تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

3 - عدم تفشى البدع وسلامة البلد واهلها (في الغالب) من اهواء المضلة والبدع المعلنة.

وهذه القرنية انما قواها (جنس الاقرار) كما تقدم فتقوى وتضعف بحسب حاله؛ فكلما قوي جانب الاقرار (كشيوع العمل بين الناس) و (القدرة على الانكار) و (وظهور العلماء وسلطان الدين) قوي جناب الاحتجاج بما عليه العمل.

فقد تقوى اذا كانت في موضع يرتاده اهل العلم او في بلد استوطنوه وظهر امرهم فيه، وقد تضعف اذا كانت بالقرى والمواضع البعيدة التي يعم فيها الجهل؛ وان كانت في داخل البلد نفسه؛ بل قد تختلف قوة وضعفا في داخل الحي نفسه.

ومن طرق الترجيح المشهورة -مما لم يذكر-:

- سلامة القول من المعارض.

- الترجيح من جهة الثبوت.

- الترجيح بطرق الدلالة، ويدخل تحتها طرق منها:

* الترجيح بالقول الموافق لقاعدة أصولية:

مثاله: قاعدة مشهورة وهي: ترك المأمور يبطل الفعل مطلقا وفعل المحظور لا يبطله اذا كان فاعله جاهلا او ناسيا.

وتأتينا مسألة رجلٍ صلى بنجاسةٍ جاهلا الحكمَ، فعندنا قولان: الاول: تبطل صلاته .. الثاني لا تبطل .. القول الثاني تعضده القاعدة الأصولية فنرجحه بذلك.

هذا إذا لمْ ينازع في القاعدة.

مثالٌ آخرَ: اذا تعارض عمومان أحدهما دخله التخصيص والاخر لم يدخله التخصيص ووجب تخصيص احدهما بالآخر فان المخصص (بالفتح) ينبغي ان يكون ما دخله التخصيص من قبل. وهذه القاعدة وجدتُ ان شيخ الاسلام رحمه الله يكثر منها في الترجيح.

من المهمات في باب (الترجيح بالقواعد الاصولية): ان القاعدة الاصولية لا يلزم ان تطبق بحرفية تامة؛ بل قد يحف بها من القرائن ما يعدل بها عن وجهها.

مثاله:

مسألة المطلق والمقيد فان المطلق اذا اطلق في موضع وقيد في موضع واتحد حكمه وسببه وجب ان يقيد مطلقه بنفس القيد.

غير انه قد يحتف بهذه القاعدة من القرائن الخارجية= ما يوجب ردها وهذا لا يتبينه الا اهلُ الفقه والفهم.

ومن هذا المطلق الذي قيد مسألة لبس الخف في النسك، فقد ثبت ان رسول الهدى قد امر من لم يجد نعلين ان يقطعهما عند الكعبين، وهذا في الصحيح.

ثم في حجة الوداع اجاز لمن لم يجد نعلين ان يحرم بخف.

فعلى القاعدة من الظاهر جدا ان يقيد هذا القول المطلق بالقول الاخر وهو قطع الخفين.

والى هذا ذهب الجمهور. وذهب الحنابلة رحمهم الله الى انه لا يلزمه القطع.

ولم يعملوا القاعدة الاصولية وهذا لنكتة لطيفة: وهي ان رسول الهدى صلى الله عليه وسلم إنما كان تقييده بالقطع في المدينة، أمّا اطلاق الأمر فكان في حجة الوداع أمام ما لا يحصى من الخلائق الذين أتو ليأخذوا نسكهم من رسول الله.

وكثير من هؤلاء من الاعراب وغيرهم ممن لم يقدم الى المدينة اصلا فكيف يبيح لهم رسول الهدى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - ان يلبسوا الخف دون قطع؟!

وما الذي يدري هؤلاء ان رسول الله قد اخبر من في المدينة قبل سنين بوجوب قطع الخف؟ وهل يليق ان لا يبين رسول الله هذا الامر لهذه الامم؟!

هذه القرينة اسقطت العمل بهذه القاعدة وهي قرينة خارجية قد يعرض كثير منها لكثير من القواعد الاصولية.

وبعضُ العلماء يتعامل مع القاعدة بنصيةٍ مفرطةٍ دون النظر في القرائن؛ ومنهم الشوكاني فانك واجدٌ هذا التقديم للقواعد الاصولية بينٌ جلي في مصنفاته .. ومنهم: أكثر المتأخرين فإنهم غير ناظرين الى القرائن التي تحف بالمسألة وقد تمنع العمل بالقاعدة رغم انْطباقها.

* الترجيح بفقه الالفاظ:

فمثلا: لفظُ المحصنة في أبواب القذف: هل المراد به المسلمة - او المتزوجة - او العفيفة، وكلها وردت في الكتاب، او هل المقصود جميعها؟!

فمن طرق الترجيح فيه: طريق الترجيح بالحقائق اللغوية، والترجيح بالضمائر، وفقه السياق.

ومنها: الترجيح بالعمومات؛ فمثلاً: مسألة الماء:

اذا كان عندنا قولين: احدهما يقول: ان الماء المتغير بما لا يشق الاحتراز عنه لا يصح به التطهر؛ كما هو مشهور عن الحنابلة والشافعيه.

والقول الثاني: انه ما دام قد دخل تحت لفْظِ (ماء) فيصح به التطهر، فيدخل تحته ما تغير بما لا يشق التحرز عنه.

رجّحنا القولَ الثاني؛ اذ انا استخدمنا العموم على وجهه، ولم نخرج شيئا من افراد اللفظ.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير