تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

2 - ان يقول بقول يخالف مذهبه.

3 - ان يكون ممن علم عنه التحقيق.

وبيانُ الاول: انه مما لا يشك فيه طالب علم: ان للعلماء فنوناً يبرزون فيها، ويُعرفون بها .. فإذا كان الفقيه من أشهر العلماء ولم يعرف له كثير كلام في المعتقد؛ بل هو في الغالب مقلدٌ لغيره= فإنّ كلامَ غيره ممّن هو أقل شهرةً منه وجلالةً لكنه ممن تفنن وبرع في علوم الاعتقاد مقدمٌ ..

كأن يحتج محتج بكلام للنووي حول الاعتقاد، ومعلوم ان النووي رحمه الله جل اهتمامه في الفقه وعلومه، فيقدم مثلا غيره ممن تخصص في علوم الاعتقاد عليه ..

أو كأن يحتج انسان بحديث صححه (الغزالي)، فالغزالي مزجي البضاعة في الحديث، فلا يعارَض بكلام غيره من اهل التخصص وان كانوا متأخرين .. أو كأن يحتج بالشوكاني، والشوكانيُّ جُلُّ علمِه الحديثي مأخوذٌ من ابنِ حجر .. فهو إنما تسلط على علوم الحديث بذكائه كما ذكر ذلك أبو الفيض الغماري.

فكلامُ ابنِ تيميه رحمه الله مقدّمٌ في الاعتقاد على غيره؛ لأنه فنه الذي برع فيه ونذر له نفسه وعمره.

وكذلك المتقدم من العلماء ليس كالمتأخر في كل باب؛ فالمتقدمين لأقوالهم جلالةٌ وجزالة توجب تعظيمها ..

وبيان الثاني: أن العالم الجليل اذا خالف مذهبه الذي ذب عنه وقرره= دل ذلك على قوة دليل المخالف؛ إذ لو كان غير ذلك لما اقدم على مخالفه اصحابه ..

كاختيار النووي رحمه الله لوجوب الوضوء من لحم الابل على مذهب المحققين دون مذهب الشافعية؛ لقوة دليل الحنبلية رحمهم الله .. مع الحذر من ان بعض اهل العلم يميل الى التحقيق؛ فلا يفيد هذا كثيرا مع امثال شيخ الاسلام ابن تيميه وابن عبدالبر (فإنه يميل الى قول الشافعية اكثر من المالكية اصحابِه، حتى ظن البعض انه شافعي!!) وكذلك الصنعاني في السبل وغيره، رحمهم الله.

بيان الثالث: أن من عهد منه التحقيق يؤمن منه الميل الى المذهب في الفروع فيكون لاختياره قوة .. ألمْ ترَ اهتمام اهل العلم باختيارات ابن تيميه، وكذلك اختيارات ابن عبد البر .. وغيرهم رحمة الله على الجميع.

ثامنها: الترجيح بما عليه العمل، وينقسم الى قسمين:

الاول: الترجيح بما عليه العمل الاول.

الثاني: الترجيح بما عليه عمل الناس مطلقا.

أما القسم الاول: فهو من جنس الحكم الشرعي، وأما القسم الثاني: فهو ألصق بالفتوى وأحرى عند الحكم على النوازل وتعارض اقول اهل العلم فيها.

والترجيح بما عليه العمل الأول على درجات؛ فمن أقواها:

ما عليه عمل الصحابة في عصر ابي بكر وعمر وصدر خلافة عثمان.

ويليه ما عليه عمل الصحابة في العهد الاول زمن خلافة عثمان وعلي.

ثم ما عليه عمل اهل المدينة (على تفصيل فيه).

لأن العمل بالنص يقويه، قال شيخ الاسلام ابن تيمية: (فالنص الذي معه العمل مقدم على الآخر، وهذا هو الصحيح في مذهب احمد وغيره، كتقديم حديث عثمان: (لا ينكح المحرم) على حديث ابن عباس، وأمثال ذلك، وأما رد النص بمجرد العمل فهذا باطل عند جماهير العلماء) انتهى كلامه يرحمه الله.

فاذا اشتبهت عندك (مثلا): مسألة جواز المزارعة وحديث رافع فيها= فانظر بما جرى عليه العمل عهد الصحابة، فانك تجد ان هذا العقد عليه عمل اهل ذلك العصر بلا نكير، فيقوى هذا القول عندك بالجواز، وهذه القرينة كثيرة الاستخدام عند اهل العلم ومواضعها ظاهرة لا تخفى.

القسم الثاني:

ما عليه عمل الناس، وهو كما ذكرنا الصق بالفتوى و متعلق بالنوازل في الغالب، غير انه يصح به الترجيح عند تعارض الادلة، ولو باختلاف البلدان.

فلو اشتبهت عليك مسألة القبض بعد الرفع من الركوع (مثلا) فإنك واجد العمل على هذا في الجزيرة، فتقول به، وهذا القول بهذه القرينة ليس مرجحا لذات الامر كما يظن البعض، (وهذا ليس بشرط في احوال قرائن الترجيح وهو من الفروق المهمة بين الترجيح بالقرائن والترجيح بالدلائل).

فان هذا الترجيح قد يكون من جهة عدم مخالفة المشاع؛ لأن المخالفة مفضيةٌ إلى التفرق والتنازع، اضافة الى ان قرينة اقرار العلماء في هذا البلد على جواز الفعل قرينة ظاهرةٌ، وهو من جنس حجاج المالكية على عمل اهل المدينة.

ولجواز العلم بهذه القرينة في هذا القسم شروط منها:

1 - عدم معارضة النص.

2 - وجود العلماء الربانيين وظهور قولهم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير