الجواب كلا، فلا أتصور وجود ملاحظ سوى ما ذكرت، والآن أعمد لبيان ما يتعلق بالشق الثاني للعقد من الوجهة الشرعية، وبيان مدى تأثيره على العقد بكامله من حيث الصحة والجواز.
الشق الثاني، أو الجزئية الأخرى التي هي محل نظر من العلماء بارك الله عليهم.
والسؤال هل الانتهاء بالتمليك المذكور في العقد لدى تلك الشركات جاء بصيغة شرط، أو بصيغة عقد كامل معلق بشرط.
وفي الواقع لا سبيل لقول ثالث، فهو إما من قبيل الشرط، أو من قبيل العقد المعلق بشرط، ولدى التأمل نجده من قبيل العقد الموعود به أو المعلق بشرط، لأن الشروط بذاتها داخلة في صلب العقد ولها أثرها فيه بدءا من توقيعه، وهو ما لا نراه هنا فلا يسوغ اعتبار ذلك الشق من قبيل الشروط لهذا السبب وهو أنها مما لا أثر له في بدء العمل بالعقد، ولو اعتبرناه من قبيل الشروط لاحتجنا لدراسة مدى صحته ومدى ما له من أثر في صحة العقد، وهو ما أجدني في غنى عن بحثه هنا.
بقي أن الشق المذكور آنفا يعتبر عقدا معلقا على شرط، أي موعود به، وهو وإن دخل في صلب بنود تلك العقود إلا أنه من قبيل التعليق لا التنجيز، فهنا لدينا عقد إجارة، ووعد بالبيع معلق بشرط، في العقد ذاته.
وهل لهذا أي أثر في العقد برمته؟
أخي لكي تتضح الصورة أقول:
لو استأجرت سيارة أو دارا بألف ريال شهريا، ووقعت عقد الإجارة وليس في النية تملك تلك السلعة، ويقيت تسدد الإيجار لعدة أشهر، هل يقول أحد بعدم صحة هذا العقد، ثم بدا لك أن تشتري تلك السيارة أو الدار بعد تلك المدة فذهبت إلى صاحب الدار وقلت له أريد أن اشتري دارك أو سيارتك ولكن ليس لدي من المال ما يكفي الآن، وأرغب إليك أن تعدني بألا تبيعها حتى أؤمن لك قيمة السيارة مثلا، وهي عشرة آلاف ريال بعد سنة، والتزم لك بذلك خطيا، وقال لك يا أخي أعدك بذلك وألتزم لك به، وليس ذلك ملزما لك، والأمر إليك عند حلول الأجل المتفق عليه، فإن شئت اشتريت أو تركت.
هل هذا يصح عند أهل العلم؟
نعم، وهذا وعد بالبيع وليس مع من أبطله من أهل العلم دليل (وهي مسألة الوعد بالبيع المشهورة عند أهل العلم) ودليل صحتها ما ثبت من الأحاديث مما يوجب الوفاء بالوعود كقوله صلى الله عليه وسلم (آية المنافق ثلاث .. وذكر إذا وعد أخلف) المهم أن القضاء يوجبه عند الاختلاف وهو المعمول به الآن في معظم محاكم الدنيا، فأكثر العقود من العقود الموعود بها خصوصا على المستوى الصناعي وقطاع الخدمات، فأنت تستقدم ألف عامل بعقد موعود به غير منجز ولا يبدأ أثره إلا في وقت لاحق، فهل يوجد اليوم من لا يلزم به من أهل العلم (هذا قضاء)،فحين يصح العقد الموعود به ويلزم العمل به عند حلول الأجل المتفق عليه في هذه الصورة الأخرى، فما المانع الشرعي أن يصح العمل به حين نضم الورقتين معا، أعني في المثال السابق عقد التأجير، المنجز، وعقد البيع الموعود به، فنحن لم نزد أن جمعنا بين العقدين المنجز وهو الإجارة والموعود به وهو البيع في ورقة واحدة، وحين لا يصح ذلك ويصح في ورقتين منفصلتين هذا ما لا نفهمه.
قد يقال بل هو عين ما ثبت نهي الرسول ? عنه من حديث أبي هريرة قال إن النبي ? نهى عن بيعتين في بيعة،وكذا ما جاء عن ابن مسعود في النهي عن صفقتين في صفقة، وهو وإن كان الأصح وقفه إلا أنه بمعنى الذي قبله،فما هو الجواب عن ذلك، وإذا لم يكن جواب صحيح فلا ريب عندها للقول بعدم صحة هذا العقد برمته، لأنه من باب بيعتين في بيعة.
والجواب جد يسير ذلك أنني ولدى جمعي للصور التي ذكرها العلماء في شرح هذا الحديث لم أجد منها صورة التأجير أصلا فكل ما يذكرونه صور تتعلق بالبيع وليس للإجارة ذكر، بل لقد ذكر ابن القيم في حاشيته على سنن أبي داوود بعد ذكر بعض صور البيعتين في بيعة نفاها جميعا وضعف انطباق النص عليها وجعل الصورة الوحيدة التي ينطبق عليها النهي هي ما عرف ببيع العينة ونح هنا ليس منه في ورد أو صدر، وإليك قول ابن القيم القيم، قال في الحاشية ج: 9 ص: 247:"وللعلماء في تفسيره (أقول: بل هناك خمسة تفاسير أخرى) قولان، أحدهما أن يقول: بعتك بعشرة نقدا، أو عشرين نسيئة، وهذا هو الذي رواه أحمد عن سماك ففسره في حديث ابن مسعود قال نهى رسول الله عن صفقتين في صفقة قال سماك الرجل يبيع الرجل فيقول هو علي نساء بكذا وبنقد بكذا، وهذا التفسير ضعيف؛ فإنه لا يدخل الربا في هذه الصورة، ولا صفقتين هنا، وإنما هي صفقة واحدة
¥