ـ[المقرئ.]ــــــــ[04 - 08 - 04, 06:27 م]ـ
إلى الشيخ الفاضل: عبد الله المزروع
بارك الله فيكم وحقيقة بحث ماتع جدا
وقد كان لي وقفة مع هذه المسألة منذ فترة بعيدة فرجعت إلى أوراقي المهلهلة ما قصدت منها والله إلا المشاركة ولعلي أنقل منها ما كتبته في مناقشة لإشكال تعرضت له عند الكلام على حديث أبي موسى:
حديث أبي موسى الأشعري " إذا مرض العبد .... " فقال الكاتب غفر الله:
في حديث أبي موسى هل نقف عند النص فنقول لا يكتب الأجر إلا فيما إذا كان العبد مسافرا أو مريضا فقط أم نجعل هذا تمثيلا بالأغلب ونقول كل عذر يكتب له
وإذا كان ذلك كذلك فإن المسافر لا تسقط عنه راتبة الفجر ولو تركها لم تكتب له وكذلك بقية السنن التي لم يرد بإسقاطها فهل نقول إن حديث أبي موسى خاص بإسقاط ما كان ساقطا في السفر من قصر للصلاة ومن سقوط بعض الرواتب بفعل الرسول صلى الله عليه وسلم وقد يشكل عليه أن الحديث عام
وأيضا يرد علينا مسألة كبيرة جدا وهي:
الحائض لا تصلي وهي معذورة بل ويحرم عليها الصلاة بل لوصلت اختلف في كفرها وتمنع من قضائها كما هو نص الأئمة ولم يكتب لها أجر صلاتها بدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيحين في حديث أبي سعيد بأن نقصان دينها أنها إذا حاضت لم تصل ولم تصم
أفلا يكون هذا مانعا من إطلاق كتابة الأجر للترك مطلقا مع أنها من أحق الناس كتابة للأجر لوضوح عذرها
مع أننا نقول لاشك أنها مثابة على تركها لأنها تركتها ممتثلة الأمر ولكن لم لم يكتب لها أجر الصلاة
يقال إنها غير مكلفة أصلا بالصلاة في وقت الحيض فكيف يكتب لها أجر ما لم تكلف به بخلاف الصوم؟
وهذا كلام جيد ولكن الجواب عليه أجود وهو: أن يقال فلم كان ذلك من نقصان دينها إذا مادامت تركت شيئا غير مكلفة به وهذا ليس بعدل فهي غير مأمورة به فكيف تكون ناقصة في دينها؟
فيقال: ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم
الرجال فضلوا على النساء بقدر الله وفضله والعاقل فضل على المجنون بقدر الله وفضله والطائع فضل على العاصي بقدر الله وفضله والمسلم فضل على الكافر بقدر الله وفضله
ولا يلزم أن يكون نقصان الدين يكون بمعنى المؤاخذة بل هو أعم بدليل أنها تقضي الصوم ومع هذا يبقى سبب نقصان دينها بسبب تركها للصوم في حال الحيض
قد يقال: إن النقص جاء بسبب ذلك الوقت الذي جلسته دون عبادة سواء شرع لها القضاء أو لم يشرع كما يقول الخارج من الخلاء " غفرانك "؟
فيقال إنما امتنع من ذلك بسبب الأمر الشرعي والامتثال للحكم.!
فيقال:ومع هذا يعتبر نقصا يشرع له الاستغفار ولهذا يقول " غفرانك " بسبب ذلك الوقت الذي أمضيته دون ذكر كما الحائض امتنعت عن الصلاة بسبب الأمر ومع هذا قال لهن الرسوةل صلى الله عليه وسلم في نفس الحديث " يا معشر النساء تصدقن فإني رأيتكن أكثر أهل النار ".
قد يقال: إن أمره بالصدقة علله بقوله " تكثرن اللعن وتكفرن العشير ليس لتركها الصوم والصلاة؟
فيقال: هو هذا ولكن هذان الوصفان فيهن نقصان عقل ودين يدخل فيهن تركها للصوم والصلاة كما أن نقصان عقلها بسبب أن شهادتها على النصف من شهادة الرجل
إلى آخر ما علق العبد الفقير إلى ربه
وأنتظر منكم أو من غيركم تعليقا على هذه المسألة وجزاكم الله خيرا
المقرئ
ـ[عبدالله المزروع]ــــــــ[04 - 01 - 05, 12:50 ص]ـ
شيخنا المقرئ - حفظه الله -:
اشكالكم في محله، وما زلت أبحث وأفكر في ذلك، وما وجه التفريق ... ويظهر لي أحياناً شيء، لكن يشكل عليه أشياء ... لعل الله يفتح عليَّ في ذلك فتحاً.
وهذه إضافةٌ على الموضوع:
قال ابن رجب – رحمه الله – في اللطائف (422):
على أنَّ المتخلف لعذرٍ شريكٌ للسائر، كما قال النبي – صلى الله عليه وسلم – لمَّا رجع من غزوة تبوك: إنَّ بالمدينة أقواماً ما سرتم مسيراً، ولا قطعتم وادياً، إلا كانوا معكم، حبسهم العذر ".
قال ابن رجب – رحمه الله – في اللطائف (439):
واعلم أنَّ من عجز عن عمل خيرٍ، وتأسف عليه، وتمنَّى حصوله، كان شريكاً لفاعله في الأجر، كما تقدم في الذي قال: " لو كان لي مالٌ لعملت فيه ما عمل فلانٌ ... " أنهما سواءٌ في الأجر والوزر.
وقد قيل: إنهما سواءٌ في أصل الأجر دون المضاعفة؛ فإنها تختصُّ بالعامل، فمن هنا كان أرباب الهمم العالية لا يرضون بمجرد هذه المشاركة، ويطلبون أن يعملوا أعمالاً تقاوم الأعمال التي عجزوا عنها، ليفوزوا بثوابٍ يقاوم ثواب تلك الأعمال، ويضاعَفُ لهم كما يضاعف لأولئك، فيستووا هو وأولئك العُمَّال في الأجر كله ...
وذكر أمثلةً لاجتهاد السلف في اللحاق بمن امتاز عنهم بزيادة عمل،
ثم ذكر قاعدةً فقال: فما من عملٍ عظيم يقوم به قومٌ ويعجز عنه آخرون، إلا وقد جعل الله عملاً يقاومه، أو يفضل عليه، فتتساوى الأمة كلها في القدرة عليه.