وهناك روايات في صحيح مسلم تدل على أنها فعلت مثل ما يفعل المتمتع
فقدمت مكة ودخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم وهي في مكة وقد طاف الناس وحلوا وبقيت إلى ليلة أو يوم عرفة كما في الصحيحين (خ317وم1211) فلما عجزت عن الإحلال أمرها النبي صلى الله عليه وسلم ان تفعل مثل ما يفعل الحاج فأمرها أن تفعل مثل المتمتعين فنقضت راسها وامتشطت وأهلت بالحج مثل ما يفعل المتمتع يوم التروية من الإهلال بالحج
ووما يدل على ذلك ما جاء عند مسلم (1213) عن جابر رضي الله عنه (ثم أهللنا يوم التروية، ثم دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على عائشة فوجدها تبكي فقال (ماشأنك)؟ قالت: شأني أني قد حضت، وقد حل الناس ولم احلل، ولم اطف بالبيت، والناس يذهبون إلى الحج الآن فقال (إن هذا أمر كتبه الله على بنات آدم، فاغتسلي ثم أهلي بالحج) ففعلت ووقفت المواقف، حتى إذا طهرت طافت بالكعبة والصفا والمروة ثم قال (قد حللت من حجك وعمرتك جميعا)
وقد يؤيد ذلك ما نقله ابن رجب في الفتح (2/ 107) ويراجع كلامه (2/ 103 - 107)
فالقول بأن عائشة رضي الله عنها أصبحت قارنه يحتاج إلى تأمل فالقارن إذا قدم إلى مكة يطوف ويسعى ويبقى بإحرامه حتى ينحر
فهل فعلت ذلك عائشة رضي الله عنها؟
وهل القارن يمكنه أن ياتي إلى مكة محرما ولايطوف ولايسعى إلا يوم النحر!!!
فلعل القول بأن عائشة رضي الله عنها استمرت في عمرتها وأهلت بالحج يوم التروية أو عرفه مثل ما يفل المتمتع هو الأقرب
أما ما ذكرته
) إنه وردت أحاديث تفيد أن القارن لا يلزمه إلا طواف واحد ـ أي سعي ـ، ولو كان المتمتع كذلك؛ لم يكن للتنصيص على القارن فائدة، إذ من المعلوم أن المفرد لا يلزمه إلا سعيٌ واحد، فلم يبق إلا فائدة التفريق بين المتمتع والقارن، ومن ذلك مارواه النسائي وابن خزيمة، عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ: " أن أصحاب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ الذين قرنوا طافوا طوافاً واحداً ".
فالإجابة سبقت وفقك الله في الفرق فإن هذا يحل وهذا لايحل وهذا الفرق بينهما (لولا أني سقت الهدي لحللت)
أما قولك
) أما القول بإدراج الزهري، فيجاب عنه بأنه ورد التصريح بنسبته إلى عائشة، في رواية البخاري، وكذا في رواية ابن خزيمة (خرجنا في حجة الوداع، ... قالت: فطاف ..... الخ)، فهذا تصريح بأن القائل عائشة، لا محمد بن مسلم، وقد رواه ابن خزيمة عن يونس عن ابن وهب عن مالك عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة، وهذا إسنادٌ غايةٌ في القوة كما هو ظاهر، وكذا في رواية ابن حبان أيضاً، وابن شهاب والراوي عنه ثقة متقن، وتوهيم الثقات بغير برهان لا تسعفه أصول، ولا يسعده دليل، والله أعلم.
و أما نسبه ابن تيمية القول بالإدراج إلى بعض النقاد، مع أنه لم يسمِّهم، مقابَلٌ بقول نظرائهم ممن صحح الرواية واعتبرها، والأصل يسند قول هؤلاء، والبينة على المدعي.
فيقال في الجواب عن ذلك
بالنسبة لرواية ابن خزيمة (2948) فهي مختصرة ولا تقاوم الروايات المطولة فقد يكون هذا تصرفا من المختصر حسب فهمه
وأما القول بالإدراج ففيه قوة من حيث أن حديث عائشة رضي الله عنها قد اضطرب فيه الرواة كثيرا وقد خالفه حديث جابر رضي الله عنه عند مسلم (1213 (وكفانا الطواف الأول بين الصفا والمروة)
وهو صريح جدا، ولذلك لم يأخذ الإمام أحمد بما جاء في حديث عائشة رضي الله عنها ولم يجزم بالقول به ولو صحت عنده لم يتردد
وحمل هذا على بعض أصحاب جابر فيه بعد فالأصل حمله على ظاهره
وحديث جابر رضي الله عنه من القرائن التي تدل على الإدراج فهذه بينة
وأما حديث (دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة) فهو صريح في دخول أعملها وإنما قاله النبي صلى الله عليه وسلم للمتمتعين من أصحابه، فكيف يقال إن هذا للقارن؟
وقد تبين بهذا والحمد لله ان القول بأن المتمتع لايلزمه إلا سعي واحد هو الذي يدل عليه الدليل والله أعلم
ومن احتاط وسعى سعيين فقد خرج من الخلاف، والاحتياط له شأن آخر غير الوجوب.
ـ[عبدالرحمن الفقيه.]ــــــــ[24 - 09 - 03, 09:43 ص]ـ
قال ابن رجب رحمه الله تعالى في شرح علل الترمذي (1/ 451) (وكذا قال أحمد في حديث مالك عن الزهري عن عروة عن عائشة ((أن الذين جمعوا الحج والعمرة طافوا حين قدموا لعمرتهم، وطافوا لحجهم حين رجعوا من منى))، قال: ((لم يقل هذا أحد إلا مالك، وقال: ((ما أظن مالكاً إلا غلط فيه، ولم يجئ به أحد غيره))، وقال: ((لم يروه إلا مالك، ومالك ثقة)).
ولعل أحمد إنما استنكره لمخالفته الأحاديث في أن القارن يطوف طوافاً واحداً.) انتهى.
فهذا يدل على إعلال الإمام أحمد لزيادة (فطاف الذين أهلوا بالعمرة بالبيت و بالصفا و المروة ثم حلوا ثم طافوا طوافا آخر بعد أن رجعوا من منى لحجهم و أما الذين كانوا جمعوا بين الحج و العمرة فإنما طافوا طوافا و احدا بالبيت)
فالحمد لله، وحديث ابن عباس كذلك سبق بيان علله، فتبين صحة ما ذكره ابن تيمية رحمه الله.
¥