ـ[أبو عبدالله النجدي]ــــــــ[28 - 01 - 03, 12:32 ص]ـ
أخي الفاضل: النسائي ..... بوركت على هذه النقول النفيسة .....
ولا زالت المسألة تحتاج إلى مزيد تأمل .......... فسبحان الله
# قولك: (وما يمنع أن يكون المتمتع مخيّر بين أن يسعى لحجه أو يترك ذلك مكتفيا بسعيه الأول) اهـ
الذي فهمت من كلامك أنك ترى استحباب السعي للمتمتع، وهذا غريب، إذ لا سعيَ مستحباً في الإسلام، أما الطواف فمنه فرض، ومنه مستحب، وأما السعي فليس إلا الوجوب أو عدم المشروعية، فالقول باستحباب السعي في مسألتنا يفتقر إلى أصل يُبنَى عليه، هذا على مذهب عامة أهل العلم إلا من شذ، وقد قال بعض الفقهاء باستحباب السعي في الحج والعمرة، والدليل بخلافه، وليس له ما يعتمد عليه.
# تبويب النسائي: أورد فيه النسائي خبر جابر بلفظ " لم يطف النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأصحابه بين الصفا والمروة إلا طوافاً واحداً ".
قلت: وهذا اللفظ غير صريح، إضافة إلى أن المؤلف لم يجزم بالحكم، وإنما أورده سؤالاً، فقال: " كم طواف ... الخ "، ومعلوم أن هذه الصيغة تقال عند التردد، وعدم الجزم، أو عند إيراد حجة أحد المختلفين فحسب، فلا يمكننا نسبة هذا القول إلى أبي عبدالرحمن ـ رحمه الله ـ.
وقد بوّب عليه النووي في شرحه بقوله " باب بيان أن السعي لا يكرر "، و قال في شرحه: فيه دليل على أن السعي في الحج أوالعمرة لا يتكرر، بل يقتصر منه على مرة واحدة، ويكره تكراره، لأنه بدعة.
"""""""""""""""""""""""""""
# وهذا نقلٌ مهمٌّ في المسألة من كتاب التحقيق والإيضاح للشيخ عبدالعزيز بن باز ـ رحمه الله ـ:
قال الشيخ عبدالعزيز بن باز ـ تغمّده الله برحمته ـ:
(ثم بعد الطواف وصلاة الركعتين خلف المقام يسعى بين الصفا والمروة إن كان متمتعا، وهذا السعي لحجه والسعي الأول لعمرته.
ولا يكفي سعي واحد في أصح قول العلماء لحديث عائشة قالت: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت الحديث وفيه فقال: من كان معه هدي فليهل بالحج مع العمرة ثم لا يحل حتى يحل منهما جميعا إلى أن قالت فطاف الذين أهلوا بالعمرة بالبيت وبالصفا والمروة ثم حلوا ثم طافوا طوافا آخر بعد أن رجعوا من منى لحجهم رواه البخاري ومسلم.
وقولها رضي الله عنها عن الذين أهلوا بالعمرة: " ثم طافوا طوافا آخر بعد أن رجعوا من منى لحجهم "، تعني به الطواف بين الصفا والمروة على أصح الأقوال في تفسير هذا الحديث، وأما قول من قال أرادت بذلك طواف الإفاضة فليس بصحيح لأن طواف الإفاضة ركن في حق الجميع وقد فعلوه، وإنما المراد بذلك ما يخص المتمتع وهو الطواف بين الصفا والمروة مرة ثانية بعد الرجوع من منى لتكميل حجه، وذلك واضح بحمد الله وهو قول أكثر أهل العلم ويدل على صحة ذلك أيضا ما رواه البخاري في الصحيح تعليقا مجزوما به عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سئل عن متعة الحج فقال: (أهل المهاجرون والأنصار وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع وأهللنا فلما قدمنا مكة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اجعلوا إهلالكم بالحج عمرة إلا من قلد الهدي فطفنا بالبيت وبالصفا والمروة وأتينا النساء ولبسنا الثياب. وقال من قلد الهدي فإنه لا يحل حتى يبلغ الهدي محله، ثم أمرنا عشية التروية أن نهل بالحج فإذا فرغنا من المناسك جئنا فطفنا بالبيت وبالصفا والمروة). انتهى المقصود منه وهو صريح في سعي المتمتع مرتين والله أعلم.
وأما ما رواه مسلم عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لم يطوفوا بين الصفا والمروة إلا طوافا واحدا. طوافهم الأول فهو محمول على من ساق الهدي من الصحابة لأنهم بقوا على إحرامهم مع النبي صلى الله عليه وسلم حتى حلوا من الحج والعمرة جميعا. والنبي صلى الله عليه وسلم قد أهل بالحج والعمرة وأمر من ساق الهدي أن يهل بالحج مع العمرة وألا يحل حتى يحل منهما جميعا والقارن بين الحج والعمرة ليس عليه إلا سعي واحد كما دل عليه حديث جابر المذكور وغيره من الأحاديث الصحيحة.
وهكذا من أفرد الحج وبقي على إحرامه إلى يوم النحر ليس عليه إلا سعي واحد، فإذا سعى القارن والمفرد بعد طواف القدوم كفاه ذلك عن السعي بعد طواف الإفاضة وهذا هو الجمع بين حديثي عائشة وابن عباس وبين حديث جابر المذكور وبذلك يزول التعارض ويحصل العمل بالأحاديث كلها.
ومما يؤيد هذا الجمع أن حديثي عائشة وابن عباس حديثان صحيحان وقد أثبتا السعي الثاني في حق المتمتع وظاهر حديث جابر ينفي ذلك والمثبت مقدم على النافي كما هو مقرر في علمي الأصول ومصطلح الحديث والله سبحانه وتعالى الموفق للصواب، ولا حول ولا قوة إلا بالله.) اهـ من كتاب " التحقيق والإيضاح ".
"""""""""""""""""""""""""""""""""""
اللهم هب لنا من أمرنا رشدا، وأرنا مناسكنا، وتب علينا، إنك أنت التواب الرحيم.
¥