تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

(أمَّا الأصلُ الثاني: فَيَدُلُ عَليه (قَولُه –تَعالَى-: (هُوَ الذي خَلَق لَكم ما في الأرضِ جَميعًا) [البقرة: 29]؛ أي: لِجَميع أنواع الانتفاعات، فأباح مِنها جَميع المَنافِع سِوَى ما وَرَد في الشَّرعِ المَنعُ مِنه لِضَرَرِه. وقَولُه –تَعالَى- (قُل مَن حَرَّم زينَةَ اللهِ التي أخرَجَ لِعبادِه والطَّيباتِ مِنَ الرِّزق قُل هي للذين آمَنُوا في الحياةِ الدُّنيَا خالِصَةً يَومَ القيامَة) [الأعراف: 32]؛ فأنكَرَ –تَعالَى- على مَن حَرَّم ما خَلق اللهُ لِعبادِه مِن المآكِل والمشارِب والملابِسِ وتوابِعِها.

وبيانُ ذَلِك: أنَّ العِبادَة هي ما أمِرَ به أمرُ إيجابٍ أو استحبابٍ؛ فَكُلُّ واجِبٍ أوجَبَه اللهُ ورَسولُه أو مُستَحَبٌ فهو عِبادَةٌ يُعبَدُ الله به وَحدَه ويُدانُ اللهُ به، فَمَن أوجَبَ أو استَحَبَ عِبادةً لم يَدُل عَليها الكِتابُ ولا السُّنَّة فقد ابتدَعَ دينًا لم يأذَنِ اللهُ به، وهو مَردودٌ على صاحِبِه؛ كما قال (صَلَّىَ اللهُ عَليه وَسَلَّم): "مَن عَمِل عَملا ليس عَليه أمرُنا فهو رَدٌّ" [مُتَّفَقٌ عَليه]، ومِن شُروط العِبادَة: الإخلاص لله، والمُتابَعَة لِرَسولِ الله (صَلَّىَ اللهُ عَليه وَسَلَّم) ... واللهُ –تَعالَى- هو الحاِكمُ لِعبادِه على لِسان رَسولِه (صَلَّى الله عَليه وسَلَّم)؛ فلا حُكمَ إلا حُكمه، ولا دينَ إلا دينه.

وأمَّا العادات كُلُّها: كالمآكِل والمشارِب والملابِس كُلِّها والأعمال والصنائِع والمُعاملات والعادات كُلِّها؛ فالأصلُ فيها الإباحَةُ والإطلاق؛ فَمَن حَرَّم شَيئًا لم يُحَرِّمْه اللهُ ولا رَسولُه فهو مُبتَدِع؛ كما حَرَّم المُشرِكون بَعضَ الأنعام التي أحلَّها اللهُ ورَسولُه، وكَمَن يُريد بِجَهلِه أن يُحَرِّمَ بَعضَ أنواع اللِّباس أو الصنائِع أو المُخترعاتِ الحَديثةِ بِغَير دَليلٍ شَرعيٍّ يُحَرِّمُها. فَمَن سَلَك هذا المَسلَك فهو ضالٌّ جاهِلٌ. والمُحَرَّمُ مِن هذه الأمورِ قد فُصِّلَت في الكِتاب والسُّنَّة؛ كما قال –تَعالَى-: (وَقَد فَصَّلَ لَكُم ما حَرَّم عَليكُم) [الأنعام: 119]، ولَم يُحَرِّمِ اللهُ عَلينَا إلا كُلَّ ضَارٍّ خَبيث ...

[فالحاصِلُ] أنَّ "كُلَّ مَن أمَرَ بِشَيءٍ لم يأمُر به الشَّارِعُ فهو مُبتَدِع، وكُلَّ مَن حَرَّم شَيئًا لم يُحَرِّمْه الشَّارِعُ مِن العادات فهو مُبتَدِع") اهـ نَقلا عَن الكِتاب الماتِع القَيِّم «القواعِد والأصول الجامِعَة، والفُروق والتَّقاسيم البَديعة النافِعَة» / للعلامة (عبد الرَّحمَن بن ناصِر السَّعدي) –رَحِمَه اللهُ تَعالَى، بتصَرُّف مِن "القاعِدَة السادِسَة"، واقرأها بِتمَامِها؛ فهي مُهِمَّةٌ جِدًّا!

ويَقولُ العلامةُ (ابْنُ عُثيمين) –رَحِمَه اللهُ تَعالَى- في «مَنظومَتِه»:

والأصلُ في الأشياءِ حِلَّ وامنَعِ * * * عِبادَةً إلا بإذنِ الشَّارِع

ثالِثًا: وأنا أقولُ لك –والبادي أظْلَم-: "قَولُك: الأصلُ في العِبادات الالتزامُ بالأمر"؛ ليس حَديثًا شَريفًا ولا آيةً في القُرآن وَلَم يَسبِقُك به أحَدٌ –لا مِن أهْلِ العِلم ولا مِن أهْلِ الجَهل- فيمَا أعْلَم؛ فهل أتيتَ بما لم تأتِ به الأوائِلُ! وأنا أتحداك أن تأتي لي بِدَليلٍ ولو ضَعيفٍ (ولو مِن حيث الدلالة) يُثبِتُ ما زَعمتَ! بل وأتحداكَ أن تَنجَحَ في استخدامِ هذه القاعِدَةَ المَزعومَة في استنباطِ الأحكام الشَّرعيَةِ!

رابِعًا: أقسِمُ بالله –غَيرَ حانِثٍ إن شاءَ اللهُ تَعالَى- أنَّك –رَغمَ مُعارَضَتِك للقواعِد الأصوليَة- تتعَبَّدُ اللهَ بِتلكَ القاعِدة وغَيرِها! فأنا أسألُك –على سَبيل المِثال فِقط- هَل يَجوزُ أن يؤذِنَ عَشرَةُ مؤذِنين في مَسجِدٍ واحِدٍ لِوَقتٍ واحِدٍ بِصَوتِ رَجُلٍ واحِد؟!! وماذا تَفعَلُ إذا وَجَدتَ ماءً في الطَّريق وأنتَ لا تَدري هَل هو طاهِرٌ أم لا؟!! وكيف تَتَصَرَّفُ وَقَد شَكَكتَ هل انتَقَضَ وضوءُك أم لا؟!! وهَل يَجوزُ استخدامُ الهاتِفِ أم لا؟!! وهَل ......... ؟!!!!

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير