[وإنما قصد البخاري الإشارة إلى النكتة التي كانت سبب محنته]
ـ[زوجة وأم]ــــــــ[05 - 01 - 09, 04:38 م]ـ
قال ابن المنير الإسكندري في كتابه "المتواري على أبواب البخاري":
- باب قوله: {وأسروا قولكم أو اجهروا به إنه عليم بذات الصدور ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير}
يتخافتون: يتسارون.
- فيه ابن عباس: في قوله: {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها} نزلت والنبي ' مختف بمكة، فكان إذا صلى بأصحابه رفع صوته بالقرآن، فإذا سمعه المشركون
سبوا القرآن ومن أنزله، ومن جاء به. فقال الله لنبيه: {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها} عن أصحابك فلا تسمعهم: {وابتغ بين ذلك سبيلاً}.
650 - وفيه أبو هريرة: قال النبي ': "ليس منها من لم يتغن بالقرآن وزاد غيره: يجهر به".
قلت: رضي الله عنك! ظن الشارح أن البخاري قصد الترجمة على صفة العلم، وليس كذلك. ولو كان كما ظن تقاطعت المقاصد فيما اشتملت عليه
الترجمة. وأي مناسبة بين العلم وبين قوله: "من لم يتغن بالقرآن فليس منا".
وإنما قصد البخاري -والله أعلم- الإشارة إلى النكتة التي كانت سبب محنته حيث قيل عنه: إنه قال: "لفظي بالقرآن مخلوق" فأشار بالترجمة إلى تلاوة
الخلق تتصف بالسر والجهر. وذلك كونها مخلوقة. وفي قوله تعالى: {وأسروا قولكم أو اجهروا به} ثم قوله: {ألا يعلم من خلق} تنبيه على أن قولهم
مخلوق. وقوله: {ولا تجهر بصلاتك} يعني بقراءتك دل أنها فعله.
وقوله: "ومن لم يتغن بالقرآن" فأضاف التغني إليه دل على أن القراءة فعل القارىء (وتسمى تغنياً).
فهذا كله يحقق ما وقع له من ذلك، وهو الحق اعتقاداً، لا إطلاقاً خوف الإيهام، وحذراً من الابتداع بمخالفة السلف في الإطلاق. وهو الذي أنكر عليه محمد
بن يحيى الذهلي حيث قال: من قال: القرآن مخلوق فقد كفر، ومن قال: "لفظي بالقرآن مخلوق فقد ابتدع".
ونقل عن البخاري أنه سئل: هل قال هذه المقالة؟ فقال: إنما سئلت، ما تقول في لفظك بالقرآن؟ فقلت: أفعال العباد كلها مخلوقة. والله أعلم.
ذكره الخطيب في "تاريخه".
ا. هـ.