تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[الأشعرية: قراءة في المسار، ومساءلة لشرعية الوجود.]

ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[20 - 12 - 08, 11:28 م]ـ

[الأشعرية: قراءة في المسار، ومساءلة لشرعية الوجود.]

1 - مشكلة التسمية:

يعتبرلقب"أهل السنة والجماعة" الكأس المقدسة التي سعى الأشاعرة عبر تاريخهم إلى الاستحواذ عليها وكأن الشاعر ما أراد إلا حالهم عندما قال:

فلم تك تصلح إلا له ... ولم يك يصلح إلا لها

ولو نالها أحد غيره ... لزلزت الأرض زلزالها

ولعل أول عقبة انتصبت أمامهم هي تأخرهم في الوجود عن اللقب .. فقد كان الاسم متداولا بين المسلمين قبل ظهور الأشاعرة بزمن، واعتاد الناس أن يطلقوه على أناس وأعلام في وقت كان فيه أبو الحسن الأشعري ما برح تلميذا عند الجبائي المعتزلي، يتعلم منه أصول المذهب وينافح عنها في المناظرات ..

فمن المفارقة التاريخية – إذن- أن يظهر الاسم قبل ظهور المسمى!، فكان على الأشاعرة أن يثبتوا الترادف بين اسمهم "الأشاعرة" واسم "أهل السنة والجماعة" ... ولا يأتى لهم الخلاص من هذه المفارقة إلا بافتراض أن المذهب الأشعري ذو وجهين: وجه كامن ووجه ظاهر ... !!

فالأشعرية الكامنة هي منهج وعقيدة الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته والتابعين إلى ظهور أبي الحسن ..

والأشعرية الظاهرة- المعبر عنها- هي الصياغة لما كان ضمنيا بواسطة المؤسس والتلاميذ ...

وهذا القول لازم لهم لأن الأشعرية مرادفة لمذهب أهل السنة والجماعة فلك أن تقول عن الصحابة أنهم أشعرية مثلما انهم من أهل السنة والجماعة، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم نفسه أشعري ... وحتى لو راموا التأدب ورفعوا عنه الاسم فإن المنهج هو هو تحت أي اسم ظهر ... فعقيدة النبي صلى الله عليه وسلم هي ذاتها عقيدة الجويني والغزالي والرازي .. !!!

وكانت العقبة الثانية هي تعليل استمرار الأشعرية في طور الكمون لمدة وتأخر طور الظهور إلى ما بعد انقضاء القرون الثلاثة .. ولهم تعليل جاهز تناقلوه في كتبهم مفاده أن الصحابة والتابعين انشغلوا بالجهاد والفتوحات فلم يكن عندهم متسع لتقرير "الكلام النفسي"،وصياغة ""دليل الحدوث" بمقدماته، وبيان استحالة "الاستواء"، وأن "الاستطاعة مقارنة للفعل" ...

هذا الاعتذار أقبح لو كانوا يعلمون!

فمن لوازمه الطعن في الصحابة ذلك لأنهم لا مفر لهم أن يقولوا أن جهادهم كان من أجل الدنيا -كما يقول المستشرقون وأذنابهم كطه حسين والجابري وجعيط .. -فنسوا أمر العقيدة وتهافتوا على الغنائم والاموال ..

أو أن يقولوا بل كان نشرهم العقيدة هو ما حركهم ... فيقال لهم وكيف يحفلون بالوسيلة ويذهلون عن الغاية .. أليس من ثوابت الدعوة أنه يعرض الإسلام أولا ثم لا يستعمل السيف إلا إذا اقتضى الحال!!

فهؤلاء الصحابة ماذا كانوا يعرضون على الفرس والروم والهند وهم شعوب تأصلت عندهم الحكمة والفلسفة والمنطق منذ عصور!

ألم يكن المقام يقتضي الجدل المنطقي وعرض العقيدة على أصول العقل ومقاييسه ..

أم أنهم كانوا يعرضون بضاعتهم وهي تجسيم وحشو .. !!

أم كانوا يقاتلونهم ابتداء!

وعلى فرض التسليم بأطروحة الأشاعرة-وهي ظاهرة البطلان-وأن منهجهم هو عينه منهج الصحابة وأن الصحابة سكتوا عن التعبير عنه بسبب مشاغلهم فكيف ينسب لساكت قول أيها الناس!؟ وكيف يزعمون أن عقيدة الصحابة أشعرية وهي لم تظهر على ألسنتهم .. اليس هذا من جنس الكهانة!

على الأشعرية أن يبحثوا عن تبرير آخر لتأخر الأشعرية في ظهور وجهها المدون المستعلن ... لأن تعليلهم السابق يصدم ثوابت الدعوة أولا، ويصدم قاعدة وجوب عدم تأخر البيان عن الحاجة ثانيا، .. وقاعدة لا ينسب لساكت قول ثالثا ..

للحديث صلة .... إن شاء الله.

ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[21 - 12 - 08, 04:33 م]ـ

2 - هاجس طواحين الهواء

لا يمكن للأشعرية أن تنصب نفسها ممثلة للخط الفكري للأمة قبل أن تفرض نوع الفكر الذي تشخصه أعني "علم الكلام" ..

هذا "العلم" كان قد تأسس من قبل ولكنه وجد صعوبة في قبوله داخل المجال التداولي الإسلامي ... على اعتبار أن الدين قد كمل والنعمة قد تمت ... فكان لا بد من الإدلاء بمسوغ يمنح الشرعية لوجود علم الكلام، فأشيع القول -المتفق عليه بين المتكلمين بمختلف مشاربهم- أن علم الكلام ليس مكملا للدين ولكنه "حام" له ...

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير