تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقالَ فِي ذكرِ مقالةِ السالميَّة: «ومنْ قولهم إنَّ الله تَعَالَى فِي كلِّ مكانٍ، وَلاَ فرقَ بينَ العرشِ وغيرهِ مِنَ الأمكنةِ. قَالَ: وفي القرآنِ تكذيبهم، قَالَ الله عزَّ وجلَّ: {الرَّحْمَانُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى *} [طه: 5] وَلاَ يُقَالُ عَلَى الأرضِ استوى، وَلاَ عَلَى بطونِ الجبالِ وغيرِ ذَلِكَ مِنَ الأمكنةِ» [45].

تنبيه: قال ابنُ حجر الهيتمي في الفتاوى الحديثية (1/ 145): وإياك أن تغتر أيضاً بما وقع في [الغُنْية] لإمام العارفين وقطب الإسلام والمسلمين الأستاذ عبد القادر الجيلاني، فإنه دسَّه عليه فيها مَنْ سينتقم اللَّهُ منه وإلا فهو برىء من ذلك.

وهذا الكلامُ أوهى من خيوط العنكبوت وعارٍ من الصحةِ وقائمٍ على جرفٍ هارٍ.

وكلامُ الجيلاني في إثبات الجهةِ والعلو لله تعالى ذكرهُ ابنُ تيمية في أكثر من موضع من كتبهِ [46]، والذهبي في «العلو» [47]، وابن القيم في «اجتماع الجيوش الإسلامية» [48]، وابن رجب في «الذيل على طبقات الحنابلة» [49]. فهل تواطأ هؤلاء الأمة الكبار على الكذب على هذا الإمام؟! سبحانك هذا بهتانٌ مبين.

101 - ابنُ رشد المالكيُّ (595هـ)

قالَ ابنُ رشدٍ رحمه الله: «القولُ بالجهةِ: وأمَّا هذهِ الصِّفَةُ فلمْ يزل أهلُ الشَّريعةِ منْ أولِ الأمرِ يثبتونها لله سبحانه وتعالى، حتَّى نَفَتْها المعتزلةُ ثمَّ تبعهم على نفيِّها متأخرو الأشعريةِ، ... وظواهرُ الشَّرعِ كلُّها تقتضي إثباتَ الجهةِ مثلُ قولهِ تعالى: {يُدَبِّرُ الأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ *} [السجدة: 5]، ومثل قوله تعالى: {تَعْرُجُ الْمَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ} [المعارج: 4] ومثلُ قولهِ تعالى: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ *} [الملك: 16]، إلى غيرِ ذلكَ من الآياتِ، التي إنْ سُلِّطَ عليها التأويلُ عادَ الشَّرعُ كلُّهُ مُؤَوَّلًا، وإنْ قيلَ فيهَا إنَّها من المتشابهاتِ عادَ الشَّرْعُ كُلُّهُ مُتَشَابِهًا؛ لأنَّ الشرائعَ كلَّها مَبْنِيَّةٌ على أنَّ اللهَ في السَّماءِ، وأنَّ منهُ تنزلُ الملائكةُ بالوحي إلى النبيينَ، وأنَّ مِنَ السماءِ نزلتِ الكتبُ، وإليهَا كانَ الإسراءُ بالنبيِّ، حتَّى قربَ من سدرةِ المنتهى. وجميعُ الحكماءِ قَدِ اتَّفقوا أنَّ اللهَ والملائكةَ في السَّماءِ، كما اتَّفَقَتْ جميعُ الشرائعِ على ذلكَ» [50].

102 - المقدسيُّ (600هـ)

قال الإمامُ الحافظُ عبدُ الغنيِّ بنُ عبد الواحد المقدسيُّ في كتاب «الاقتصاد في الاعتقاد»:

«مِنْ صفاتِ الله تعالى التي وصفَ بها نفسَهُ، ونطقَ بهَا كتابهُ، وأخبرَ بها نبيُّه: أنَّهُ مُسْتَوٍ على عَرْشِهِ كما أخبرَ عنْ نفسهِ، ثمَّ ذكرَ آياتِ الاسْتِوَاءِ السبعِ إِلَى أنْ قَالَ:

فهذهِ سبعةُ مواضعَ أخبرَ الله فيهَا سبحانهُ أنَّهُ على العرشِ.

ثمَّ ساقَ جملةً مِنَ الأحاديثِ في ذلكَ إلى أنْ قالَ:

وفي هذهِ المسألةِ أدلَّةٌ مِنَ الكتابِ والسنَّةِ يطولُ بذكرهَا الكتاب.

ومُنْكِرُ أَنْ يَكُونَ اللهُ في جِهَةِ العُلُوِّ بعدَ هذهِ الآياتِ والأحاديثِ مُخَالِفٌ لكتابِ اللهِ، مُنْكِرٌ لِسنَّةِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم» [51].

103 - القرطبيُّ (677هـ)

قالَ الإمامُ القرطبيُّ رحمه الله في تفسيرِ قوله تعالى: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [الأعراف: 54]: «هذهِ مسألةُ الاستواءِ، وللعلماءِ فيها كلامٌ وإجراءٌ .. والأكثرُ مِنَ المتقدِّمينَ والمتأخِّرينَ أنَّه إذا وجبَ تنزيهُ الباري سبحانهُ عَنِ الجهةِ و [التحيزِ] فمنْ ضرورةِ ذلكَ ولواحقهِ اللازمةِ عليهِ عندَ عامةِ العلماءِ المتقدمينَ وقادتهم مِنَ المتأخرينَ تنزيههُ تبارك وتعالى عَنِ الجهةِ، فليسَ بجهةِ فوق عندهم، لأنَّه يلزمُ منْ ذلكَ عندهم متَّى اختصَّ بجهةٍ أنْ يكونَ في مكانٍ أو حَيِّزٍ، ويلزمُ على المكانِ والحَيِّزِ الحركةُ والسكونُ للمُتَحَيِّزِ، والتغيرُ والحدوثُ. هذا قول المُتَكَلِّمِينَ. وقدْ كانَ السَّلفُ الأولُ رضي الله عنهم لا يقولونَ بنفيِّ الجهةِ ولا ينطقونَ بذلكَ، بلْ نطقوا هم والكآفَّةُ بإثباتها لله تعالى كمَا نطقَ كتابهُ وأخبرتْ رسلهُ. ولم ينكرْ أحدٌ مِنَ السَّلفِ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير