روى هذا الحديث يحيى في الموطأ عن مالك عن عبدالرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة هكذا قالت خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث حرفا بحرف، ثم أردفه بحديث مالك عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة، ولم يذكر في إسناد ابن شهاب عن عروة عن عائشة أكثر من قوله:بمثل ذلك، عطفا على حديث عبدالرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة كما ذكرنا لفظه وسياقته هنا
((وهذا شيء لم يتابع يحيى عليه أحد من رواة الموطأ فيما علمت)) ولا غيرهم عن مالك أعني إسناد عبدالرحمن بن القاسم في هذا المتن، وإنما رواه أصحاب مالك كلهم كما ذكرنا عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة إلى قوله وأما الذين كانوا أهلوا بالحج فلم يذكروه وقالوا وأما الذين جمعوا الحج والعمرة،
ورووا كلهم ويحيى معهم عن مالك عن عبدالرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة أنها قالت قدمت مكة وأنا حائض فلم أطف بالبيت ولا بين الصفا والمروة فشكوت ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال (افعلى ما يفعل أن لا تطوفي بالبيت)
وسنذكر هذا الحديث في باب عبدالرحمن ونذكر الاختلاف في ألفاظه عن مالك وغيره هناك إن شاء الله.
فحصل ليحيى حديث هذا الباب بإسنادين (ولم يفعل ذلك أحد غيره)، وإنما هو عندجميعهم عن مالك بإسناد واحد عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة ((وهو المحفوظ)) ((المعروف)) عن مالك وسائر رواة ابن شهاب.
ومن الرواة عن مالك في غير الموطأ طائفة اختصرت هذا الحديث عن مالك عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة، فجاءت ببعضه، وقصرت عن تمامه، ولم تقم بسياقته،منهم عبدالرحمن بن مهدي، وأبو سعيد مولى بني هاشم، وموسى بن داود، وإبراهيم بن عمر بن أبي الوزير أبو المطرف، ويحيى بن زكريا بن أبي زائدة،ذكر ذلك الدارقطني;
وكذلك رواه عبدالله بن وهب.
وألفاظهم أيضا مع اختصارهم للحديث مختلفة:
فلفظ حديث ابن مهدي بإسناده عن عائشة (أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين طافوا بالبيت وبين الصفا والمروة ثم طافوا طوافا آخر بعد أن رجعوا من منى لحجهم والذين قرنوا طافوا طوافا واحدا)
ولفظ حديث أبي سعيد مولى بني هاشم بإسناده عن عائشة قالت (كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين لبوا من مكة لم يطوفوا حتى رجعوا من منى)
ولفظ حديث موسى بن داود عن مالك بإسناده عن عائشة قالت (إن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الذين كانوا معه لم يطوفوا حتى رموا الجمرة)
ولفظ ابن وهب حين اختصره قال أخبرني مالك عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة قالت: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأهللت بعمرة فقدمت مكة وأنا حائض فشكوت ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال (أهلي بالحج ودعي العمرة)
فلما قضينا الحج أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم مع عبدالرحمن بن أبي بكر فاعتمرت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (هذه مكان عمرتك)، فهذه رواية ابن وهب المختصرة لهذا الحديث،وقد رواه بتمامه كما رواه سائر رواة الموطأ.
وكل من رواه عن مالك بتمامه أو مختصرا لم يروه عنه الا بإسناد واحد عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة ((إلا يحيى صاحبنا)) فإنه رواه بإسنادين عن عبدالرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة وعن ابن شهاب عن عروة عن عائشة فأعضل.
قال أبو عمر:
ذكر أبو داود حديث ابن شهاب عن عروة عن عائشة هذا عن مالك، وذكر البخاري في موضع من كتابه عن مالك، وفي موضع آخر عن عبدالله بن يوسف التنيسي عن مالك أتم.
((وليس في شيء منها ما ذكره يحيى أيضا من قول عائشة (((وأما الذين أهلوا بالحج أو جمعوا الحج والعمرة فإنما طافوا طوافا واحدا))) وإنما في روايتهم كلهم وأما الذين جمعوا الحج والعمرة فإنما طافوا طوافا واحدا ولم يذكروا الذين أهلوا بالحج وذكره يحيى بالإسناد الذي ذكرنا ثم عطف عليه ما وصفنا،
(((وقال أبو داود في (بعض النسخ) بأثر حديث مالك عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة قال: وكذلك رواه إبراهيم بن سعد ومعمر عن ابن شهاب نحوه، ولم يذكرا طواف الذينأهلوا بالعمرة، وذكرا طواف الذين جمعوا الحج والعمرة))
قال أبو عمر:
¥