تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[ماهية الأشياء هل هي عين وجودها؟]

ـ[عبد الباسط بن يوسف الغريب]ــــــــ[21 - 10 - 08, 08:57 ص]ـ

[ماهية الأشياء هل هي عين وجودها؟]

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم: هذه المسألة من المسائل الفلسفية والتي اختلف فيها مذاهب الطوائف والفرق فأثبت أهل السنة أن ماهية الأشياء عين وجودها على تفصيل بينه شيخ الإسلام وخالف في ذلك الفلاسفة والمعتزلة من المتكلمين , وسنحاول بإذن الله تقريب هذه المسألة مع بيان ثمرتها.

المقصود بالماهية والوجود

من الاصطلاحات الفلسفية التي اصطلحها الفلاسفة تسمية ما يتصوره الذهن بالماهية وما يوجد في خارج الذهن بالوجود, فالماهية هي التي يسأل عنها بما هو؟

والآن نأتي إلى أصل المسألة وهي أن بعض الفلاسفة أثبت للأشياء ماهية حقيقية غير حقيقته الوجودية , فجعلوا للأشياء التي يتصورها الذهن حقائق , فوقعوا في أنهم:

1 - أثبتوا للمعدوم حقيقة ووجود وثبوت لأن الذهن قد يتصور الأشياء المعدومة ,

فالذهن مثلا قد يتصور المستحيلات والمعدومات كتصور خالق مع الله؛ فهل إذا تصور الذهن هذا المستحيل كان له حقيقة؛ هذا معلوم فساده عند سائر العقلاء كما نبه على ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.

2 - أنهم جعلوا للأشياء التي يتصورها الذهن حقائق غير حقيقته الوجودية.

فمثلا الكليات أو المطلقات بشرط الإطلاق التي يتصورها الذهن لا توجد إلا معينة كما نبه إلى ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وأشرنا إلى ذلك في مقالنا السابق " الاشتراك في الأذهان ولكل شيء وجود يخصه "

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله إليها بقوله: الوجود المطلق بشرط الإطلاق أو بشرط سلب الأمور الثبوتية أو لا بشرط مما يعلم بصريح العقل انتفاؤه في الخارج ,وإنما يوجد في الذهن وهذا مما قرروه في منطقهم اليوناني وبينوا أن المطلق بشرط الإطلاق كإنسان مطلق بشرط الإطلاق وحيوان مطلق بشرط الإطلاق جسم مطلق بشر الإطلاق ووجود مطلق بشرط الإطلاق: لا يكون إلا في الأذهان دون الأعيان.

ولما أثبت قدماؤهم الكليات المجردة عن الأعيان التي يسمونها المثل الأفاطونية أنكر ذلك حذاقهم وقالوا: هذه لا تكون إلا في الذهن. درء التعارض (1

167)

3 - جرهم ذلك إلى أنهم فرضوا أشياء أوذوات مجردة عن كل وصف؛ فوقعوا في التعطيل والتحريف.

قال شيخ الإسلام: وقد علم بالاضطرار امتناع خلو الجواهر عن الأعراض وهو امتناع خلو الأعيان والذات من الصفات وذلك بمنزلة أن يقدر المقدر جسما لا متحركا ولا ساكنا ولا حيا ولا ميتا ولا مستديرا ولا ذا جوانب ولهذا أطبق العقلاء من أهل الكلام والفلسفة وغيرهم على إنكار زعم تجويز وجود جوهر خال عن جميع الأعراض وهو الذي يحكي عن قدماء الفلاسفة من تجويز وجود مادة خالية عن جميع الصور ويذكر هذا عن شيعة أفلاطون وقد رد ذلك عليهم أرسطو وأتباعه وقد بسطنا الكلام في الرد على هؤلاء في غير هذا الموضع وبينا أن ما يدعيه شيعة أفلاطون من إثبات مادة في الخارج خالية عن جميع الصور ومن إثبات خلاء موجود غير الأجسام وصفاتها من إثبات المثل الأفلاطونية وهو إثبات حقائق كلية خارجة عن الذهن غير مقارنة للأعيان الموجودة المعينة فظنوها ثابتة في الخارج عن أذهانهم كما ظن قدماؤهم الفيثاغورية أن العدد أمر موجود في الخارج بل وما ظنه أرسطو وشيعته من إثبات مادة في الخارج مغايرة للجسم المحسوس وصفاته وإثبات ماهيات كلية للأعيان مقارنة لأشخاصها في الخارج هو أيضا من باب الخيال حيث اشتبه عليه ما في الذهن بما في الخارج.

العقيدة الأصفهانية (104)

تقرير الراجح في هذه المسألة

قال شيخ الإسلام:

فإن الذي عليه أهل السنة والجماعة وعامة العقلاء أن الماهيات مجعولة وأن ماهية كل شيء عين وجوده، وأنه ليس وجود الشيء قدراً زائداً على ماهيته، بل ليس في الخارج إلا الشيء الذي هو الشيء وهو عينه ونفسه وماهيته وحقيقته، وليس وجوده وثبوته في الخارج زائداً على ذلك. مجموع الفتاوى (2

156)

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير