هذا من جهة ومن جهة أخرى من قال لك أنهم لم يكونوا يواظبون عليه؟
الأحاديث جاءت بلفظ: كانوا يصلون في رمضان، ولم يجيء في بعض ليالي رمضان بل أطلق وهذا يشمل الشهر أجمع.
وهذان وجهان كل واحد منهما كفيل برد حجتكم في المنع.
أما نقل شيخ الإسلام فأجبتموه:
1 - تضعيف الحديث وشاهده فيه (وسننت لكم قيامه) ويجاب بأن سنية قيام رمضان ثابتة بالأحاديث المتظافرة فإن ضعف هذا فما تقول في حديث الصحيح (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرغب في قيام رمضان) (من قام رمضان إيماناً واحتساباً) وغيرها من الأدلة المتظاهرة. أما متى كان ذلك في أول رمضان أو آخره فلا أراها مسألة ذات بال لأقف معها، إذا القيام مشروع في جميع الشهر.
2 - أما حديث أبي ذر رضي الله عنه فلا يعارض به حديث عائشة فتلك حال وما روته عائشة حال أخرى، بدليل أنها قالت –كما في البخاري وغيره-: أنه صلى الله عليه وسلم خرج ذات ليلة من جوف الليل فصلى في المسجد فصلى رجال بصلاته فأصبح الناس فتحدثوا فاجتمع أكثر منهم فصلوا معه فأصبح الناس فتحدثوا فكثر أهل المسجد من الليلة الثالثة فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلوا بصلاته فلما كانت الليلة الرابعة عجز المسجد عن أهله حتى خرج لصلاة الصبح فلما قضى الفجر أقبل على الناس فتشهد ثم قال أما بعد فإنه لم يخف علي مكانكم لكني خشيت أن تفرض عليكم فتعجزوا عنها.
وهذا يدل على أنه صلى ثلاث ليال متصلة وحديث أبي ذر حادثة أخرى، وبهذا يتبين لطالب الحق أنه صلى الله عليه وسلم صلى غير تلك الثلاثة ولامحالة جمعاً بين الحديثين.
وكيف يقال أنه لم يصل إلاّ تلك الليالي وهو الذي حضنا على قيام ليل رمضان! فقال من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له الحديث.
أما مسألة المتعة فخارج الموضوع فلا داعي للتعقيب عليها.
أما قولكم: "ولكن يجب أن نعرف أن الصحابة والتابعين ليسوا معصومين وقد تصدر منهم البدعة كما قال شيخ الإسلام ابن تيميه:
- كثير من مجتهدي السلف والخلف قد قالوا وفعلوا ما هو بدعة ولم يعلموا انه بدعة , إما لأحاديث ضعيفة ظنوها صحيحة , وإما لآيات فهموا منها مالم يرد منها , وإما للاأي رأوه وفي المسألة نصوص لم تبلغهم. (مجموع فتاوى شيخ الإسلام 19/ 191) ".
فأنبهك إلى أن الكلام عن الصحابة رضوان الله تعالى عليهم، وليس عن عموم السلف، والقول بأن بعض الصحابة أحدثوا بدعاً لم يسبقك إليه من أهل السنة أحد فيما أعلم. بل درج أهل العلم على رد البدع بقولهم: بدعة لم يفعلها أحد من الصحابة فجعلوا عدم فعل أحد لها هو المسوغً للوصف بالبدعة.
وقد تحدث شيخ الإسلام في أول بدعة حدثت في الإسلام في مناظراته حول الواسطية ومنه يفهم ما أشرت إليه من قوله بسلامة جناب الصحابة رضوان الله عليهم من البدع.
أما أثر ابن عمر في صلاة الضحى وقوله بدعة ونعمت البدعة فمع أن الأمر يسير إذ ليس هو استدلال أصيل لكن لابأس من التنبيه عليه وباختصار موضع الإشكال في حكمك عليه هو حملك للبدعة على المعنى الاصطلاحي الحادث بعد ابن عمر رضي الله عنه ولهذا الأمر المقرر عندك حكمت بالمخالفة والتعارض بين الآثار فضرب بعضها بعضاً عندك، وكان الأولى أن تحاكم لفظ ابن عمر –رضي الله عنه- للغة العرب لتعضده وتؤيده بالطرق التي ذكرتها فمعناه واحد.
وأفيدكم بأنه قد رواه بهذا المعنى غير من ذكرتم ومن ذلك البخاري في التاريخ الكبير 2/ 392، موقفاً على ابن عمر ومروفعاً وقال الموقوف أصح، ورواه الطبراني في الكبير 12/ 424، ورواه غيرهم وهذه الأسانيد يعضد بعضها بعضاً ولايخالفها ما أشرتم إليه إن فم على وجهه الذي دلت عليه لغة العرب.
ثم قلتم:
"أقول: إذا كانت البدعة في العبادات المحضة تكون بدعة شرعيه وإذا كانت في غير العبادات تكون لغوية.
والدليل على هذا أن كل الذين يقسمون تقسيمك السابق يستشهدون بنفس الدليل وهو قول عمر رضي الله عنه " نعمت البدعة " فهل تستطيع أن تأتني بمثال واحد من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم أو الصحابة؟ "
ولا أرى فيما ذكرت أنه دليلك دليلاً على قولك! فأين موضع الشاهد من دليلك على تقسيمك؟
¥