[قال القرطبي رحمه الله: هذه من علومهم (الصوفية) الدقيقة، التي ليس لها حقيقة = قول "الله" دون "لا إله]
ـ[زوجة وأم]ــــــــ[14 - 11 - 08, 09:11 م]ـ
السلام عليكم
قال القرطبي رحمه الله في تفسيره:
وحكى عن الشبلي رحمه الله أنه كان يقول: الله، ولا يقول: لا إله، فسئل عن ذلك فقال أخشى أن آخذ في كلمة الجحود ولا أصل إلى كلمة الاقرار.
قلت: وهذا من علومهم الدقيقة، التي ليست لها حقيقة، فإن الله جل اسمه ذكر هذا المعنى في كتابه نفيا وإثباتا وكرره، ووعد بالثواب الجزيل لقائله على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم، خرجه الموطأ والبخاري ومسلم وغيرهم.
وقال صلى الله عليه وسلم: (من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة).
خرجه مسلم.
والمقصود القلب لا اللسان، فلو قال: لا إله ومات ومعتقده وضميره الوحدانية وما يجب له من الصفات لكان من أهل الجنة باتفاق أهل السنة. ا. هـ.
ـ[أبا قتيبة]ــــــــ[15 - 11 - 08, 06:40 ص]ـ
قال شيخ الاسلام فى الفتاوى:
أما " الاسم المفرد " مظهرا مثل: " الله " " الله ". أو " مضمرا " مثل " هو " " هو ". فهذا ليس بمشروع في كتاب ولا سنة. ولا هو مأثور أيضا عن أحد من سلف الأمة ولا عن أعيان الأمة المقتدى بهم وإنما لهج به قوم من ضلال المتأخرين. وربما اتبعوا فيه حال شيخ مغلوب فيه مثلما يروى عن الشبلي أنه كان يقول: " الله الله ". فقيل له: لم لا تقول لا إله إلا الله؟ فقال: أخاف أن أموت بين النفي والإثبات
وهذه من زلات الشبلي التي تغفر له لصدق إيمانه وقوة وجده وغلبة الحال عليه فإنه كان ربما يجن ويذهب به إلى المارستان ويحلق لحيته. وله أشياء من هذا النمط التي لا يجوز الاقتداء به فيها؛ وإن كان معذورا أو مأجورا
فإن العبد لو أراد أن يقول: " لا إله إلا الله " ومات قبل كمالها لم يضره ذلك شيئا. إذ الأعمال بالنيات؛ بل يكتب له ما نواه
وربما غلا بعضهم في ذلك حتى يجعلوا ذكر الاسم المفرد للخاصة وذكر الكلمة التامة للعامة. وربما قال بعضهم: " لا إله إلا الله " للمؤمنين و " الله " للعارفين و " هو " للمحققين وربما اقتصر أحدهم في خلوته أو في جماعته على " الله الله الله " أو على " هو " أو " يا هو " أو " لا هو إلا هو ". وربما ذكر بعض المصنفين في الطريق تعظيم ذلك. واستدل عليه تارة بوجد وتارة برأي وتارة بنقل مكذوب. كما يروي بعضهم {أن النبي صلى الله عليه وسلم لقن علي بن أبي طالب أن يقول: الله الله الله}. فقالها النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثا. ثم أمر عليا فقالها ثلاثا. وهذا حديث موضوع باتفاق أهل العلم بالحديث. وإنما كان تلقين النبي صلى الله عليه وسلم للذكر المأثور عنه ورأس الذكر " لا إله إلا الله " وهي الكلمة التي عرضها على عمه أبي طالب حين الموت. {وقال: يا عم قل: لا إله إلا الله كلمة أحاج لك بها عند الله} وقال: {إني لأعلم كلمة لا يقولها عبد عند الموت إلا وجد روحه لها روحا} وقال: {من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة} وقال: {من مات وهو يعلم أن لا إله إلا الله دخل الجنة} وقال: {أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله؛ فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله} والأحاديث كثيرة في هذا المعنى. وقد كتبت فيما تقدم من " القواعد " بعض ما يتعلق بهاتين " الكلمتين " العظيمتين الجامعتين الفارقتين: شهادة أن لا إله إلا الله، وشهادة أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليما
فأما ذكر " الاسم المفرد " فلم يشرع بحال وليس في الأدلة الشرعية ما يدل على استحبابه. وأما ما يتوهمه طائفة من غالطي المتعبدين في قوله تعالى {قل الله ثم ذرهم} ويتوهمون أن المراد قول هذا الاسم فخطأ واضح؛ ولو تدبروا ما قبل هذا تبين مراد الآية؛ فإنه سبحانه قال: {وما قدروا الله حق قدره إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شيء قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نورا وهدى للناس تجعلونه قراطيس تبدونها وتخفون كثيرا وعلمتم ما لم تعلموا أنتم ولا آباؤكم قل الله}. أي: قل: الله أنزل الكتاب الذي جاء به موسى. فهذا كلام تام وجملة اسمية مركبة من مبتدأ وخبر حذف الخبر منها لدلالة السؤال على الجواب. وهذا قياس مطرد في مثل هذا في كلام العرب كقوله: {ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله قل أفرأيتم} الآية.
وتقول في الكلام من جاء؟ فتقول: زيد. ومن أكرمت؟ فتقول: زيدا. وبمن مررت؟ فتقول: بزيد. فيذكرون الاسم الذي هو جواب من؛ ويحذفون المتصل به لأنه قد ذكر في السؤال مرة فيكرهون تكريره من غير فائدة بيان لما في ذلك من التطويل والتكرير
فإن الاسم وحده لا يعطي إيمانا ولا كفرا ولا هدى ولا ضلالا ولا علما ولا جهلا وقد يذكر الذاكر اسم نبي من الأنبياء أو فرعون من الفراعنة أو صنم من الأصنام ولا يتعلق بمجرد اسمه حكم إلا أن يقرن به ما يدل على نفي أو إثبات أو حب أو بغض وقد يذكر الموجود والمعدوم. ولهذا اتفق أهل العلم بلغة العرب وسائر اللغات على أن الاسم وحده لا يحسن السكوت عليه؛ ولا هو جملة تامة؛
؛ فإن الناس في الذكر أربع طبقات: (إحداها) الذكر بالقلب واللسان وهو المأمور به. (الثاني) الذكر بالقلب فقط فإن كان مع عجز اللسان فحسن وإن كان مع قدرته فترك للأفضل. (الثالث) الذكر باللسان فقط وهو كون لسانه رطبا بذكر الله وفيه حكاية التي لم تجد الملائكة فيه خيرا إلا حركة لسانه بذكر الله. ويقول الله تعالى: {أنا مع عبدي ما ذكرني وتحركت بي شفتاه}. (الرابع) عدم الأمرين وهو حال الخاسرين. وأما مع تيسر الكلمة التامة فالاقتصار على مجرد الاسم مكررا بدعة والأصل في البدع الكراهة. وما نقل عن " أبي يزيد " و " النوري " و " الشبلي " وغيرهم: من ذكر الاسم المجرد فمحمول على أنهم مغلوبون فإن أحوالهم تشهد بذلك مع أن المشايخ الذين هم أصح من هؤلاء وأكمل لم يذكروا إلا الكلمة التامة وعند التنازع يجب الرد إلى الله والرسول وليس فعل غير الرسول حجة على الإطلاق.
والله أعلم.
¥