تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[فوائد متعلقة بحديث النزول من كلام الحافظ ابن عبد الهادي في كتابه الصارم المنكي]

ـ[أبو رواحة السمري]ــــــــ[15 - 12 - 08, 10:36 م]ـ

[فوائد متعلقة بحديث النزول من كلام الحافظ ابن عبد الهادي في كتابه الصارم المنكي]

(فائدة، شيخ الإسلام يذهب إلى عدم خلو العرش وقت النزول الإلاهي كما في كتابه في شرح حديث النزول):

فهذه روح النائم متعلقة ببدنه وهي في السماء تحت العرش، وترد إلى البدن في أقصر وقت، فروح النائم مستقرها البلد تصعد حتى تبلغ السماء، وترى ما هنالك ولم تفارق البدن فراقاً كلياً وعكسه أرواح الأنبياء والصديقين والشهداء مستقرها في عليين وترد إلى البدن أحياناً، ولم تفارق مستقرها، ومن لم ينشرح صدره لفهم هذا والتصديق به فلا يبادر إلى رده وإنكاره بغير علم، فإن للأرواح شأناً آخر غير شأن الأبدان، وقد صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، وهذا قرب الروح نفسها من الرب ولم تفارق البدن، والرب تعالى فوق سمواته على عرشه)).

ولا يتلفت إلى كثافة طبع الجهمي وغلظ قلبه، ورقة إيمانه ومبادرته على تكذيب ما لم يحط بعلمه، فالروح تقرب حقيقة بنفسها في حال السجود من ربها تبارك وتعالى لا سيما في النصف الأخير من الليل حين يجتمع القرباء، إذا أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، وأقرب ما يكون (الرب) من عبده في جوف الليل حين ينزل إلى السماء الدنيا ويدنو من عبادة، فتحس الروح بقربها حقيقة من ربها سبحانه.

ومع هذا فهي بدنها وهو (سبحانه) فوق سمواته على عرشه، وقد دنا من عباده ونزل إلى السماء الدنيا، فإن علوه سبحانه وعلى خلقه أمر ذاتي، له معلوم بالعقل والفطرة وإجماع الرسل، فلا يكون فوقه شيء البتة، ومع هذا فيدنوا عشية عرفة من أهل الموقف وينزل إلى سماء الدنيا، وهذا الذي ذكرناه من دنو الرب تبارك وتعالى من عباده مع كونه عالياً على خلقه هو قول كثير من المحققين من أهل السنة.

قالوا: وإذا كان شأن الأرواح ما ذكرنا وهي مخلوقة محصورة متحيزة، فكيف بالخالق الذي يحيط ولا يحاط به؟

وأعلم أن السلف الصالح ومن سلك سبيلهم من الخلف متفقون على إثبات نزول الرب تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا وكذلك هم مجمعون على إثبات الإتيان والمجيء، وسائر ما ورد من الصفات في الكتاب والسنة من غير تحريف ولا تعطيل، ولا تكييف ولا تمثيل، ولم يثبت عن أحد من السلف أنه تأول شيئاً من ذلك.

وأما المعتزلة " الجهمية فإنهم يردون ذلك ولا يقبلونه، وحديث النزول متواتر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: قال عثمان بن سعيد الدارمي: هو أغيظ حديث للجهمية، وقال أبو عمر بن عبد البر: هو حديث ثابت من جهة النقل الصحيح الإسناد لا يختلف أهل الحديث في صحته.

وقال سليمان بن حرب سأل بشر بن السري حماد بن زيد فقال: يا أبا إسماعيل الحديث الذي جاء: ينزل الله إلى السماء الدنيا يتحول من مكان إلى مكان، فسكت حماد، ثم قال: هو في مكانه يقرب من خلقه كيف يشاء.

وقال إسحاق بن راهوية: جمعني وهذا المبتدجع - يعني إبراهيم بن صالح - مجلس الأمير عبد الله بن طاهر، فسألني الأمير عن أخبار النزول فسردتها، فقال إبراهيم: كفرت برب ينزل من سماء إلى سماء، فقلت: آمنت برب يفعل ما يشاء، قال:فرضي عبد الله كلامي، وأنكر على إبراهيم.

وسأل رجل عبد الله بن المبارك عن النزول فقال: يا أبا عبد الرحمن كيف ينزل؟ فقال عبد الله: " كدخداي خويش كد " ينزل كيف يشاء، وقال أبو الطيب أحمد بن عثمان حضرت عند أبي جعفر الترمذي فسأله سائل عن حديث النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الله ينزل إلى سماء الدنيا)) فالنزول كيف يكون يبقى فوقه علو؟ فقال أبو جعفر الترمذي: البنزول معقول، والكيف مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة.

وأبو جعفر هذا اسمه محمد بن أحمد بن نصر، وكان من كبار فقهاء الشافعية ومن أهل العلم والفضل والزهد في الدنيا أثنى عليه الدارقطني وغيره، وقد قال في النزول كما قال مالك رحمه الله في الاستواء، وهكذا القول في سائر الصفات.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير