تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[التعريف بدعة محدثة:]

ـ[د. محمد هشام طاهري]ــــــــ[30 - 11 - 08, 08:22 ص]ـ

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:

فإن خير الهدى هدي محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة.

ثم إن كل عبادة لم يتقرب بها رسول الله صلى الله عليه وسلم مع إمكانه وقدرته عليها، ووجود الداعي لها؛ فإن فعلها بعده يكون بدعة.

ومن جملة ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مكث في المدينة تسع سنوات ولم يخرج يوماً واحداً إلى صعيد وصحراء اليوم التاسع من ذي الحجة ليُعَرِّفَ بالناس ويُذَكِّرَهُم بالوقوف بعرفات، وليتشبه في فعله بفعل الحجاج.

فدل هذا الترك من رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن ترك ذلك متعين، إذ لو كان قربة وعبادة لفعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ويدلنا هذا على أن ما يفعل في بعض الأمصار من التعريف في غير عرفات بدعة محدثة، وضلالة منكرة، ومضاهاة للشريعة مستحدثة.

وأما ما نقل عن بعض الصحابة أنهم كانوا يعرفون في غير عرفات، أي يقفون بجمع من الناس في صعيد من بعض الأمصار فإن في ثبوت ذلك نظرا.

وما ثبت عنهم فإنه يحمل على التذكير بكلمة عامة، وخطبة تذكر بعرفات، لا على التشبه بحال الواقفين في عرفات، وعلى هذا يحمل ما روي عن ابن عباس وغيره.

وقد ذكر ابن أبي شيبة رحمه الله في مصنفه آثاراً تدل على ورود التعريف عن بعض السلف لكن كما ذكرت ما ثبت منه يحمل على التذكير ليس إلا.

ثم نقل آثاراً عن السلف في بدعية التعريف ومن جملة ذلك:

1 - عن أبي عمر عن ابن الحنفية قال: إنما المُعَرّف بمكة.

2 - عن شعبة عن الحكم وحماد قال: سألتهما عن الاجتماع عشية عرفة؟ فقالا: محدث.

3 - عن مغيرة عن إبراهيم أنه سئل عن التعريف فقال: إنما التعريف بمكة.

4 - عن بكير بن عامر عن إبراهيم قال: المُعَرّف بمكة. وإبراهيم هو النخعي التابعي المشهور.

5 - عن محمد بن سيرين قال: لقد رأيتنا زمان زياد وما ننكر عشية عرفة من سائر العشيات.

6 - عن عامر والحكم قالا: المُعَرّف بدعة. أي في غير مكة.

وممن قال ببدعية التعريف الذي يفعل في بعض الأمصار يوم عرفة شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى فقال:

(فَإِنَّ الْمُدَاوَمَةَ فِي الْجَمَاعَاتِ -عَلَى غَيْرِ السُّنَنِ الْمَشْرُوعَةِ- بِدْعَةٌ؛ كَالْأَذَانِ فِي الْعِيدَيْنِ، وَالْقُنُوتِ فِي الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، وَالدُّعَاءِ الْمُجْتَمَعِ عَلَيْهِ أَدْبَارَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، أَوْ الْبَرْدَيْنِ مِنْهَا، وَالتَّعْرِيفِ الْمُدَاوَمِ عَلَيْهِ فِي الْأَمْصَارِ .. ؛ فَإِنَّ مُضَاهَاةَ غَيْرِ الْمَسْنُونِ بِالْمَسْنُونِ بِدْعَةٌ مَكْرُوهَةٌ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْآثَارُ وَالْقِيَاسُ .. ). [مجموع الفتاوى].

والله تعالى أعلم.

التوقيعوصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.

ـ[أبو البراء القصيمي]ــــــــ[01 - 12 - 08, 04:09 م]ـ

جزاك الله خير ... ونفع بك أخي الكريم

ـ[ابو اية السكندرى]ــــــــ[03 - 12 - 08, 07:05 م]ـ

توقيت رائع نفع الله بك

ـ[محمد مصطفى السكندري]ــــــــ[08 - 12 - 08, 07:46 م]ـ

بارك الله فيكم شيخنا الفاضل

ولكن هل يدخل اعتكاف يوم عرفة في المساجد في ذلك أم لا؟

ـ[د. محمد هشام طاهري]ــــــــ[22 - 12 - 08, 11:48 ص]ـ

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:

فالاعتكاف في غير شهر رمضان مختلف فيه؛ فمن أهل العلم من يرى أنه لا اعتكاف إلا في رمضان، ومنهم من يرى أنه لا اعتكاف إلا مع الصيام، ومنهم من يرى جواز الاعتكاف مطلقاً سواء كان في رمضان، أو في غير رمضان.

ولعل الصواب أنه لا اعتكاف إلا في رمضان، وهو ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم، حيث إنه لم يعتكف إلا في رمضان، أو في قضائه.

وجاء أيضاً الاعتكاف في النذر، وجواز الوفاء به.

وأما مطلق الاعتكاف في غير رمضان فإنه لم يرد عن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم.

ومن المتفق عليه بين أهل العلم أنه لا يجوز تخصيص زمن لأي عبادة سواء كان الاعتكاف أو الصيام أو الصلاة، أو الذكر، ما لم يرد تخصيصه في الشرع.

ولم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم وقد مكث في المدينة تسع سنين قبل أن يحج أنه اعتكف يوم عرفة، ولا عن أصحابه، فإن قيل لأن عرفات والمناسك كانت بيد الكفار، نقول: لم يعتكف يوم عرفة في المدينة حتى في السنة التاسعة التي أرسل فيها أبا بكر -رضي الله عنه-ليكون أمير الحج؛ فدل ذلك على عدم جواز تخصيصه بالاعتكاف إلا أن يوافق نذراً، أو تعبدٍ يوافق -عند من يقوله بجواز الاعتكاف مطلقاً- عادة له.

وما ورد عن السلف من الاجتماع في بعض المساجد في الأمصار؛ فإنما هو محمول على التذكير والوعظ.

وقد حث الشرع الحكيم على صوم يوم عرفة؛ فلا ينبغي العدول عنه إلى أمر لم يرد نصاً وإنما يرد ذهناً؛ فليس كل ما يرد على الذهن يكون وارداً في الشرع؛ لأن الشرع مبناه على الاتباع، والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير