تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

عندما هاجر النساء كان فيهن أم عطية، وقد عرفت بختان الجواري، فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها: [يا أم عطية هل الذي كان في يدك هو في يدك اليوم؟] فقالت: "نعم يا رسول الله، إلا أن يكون حراما فتنهاني عنه". فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [بل هو حلال، فادن مني حتى أعلمك. فدنت منه، فقال: يا أم عطية، إذا أنت فعلت فلا تنهكي؛ فإنه أشرق للوجه وأحظى للزوج] ومعنى (لا تنهكي) لا تبالغي في القطع والخفض، ويؤكد هذا الحديث الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: [يا نساء الأنصار اختفضن (أي اختتن) ولا تنهكن (أي تبالغن في الخفاض)] وهذا الحديث جاء مرفوعا (نيل الأوطار للشوكاني 1/ 113) برواية أخرى عن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما. رواه البزار وابن عدي والبيهقي في الشعب. وهذه الروايات وغيرها تحمل دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى ختان النساء ونهيه عن الاستئصال. وقد علل هذا في إيجاز وإعجاز، حيث أوتي جوامع الكلم فقال: [فإنه أشرق للوجه وأحظى للزوج]. وهذا التوجيه النبوي إنما هو لضبط ميزان الحس الجنسي عند الفتاة فأمر بخفض الجزء الذي يعلو مخرج البول لضبط الاشتهاء والإبقاء على لذات النساء واستمتاعهن مع أزواجهن، ونهى عن إبادة مصدر هذا الحس واستئصاله، ولم يبقها دون خفض فيدفعها إلى الاستهتار وعدم القدرة على التحكم في نفسها عند الإثارة. لما كان ذلك كان المستفاد من النصوص الشرعية، ومن أقوال الفقهاء على النحو المبين والثابت في كتب السنة والفقه أن الختان للرجال والنساء من صفات الفطرة التي دعا إليها الإسلام وحث على الالتزام بها على ما يشير إليه تعليم رسول الله كيفية الختان، وتعبيره في بعض الروايات بالخفض، مما يدل على القدر المطلوب في ختانهن. قال الإمام البيضاوي: إن حديث [خمس من الفطرة] عام في ختان الذكر والأنثى. وقال (1/ 113) الشوكاني في نيل الأوطار: إن تفسير الفطرة بالسنة لا يراد به السنة الاصطلاحية المقابلة للفرض والواجب والمندوب، وإنما يراد بها الطريق، أي طريقة الإسلام، لأن لفظ السنة في لسان الشارع أعم من السنة في اصطلاح الأصوليين. ومن هنا اتفقت كلمة فقهاء المذاهب على أن الختان للرجال والنساء من فطرة الإسلام وشعائره، وأنه أمر محمود، ولم ينقل عن أحد من فقهاء المسلمين فيما طالعنا من كتبهم التي بين أيدينا ـ القول بمنع الختان للرجال أو النساء، أو عدم جوازه أو إضراره بالأنثى، إذا هو تم على الوجه الذي علمه الرسول صلى الله عليه وسلم لأم عطية في الرواية المنقولة آنفا. أما الاختلاف في وصف حكمه، بين واجب وسنة ومكرمة، فيكاد يكون اختلافا في الاصطلاح الذي يندرج تحته الحكم. يشير إلى هذا ما نقل في فقه (الاختيار شرح المختار 121/ 2) الإمام أبي حنيفة من أنه لو اجتمع أهل مصر على ترك الختان قاتلهم الإمام (ولي الأمر) لأنه من شعائر الإسلام وخصائصه. كما يشير أليه أيضا أن مصدر تشريع الختان هو اتباع ملة إبراهيم، وقد اختتن، وكان الختان من شريعته، ثم عده الرسول صلى الله عليه وسلم من خصال الفطرة، وأميل إلى تفسيرها بما فسرها به الشوكاني - حسبما سبق - بأنها السنة التي هي طريقة الإسلام ومن شعائره وخصائصه، وكما جاء في فقه الحنفيين. وإذا قد استبان مما تقدم أن ختان البنات المسئول عنه من فطرة الإسلام وطريقته على الوجه الذي بينه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنه لا يصح أن يترك توجيهه وتعليمه إلى قول غيره ولو كان طبيبا، لأن الطب علم والعلم متطور، تتحرك نظرته ونظرياته دائما، ولذلك نجد أن قول الأطباء في هذا الأمر مختلف. فمنهم من يرى ترك ختان النساء، وآخرون يرون ختانهن؛ لأن هذا يهذب كثيرا من إثارة الجنس لا سيما في سن المراهقة التي هي أخطر مراحل حياة الفتاة، ولعل تعبير بعض روايات الحديث الشريف في ختان النساء بأنه مكرمة يهدينا إلى أن فيه الصون، لأنه طريق للعفة، فوق أنه يقطع تلك الإفرازات الدهنية التي تؤدي إلى التهابات مجرى البول وموضع التناسل، والتعرض بذلك للأمراض الخبيثة. هذا ما قاله الأطباء المؤيدون لختان النساء. وأضافوا أن الفتاة التي تعرض عن الختان تنشأ من صغرها وفى مراهقتها حادة المزاج سيئة الطبع، وهذا أمر قد يصوره لنا ما صرنا إليه في عصرنا من تداخل

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير