تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

كل معاملة ولنوعها ولمتوسط أرباحها، وأن تحديد الربح مقدما فيه فائدة للطرفين فالعميل يعرف حقه معرفة خالية من الجهالة، وفيه منفعة للقائمين علي إدارة هذه البنوك لأن هذا التحديد يجعلهم يجتهدون في عملهم وفي نشاطهم حتى يحققوا ما يزيد علي الربح الذي حددوه لصاحب المال، وحتى يكون الفائض بعد صرفهم لأصحاب الأموال حقوقهم حقا خالصا لهم في مقابل جدهم ونشاطهم)).

والحق أن الإنسان ليعجب من إصرار الشيخ طنطاوي على موقفه هذا مع مخالفته لما أجمعت عليه المجامع الفقهية المعتبرة في العالم الإسلامي، من اعتبار تلك الفوائد من قبيل الربا المحرم، ومن ذلك ما سبقت الإشارة إليه من مقررات مجمع البحوث الإسلامية، كما أصدر مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي في دور انعقاده الثاني سنة 1406هـ قراراً بشأن التعامل مع التعامل المصرفي بالفوائد يتضمن أن ((كل زيادة أو فائدة على الدين الذي حل أجله وعجز المدين عن الوفاء به مقابل تأجيله، وكذلك الزيادة أو الفائدة على القرض منذ بداية العقد هاتان الصورتان محرمتان شرعاً)

وكذا ناقش مجلس المجمع الفقهي برابطة العالم الإسلامي بدورته التاسعة عام 1406هـ هذا الموضوع وانتهى إلى حرمة الفوائد الربوية مبيناً أن المؤتمرات والندوات الاقتصادية التي عقدت في أكثر من بلد إسلامي قررت حرمة تلك الفوائد بالإجماع، وأثبتت إمكان قيام بدائل شرعية عن البنوك والمؤسسات القائمة على الربا، وعليه فقد قرر المجلس أنه ((يجب على المسلمين كافة أن ينتهوا عما نهى الله عنه من التعامل بالربا أخذاً وعطاءً، والمعاونة عليه بأي صورة من الصور حتى لا يحل بهم عذاب الله، ولا يأذنوا بحرب من الله ورسوله)

كما قرر المجمع أنه ينظر بعين الارتياح والرضا إلى قيام المصارف الإسلامية التي هي البديل الشرعي للمصارف الربوية ... ويدعو المجلس المسلمين في كل مكان إلى مساندة هذه المصارف وشد أزرها وعدم الاستماع إلى الشائعات المغرضة التي تحاول التشويش عليها وتشويه صورتها بغير حق)).

بل إن شيخ الأزهر وهو رئيس مجمع البحوث الإسلامية قد تجاهل –طبقاً لما ذكرت جريدة الأسبوع في عددها الصادر في الخامس من شوال 1423هـ نقلاً عن مصادرها بالمجمع – تجاهل اللجنة الفقهية المختصة ببحث هذه القضية والمكونة من الدكتور محمد رأفت عثمان أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر والدكتور عبد الفتاح الشيخ رئيس جامعة الأزهر السابق والدكتور محمد حامد جامع وكيل الأزهر السابق، كما اكتفى شيخ الأزهر بدعوة ثلاثة وعشرين عضواً فقط من أعضاء المجمع للاجتماع من أجل إصدار هذه الفتوى، وافق عليها منهم عشرون عضواً فقط، في حين يشترط قانون الأزهر موافقة المجمع على الفتاوى بأغلبية أعضائه الخمسين، وهذا يعني أن هذه الفتوى لا يمكن أن تكون ممثلة لرأي المجمع الذي صدرت باسمه، وإنما هي تعبر فقط عن رأي شيخ الأزهر، وهؤلاء الذين لفوا لفه وارتضوا طريقته.

وقد رأيت من باب بيان الحق والنصح للمسلمين أن أقف وقفات يسيرة مع هذه الفتوى الجديدة مبيناً باختصار وقدر الطاقة ما تحويه من المخالفة للأصول الشرعية المعتمدة، فأقول وبالله التوفيق:

أولاً: ليست هذه وكالة

إننا نقول إنه لا يمكن -والله أعلم- اعتبار العلاقة بين العميل والبنك علاقة وكالة شرعية،وذلك لأن العقد الذي يكون بين البنك والعميل لا ينص على أن العميل قد وكل البنك في استثمار أمواله نظير كذا من المال،وإنما ينص على أنه قد سلم للبنك مبلغ كذا على أن يرده له بفائدة سنوية قدرها كذا،فأي وكالة في هذا؟ ثم إن البنك يتملك هذه النقود ويتصرف فيها كيفما شاء ولو تلفت فإنه مسؤول عنها، بينما يد الوكيل في الفقه الإسلامي يد أمانة بمعنى أنه إن تلف منه المال دون تفريط ولا مخالفة لموكله فإنه ليس مسؤولاً عن رده.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير