ـ[عبدالرحمن الفقيه.]ــــــــ[28 - 01 - 03, 10:28 ص]ـ
بسم الله
قولك أخي الفاضل (1) إن المراد بالتمتع: هو الإتيان بالعمرة في أشهر الحج، والفراغ من أعمالها، ثم التحلل منها (الحلَّ كله)، ثم الإحرامُ بالحج من عامه، وهذا ما يفيده حرف الجر (إلى) في قوله ـ تعالى وتقدّس ـ " فمن تمتع بالعمرة إلى الحج .. " الآية، وبهذا تكونُ أعمالُ الحج منفصلةً عن أعمال العمرة البتَّةَ، في التمتع خاصة. ولذا فإن أعمال عمرة المتمتع لا تجزئه عن حجه، لانفصال أعمالهما، خلافاً للقران فعمرته دخلت في الحج دخولاً تاماً، فلم نلزمه إلا بطواف واحد، وسعي واحد.
يضاف إليه قول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لهم في ذي الحليفة " من أحب أن يهلّ بعمرة فليفعل .. "الحديث، فالمتمتع يبدأ بأعمال العمرة، ولا يُدخِلُ أعمال الحج عليها، فإحرامه وطوافه وسعيه وتقصيره إنما هي أعمال العمرة فحسب، كما تدل عليه ظواهر هذه النصوص وغيرها، ومنه حديث " لمََا سقت الهدي ولجعلتها عمرة " الحديث.
يجاب على ذلك بأن يقال
كلامك في التفريق بين التمتع والقران جيد في الجملة، وإن كان بعض العلماء من السلف كان يسمى القران تمتع ويسمون التمتع (التمتع الخاص) تفريقا بينه وبين التمتع، وتجد هذا في إجوبة العلماء حول نسك النبي صلى الله عليه وسلم فمن قال إنه كان متمتعا فيقصد به القران
وانظر كلام ابن القيم رحمه الله في الهدي حول هذه المسألة
فكون الرجل يهل بعمرة منفصلة أو يقرنها مع الحج لايخرجه ذلك عن اسم التمتع، لأنه تمتع بإسقاط أحد السفرين، فبدلا من أن يسافر سفرة خاصة للعمرة وسفرة خاصة للحج سقط عنه أحد السفرين فجمع بين الحج والعمرة في سفرة واحدة وهذا يصدق على القارن والمتمتع، فمرة القارن تجزئه عن عمرة الإسلام وكذلك المتمتع، فليزمه الهدي
ولعل من أوضح الفروق بين التمتع (الخاص) والقران أن القارن لايحل بعد أن يطوف للقدوم ويسعى بل يبقى بإحرامه حتى ينحر هديه، وأما المتمتع فيحل بعد الطواف والسعي وهذا لمن لم يسق الهدي، أماإذا ساق الهدي فلا يحل حتى ينحر
فكلا من التمتع (الخاص) والقران تسمى تمتعا فقد ترفه بإسقاط أحد السفرين ولذلك وجب عليه (دم جبران) لإسقاط احد السفرين، وهذا هو الصحيح أنه (دم جبران) فتأمل قوله تعالى (فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي) لترفهه بإسقاط أحد السفرين عنه
فالتفريف بين التمتع (الخاص) والقران هو أن هذا يحل وهذا لايحل، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم (لولا أني سقت الهدي معي لحللت)
ثم قلت سلمك الله
2) بالنسبة إلى جملة " فطاف الذين أهلّوا بالعمرة ثم حلّوا، ثم طافوا طوافاً آخر بعد أن رجعوا من منى "، فظاهر صنيع الإمام البخاري تصحيح هذه الجملة من الحديث، و لا شك أنه من أئمة هذا الشأن، فهو طبيب علل الحديث، كما وصفه صاحبه الإمام مسلم بن الحجاج، والقول بإدراجها مقابَلٌ بتصحيح هذا الإمام لها.
فيقال في الجواب عن هذا
لايلزم البخاري ومسلم رحمهما الله أن يبينا الإدراج في كل حديث، ولو تأملت الكتب التي ذكرت الإدراج لتبين لك وجود عدد من الإدراجات في الصحيحين بدون تنبيه عليها
مثلا
قول الزهري في حديث عائشة رضي الله عنها وهو في الصحيحين وهو ثاني حديث في البخاري في صفة ذهاب النبي صلى الله عليه وسلم لغار حراء فقالت (يتحنث) وهو التعبد) فقول وهو التعبد من كلام الزهري ولم ينبه عليه البخاري ومسلم
ولو رجعت إلى الأمثلة التي سقتها في أول البحث عن إدراجات الزهري لوجدت اشياء متعددة من هذا القيبل
ومنها الإدراج في سعاية العبد وهو في الصحيحين (يراجع التتبع للدارقطني ولعل قوله هو الأقرب)
قولك سددك الله
3) أما نسك عائشة رضي الله عنها فنعم وقع فيه اختلاف واضطراب، والأكثرون على أنها كانت قارنة، وليس هذا ـ أي الاضطراب ـ مختصاً بنسكها، بل وقع مثله في نسك النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأصحابه. 000
فيقال في الجواب عن ذلك
ما ذكره الحافظ ابن حجر رحمه الله فيه إشكال أيضا
فليس هناك نص صريح صحيح في أن عائشة رضي الله عنها كانت قارنه
فإن صححنا اللفظة الواردة في الصحيحين (دعي عمرتك وانقضي رأسك وامشطي شعرك) فظاهره أنها تركت العمرة أو أنها حلت منها لعجزها عن الطواف والسعي للمانع
¥