا يلزمون الناس باجتهاداتهم، ولا يضللون كل من خالفهم، ولا تضيق أعطانهم في الأمور الاجتهادية التي تختلف فيها أفهام الناس، وكما أنهم يحرصون على تصحيح الأخطاء والمناصحة حتى لا تضل الأمة، فهم كذلك يحرصون على أن لا تفترق الأمة، ومن مظاهر سعة الأفق عندهم بعدهم عن التعصب المقيت، والتقليد الأعمى والحزبية الضيقة.
27. تعاونهم فيما بينهم وتكميل بعضهم بعضا:
فهم يعلمون أن دين الله واحد وأنه كل لا يتجزأ، ويدركون أنه لا يستطيع أحد مهما أوتي من علم وقوة أن يقوم بالدين كله، لذلك فهم يسعون لإقامة دين الله، ونشره بين الخلق والأخذ به كله،مدركين أن ذلك لن يتم إلا بالتعاون والتكاتف، والاستفادة من بعضهم البعض، فهذا يسد ثغرة الجهاد في سبيل الله، وهذا يقوم بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهذا يقوم على نشر العلم وبثه بين الناس، وتربيتهم عليه، وهذا ينبري لتربية الشباب، والاهتمام بقضاياهم، وهذا ينبري للرد على الكفار والمبتدعة وأهل الأهواء، وهذا يشتغل بأمور الأخلاق والسلوك، وهذا يهتم بأحوال المسلمين، وهكذا دواليك.
فمع ذلك لا ينكر بعضهم على بعض طالما أن كل واحد يعمل ما في وسعه ومقدوره، فالكل على خير وهدى وسنة.
28.التربية المتكاملة المتوازنة:
فهم يربون أتباعهم على العلم والعمل، ويبدؤون بهم بالأهم فالمهم، ولا يغلبون جانباً على جانب، فلا يربونهم على العلم دون العمل، أو العمل دون العلم، ولا يربونهم على التعصب والتحزب، ولا على التميع والذوبان، ولا يربونهم على التعالي واحتقار الآخرين، كما لا يربونهم على الذلة والتبعية المطلقة.
29. يدينون بالنصيحة:
لله سبحانه وتعالى، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم.
فدينهم النصيحة للناس، ولاسيما فيما بينهم من إخوانهم وأقرانهم.
وأن يكون الرد برفق ولين ورغبة شديدة في سلامة المخطئ من الخطأ، حيث يكون الخطأ واضحاً جلياً، وينبغي الرجوع إلى ردود الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله تعالى- للاستفادة منها في الطريقة التي ينبغي أن يكون الرد عليها.
30.يسعون في طلب الكمال على قدر جهدهم واستطاعتهم:
فأهل السنة والجماعة يسعون إلى الأكمل، ويبحثون في كل شيء عن الأمثل ويعملون ما بوسعهم لتحصيل المنافع وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها، وفي الوقت نفسه لا يطالبون بالمستحيل، ولا يرمون ما لا طاقة لهم به، ولا قدرة لهم عليه.
¥