ولما أثبت قدماؤهم الكليات المجردة عن الأعيان التي يسمونها المثل الأفاطونية أنكر ذلك حذاقهم وقالوا: هذه لا تكون إلا في الذهن. درء التعارض (1
167)
وقال رحمه الله: وإذا كان من المعلوم بالضرورة أن في الوجود ما هو قديم واجب بنفسه وما هو محدث ممكن يقبل الوجود والعدم فمعلوم أن هذا موجود وهذا موجود ولا يلزم من اتفاقهما في مسمى الوجود أن يكون وجود هذا مثل وجود هذا بل وجود هذا يخصه ووجود هذا يخصه , واتفاقهما في اسم عام لا يقتضى تماثلهما فى مسمى ذلك الاسم عند الإضافة والتخصيص والتقييد ولا فى غيره
فلا يقول عاقل إذا قيل إن العرش شيء موجود وإن البعوض شيء موجود أن هذا مثل هذا لاتفاقهما في مسمى الشيء والوجود لأنه ليس فى الخارج شيء موجود غيرهما يشتركان فيه بل الذهن يأخذ معنى مشتركا كليا هو مسمى الاسم المطلق وإذا قيل هذا موجود وهذا موجود؛ فوجود كل منهما يخصه لا يشركه فيه غيره مع أن الاسم حقيقة فى كل منهما.
ولهذا سمى الله نفسه بأسماء وسمى صفاته بأسماء وكانت تلك الأسماء مختصة به إذا أضيفت إليه لا يشركه فيها غيره وسمى بعض مخلوقاته بأسماء مختصة بهم مضافة إليهم توافق تلك الأسماء إذا قطعت عن الإضافة والتخصيص ولم يلزم من اتفاق الاسمين وتماثل مسماهما واتحاده عند الإطلاق والتجريد عن الإضافة والتخصيص اتفاقهما ولا تماثل المسمى عند الإضافة والتخصيص فضلا عن أن يتحد مسماهما عند الإضافة والتخصيص
فقد سمى الله نفسه حيا فقال {الله لا اله إلا هو الحي القيوم} وسمى بعض عباده حيا فقال {يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي} وليس هذا الحي مثل هذا الحي لأن قوله الحي اسم لله مختص به وقوله {يخرج الحي من الميت} اسم للحى المخلوق مختص به وإنما يتفقان إذا أطلقا وجردا عن التخصيص ولكن ليس للمطلق مسمى موجود في الخارج ,ولكن العقل يفهم من المطلق قدرا مشتركا بين المسميين وعند الاختصاص يقيد ذلك بما يتميز به الخالق عن المخلوق والمخلوق عن الخالق.
ولا بد من هذا فى جميع أسماء الله وصفاته يفهم منها ما دل عليه الاسم بالمواطأة والاتفاق وما دل عليه بالإضافة والاختصاص المانعة من مشاركة المخلوق للخالق فى شيء من خصائصه سبحانه وتعالى.
مجموع الفتاوى (3
11)
وقال: وذلك ان الموجودات تشترك فى مسمى الوجود فرأوا الوجود واحدا ولم يفرقوا بين الواحد بالعين والواحد بالنوع
وآخرون توهموا أنه إذا قيل الموجودات تشترك فى مسمى الوجود لزم التشبيه والتركيب فقالوا لفظ الوجود مقول بالإشتراك اللفظى فخالفوا ما اتفق عليه العقلاء مع اختلاف اصنافهم من ان الوجود ينقسم الى قديم ومحدث ونحو ذلك من أقسام الموجودات
وطائفة ظنت انه إذا كانت الموجودات تشترك فى مسمى الوجود لزم أن يكون فى الخارج عن الأذهان موجود مشترك فيه وزعموا أن فى الخارج عن الأذهان كليات مطلقة مثل وجود مطلق وحيوان مطلق وجسم مطلق ونحو ذلك فخالفوا الحس والعقل والشرع وجعلوا ما فى الأذهان ثابتا فى الاعيان وهذا كله من نوع الإشتباه.
مجموع الفتاوى (3
64)
وقال رحمه الله: ويقال لهم: هذا كاشتراك الموجود الواجب والموجود الممكن في مسمى الوجود مع امتياز هذا بما يخصه وهذا بما يخصه؛فإن الوجوب المشترك الكلي ليس هو ثابتا في الخارج بل للواجب وجود يخصه وللممكن وجود يخصه كما أن لهذا حقيقة تخصه ولهذا حقيقة تخصه.
وكذلك إذا قيل لهذا ماهية تخصه ولهذا ماهية تخصه فإنهما يشتركان في مسمى الماهية ويمتاز أحدهما عن الآخر بما يختص به وإنما اشتركا في المسمى المطلق الكلي وامتاز كل منهما عن الآخر بالوجود الذي في الخارج.
درء التعارض (2
391)
وملخص الكلام كما ذكر شيخ الإسلام: من قال إنه يوجد في الخارج كليا فقد غلط فإن الكلي لا يكون كليا قط إلا في الأذهان لا في الأعيان وليس في الخارج إلا شيء معين إذا تصور منع نفس تصوره من وقوع الشركة فيه ولكن العقل يأخذ القدر المشترك الكلي بين المعينات فيكون كليا مشتركا في الأذهان.
الجواب الصحيح (4
308)
وهذه المسألة تجر إلى مسألة أخرى متعلقة بها وهي ماهية الأشياء هل هي عين وجودها؟
سيأتي الحديث عنها لاحقا.
ـ[أبو البركات]ــــــــ[20 - 10 - 08, 02:41 ص]ـ
بارك الله فيك وأحسنت وننتظر البقية
ـ[عبد الباسط بن يوسف الغريب]ــــــــ[20 - 10 - 08, 07:30 ص]ـ
¥