ـ[أبو بكر بن عبدالوهاب]ــــــــ[29 - 04 - 04, 03:32 م]ـ
جزاكم الله تعالى خيرا شيوخنا الكرام
قاعدة خبر المثبت مقدم على النافي تحتاج إلى دقة في التعامل معها
هذه القاعدة لا يُركن إليها دائما لأن النافي إن نفى الأمر عن دليل عنده عاينه بنفسه فإنه والحالة هذه يتساوى مع المثبت فتلزم المعارضة بينهما فلا يقضى لأحدهما على الآخر إلا بالدليل وحينئذٍ ينظر كيف درء هذا التعارض وقواعد ذلك معروفة مبسوطة في مواضعها.
ما يهمنا ههنا أن النافي إن لم يكن لديه دليل يقطع به فالمقدم المثبت ومثاله لم يصل رسول الله صلى الله عليه وسلم في الكعبة (هذا قول النافي) وقال (المثبت) بل صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الكعبة عام الفتح، في هذه المسألة يقدم قول المثبت لأنه أحاط بما لم يُحط به من نفى، لأن من أثبت رأى الواقعة وعاينها، أما من نفى فلم يرَ كل حين، على أنا لو جزمنا أن النافي لازم رسول الله صلى الله عليه وسلم كل وقته ولم يفارقه لحظة ونفى عندئذٍ يلزم التعارض لأن كليهما (النافي والمثبت) عاينا حال القضية كلها بتمام وقتها، فيطلب المخرج وكما تقدم طريقته مبسوطة في مواضعها.
المسألة الآن:
عمل الصلاة محصور في ركعتين أو أربع مثلا، النافي قال لم يرفع، وقال المثبت كان يرفع، في هذه المسألة لا يصح إعمال هذه القاعدة إذ فيها تعسف في الحكم على أحدهما بلا دليل، إذ النافي راقب صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم كاملة (ركعتين أو ثلاث) ولم يره يرفع، وكذا المثبت راقب صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم كاملة (ركعتين أو ثلاث) ورآه يرفع، فلا يصح ههنا تقديم خبر المثبت على النافي (بشرط صحتهما جميعا) لأن كليهما عاين تمام القضية، فيلزم حينئذ ٍ درء التعارض، والله تعالى أعلم.
ملاحظة:
كتبت هذا الكلام من فهمي لهذه المسألة ولا أذكر الآن موضعه، لكنه فيما أذكر لأحد أئمة الحنفية ذكره عند مسألة رفع اليدين والخلاف فيها مشهور.
أنا ما قصدت في هذه المداخلة الكلام عن المسألة المطروحة أو غيرها بل أردت التنبيه إلى هذه القاعدة حتى لا نظنها مسلمة.
أخوكم المحب أبو بكر ماهر بن عبد الوهاب علوش.
ـ[مصطفى الفاسي]ــــــــ[29 - 04 - 04, 04:19 م]ـ
إضافة إلى ما قاله مشايخنا الكرام في مسألة تقديم المثبِت على النافي،
إن مسألة ملازمة الصحابي للنبي صلى الله عليه وسلم ليس كافيا في تقديم روايته عند النفي، ولقد نفى أنس رفع اليدين في غير الاستسقاء (وقد خدم النبي عشر سنسن) مع أنه تواترت الروايات برفعه صلى الله عليه وسلم في غير ما موضع وخير شاهد على ذلك جزء الإمام البخاري في الرفع، وجمع ذلك النووي في المجموع،،، إذن فمن نقدم؟؟؟ وفي الرواة غالبا من لم يكن ملازما للنبي صلى الله عليه وسلم.
في حين أن في الإثبات لمن لازم النبي صلى الله عليه وسلم، نقدمه كما أثبت علي شرب النبي قائما كما في البخاري، ولا نعمل قوائد الترجيح حينئذ ونعمل قواعد الجمع، ومنها أنه صلى الله عليه وسلم فعل ذلك لبيان جواز الشرب قائما، (وقد أخطأ من قال إن ذلك مكروها، فالنبي هو المشرع ولا يمكن أن نمشي عليه قواعدنا)،
ومن ضوابط هذه القاعدة: ضابط كثرة العدد:
مسح الوجه بعد الدعاء مردود لأن رواة رفع اليدين لم ينقلوه وهم كثرة، هذا على ضعف الحديث وليس كما ذهب الحافظ في بلوغ المرام.
ووضع اليدين على الأرض عند القيام في حديث مالك بن الحويرث وأبي حميد الطويل تفيد الجواز عند الحاجة كما قال بان القيم رحمه الله لأن الصلاة من العبادات الظاهرة ولو كان ذلك من سنته وعادته لنقل ذلك جمع من الصحابة.
وحديث أنس المتقدم هو من نفس ما ذكرت إلى أنه معكوس الحالة.
والله أعلم
ـ[أبو خالد السلمي.]ــــــــ[29 - 04 - 04, 04:20 م]ـ
أخي الكريم الشيخ أبا بكر بن عبد الوهاب _ حفظه الله _
ما ذكرتموه له وجهٌ لو كان النافي ينفي عن صلاة بعينها في يوم بعينه والمثبت يثبت ذلك لنفس هذه الصلاة المعينة في نفس ذلك اليوم المعين.
لكن الواقع هنا أن النافي ينفي عن عموم صلاة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، والعادة أن الصحابي يدرك بعض الصلوات مع النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ويفوته بعضها، فقد كان في المدينة عدة مساجد في عهده - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تقام فيها الصلوات الخمس، وحتى فيما أدركه قد يكون بعيدا فلا يرى بعض تفاصيل أفعال الصلاة.
ألا ترى أن ابن مسعود 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - مع طول ملازمته للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وكثرة ما شهد من الصلوات معه خفي عليه أن التطبيق في الركوع منسوخ وأن السنة وضع الكفين على الركبتين في الركوع؟
وعليه فإن قول صحابيٍّ:"لم يفعل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كذا في صلاته"، وقول صحابيٍّ آخر: "بل فعله"، يحمل على أنه فعله أحيانا وتركه أحيانا، فروى كلٌّ ما شهده، والله أعلم.
¥