تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قالَ الخَطِيبُ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الشِّرْبِينِيُّ (ت: 977هـ): (وذهبَ قومٌ إلى أنَّ المُرادَ بالنَّاسِ هنا الجنُّ سُمُّوا ناسًا كما سُمُّوا رجالاً في قولِهِ تَعَالَى {وَأنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ} وكما سُمُّوا نفرًا في قولِهِ تَعَالَى {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ} وكما سُمُّوا قومًا، نقلَ الفَرَّاءُ عنْ بعضِ العربِ أنَّهُ قَالَ وهوَ يُحَدِّثُ: جاءَ قومٌ منَ الجنِّ فوقفوا فقيلَ: مَن أنتمْ؟ فقالوا: ناسٌ منَ الجنِّ، فعلى هَذَا يكونُ، (والناسُ) عطفٌ على الجِنَّةِ يكونُ التَّكريرُ لاختلافِ اللَّفظينِ). [تفسير القرآن الكريم: 4/ 616]

قالَ الخَطِيبُ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الشِّرْبِينِيُّ (ت: 977هـ): (وَقِيلَ: إنَّ إبليسَ يُوسوسُ في صدورِ الجِنِّ كما يوسوسُ في صدورِ النَّاسِ فعلى هَذَا يكونُ في صدورِ النَّاسِ عامًّا في الجميعِ، ومنَ الجِنَّةِ والنَّاسِ بيانًا لِما يُوسوِسُ في صدورِهم). [تفسير القرآن الكريم: 4/ 616]

قالَ أَبُو السُّعُودِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ العِمَادِيُّ الحَنَفِيُّ (ت: 982هـ): ({مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ}: بَيَانٌ للَّذِي يُوَسْوِسُ عَلَى أَنَّهُ ضَرْبَانِ: جِنِّيٌّ وَإِنْسِيٌّ، كَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {شَيَاطِينِ الإِنْسِ وَالْجِنِّ}. أَوْ مُتَعَلِّقٌ بِـ {يُوَسْوِسُ}؛ أَيْ: يُوَسْوِسُ فِي صَدْرِهِمْ مِنْ جِهَةِ الْجِنِّ وَمِنْ جِهَةِ الإنسِ.

وَقَدْ جُوِّزَ أَنْ يَكُونَ بَيَاناً لِلنَّاسِ عَلَى أَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى الْجِنِّ أَيْضاً حَسَبَ إطلاقِ النَّفَرِ والرِّجَالِ عَلَيْهِمْ، وَلا تَعْوِيلَ عَلَيْهِ، وَأَقْرَبُ مِنْهُ أَنْ يُرَادَ بالنَّاسِ النَّاسِي، وَيُجْعَلَ سُقُوطُ الْيَاءِ كَسُقُوطِهَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ}، ثُمَّ يُبَيِّنُ بالجِنَّةِ والنَّاسِ؛ فَإِنَّ كُلَّ فَرْدٍ مِنْ أفرادِ الْفَرِيقَيْنِ مُبْتَلًى بِنِسْيَانِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى إِلاَّ مَنْ تَدَارَكَهُ شَوَافِعُ عِصْمَتِهِ وَتَنَاوَلَهُ وَاسِعُ رَحْمَتِهِ، عَصَمَنَا اللَّهُ تَعَالَى مِن الغَفْلَةِ عَنْ ذِكْرِهِ، وَوَفَّقَنَا لأداءِ حُقُوقِ شُكْرِهِ). [إرشاد العقل السليم: 7/ 217]

قالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الشَّوْكَانِيُّ (ت: 1250هـ): (ثمَّ بَيَّنَ سبحانَهُ الذي يُوَسْوِسُ بأنَّهُ ضَرْبَانِ: جِنِّيٌّ، وَإِنْسِيٌّ، فَقَالَ: {مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ}. أمَّا شيطانُ الجنِّ فَيُوَسْوِسُ في صدورِ الناسِ، وَأمَّا شيطانُ الإِنسِ فَوَسْوَسَتُهُ في صدورِ الناسِ أَنَّهُ يَرَى نفسَهُ كالناصحِ المُشْفِقِ فَيُوقِعُ في الصدرِ مِنْ كلامِهِ الذي أَخْرَجَهُ مخرجَ النصيحةِ ما يُوقِعُ الشيطانُ فيهِ بِوَسْوَسَتِهِ كما قَالَ سبحانَهُ: {شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ}. وَيَجُوزُ أنْ يَكُونَ مُتَعَلِّقاً بِيُوَسْوِسُ أيْ: يُوَسْوِسُ في صدورِهِم مِنْ جهةِ الجِنَّةِ وَمن جهةِ الناسِ، وَيَجُوزُ أنْ يَكُونَ بَيَاناً للناسِ.

قَالَ الرازيُّ: وَقالَ قومٌ: {مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ} قِسْمَانِ مُنْدَرِجَانِ تحتَ قولِهِ: {فِي صُدُورِ النَّاسِ}؛ لأنَّ القدرَ المُشْتركَ بينَ الجنِّ وَالإِنسِ يُسَمَّى إِنساناً، وَالإِنسانُ أيضاً يُسَمَّى إِنْسَاناً، فيكونُ لفظُ الإِنسانِ وَاقِعاً على الجنسِ وَالنوعِ بالاشتراكِ.

وَالدليلُ على أنَّ لفظَ الإِنسانِ يَنْدَرِجُ فيهِ لفظُ الإِنسِ وَالجنِّ ما رُوِيَ أَنَّهُ جاءَ نفرٌ مِنَ الجنِّ فَقِيلَ لهم: مَنْ أَنْتُمْ؟ قَالُوا: ناسٌ مِنَ الجنِّ. وَأيضاً قدْ سَمَّاهُمُ اللَّهُ رِجَالاً في قولِهِ: [الجن: 6] {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ}. وَقيلَ: يَجُوزُ أنْ يَكُونَ المرادُ {أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} مِن {الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ} {الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ} وَ {مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ}. كأنَّهُ اسْتَعَاذَ رَبَّهُ مِنْ ذلكَ الشيطانِ الواحدِ، ثمَّ اسْتَعَاذَ بِرَبِّهِ مِنْ جميعِ الجِنَّةِ وَالناسِ.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير