تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

تاسعاً: واحتجوا أيضا بأن السبب في كون القرن الأول خير القرون أنهم كانوا غرباء في إيمانهم لكثرة الكفار حينئذ وصبرهم على أذاهم وتمسكهم بدينهم، وكذلك أواخرهم إذا أقاموا الدين وتمسكوا به، وصبروا على الطاعة حين ظهور المعاصي والفتن كانوا أيضا عند ذلك غرباء وزكت أعمالهم في ذلك الزمان كما زكت أعمال أولئك ويشهد له ما رواه مسلم عن أبي هريرة رفعه بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء. فقد ذكر ابن عبد البر:" أن الإيمان والعمل الصالح في الزمن الفاسد الذي يرفع فيه العلم والدين من أهله، ويكثر الفسق والهرج، ويذل المؤمن، ويعز الفاجر، ويعود الدين غريبا كما بدأ، ويكون القائم فيه بدينه كالقابض على الجمر، فيتسوي حنيئذ أول هذه الأمة بآخرها في فضل العمل إلا أهل بدر والحديبية. [12] "

القول الثاني: وهو قول الجمهور، أن الأفضلية بالأفراد، واستدلوا لذلك:

أولاً: عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم:"لا تسبوا أصحابي، فلوا أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه [13] "

قال ابن النجار:" هذا، وإن ورد على سبب خاص، فالعبرة بعموم اللفظ، ولا يضرنا كون الخطاب بذلك للصحابة؛ لأن المعنى: لا يسب غير أصحابي أصحابي، ولا يسب أصحابي بعضهم بعضا [14] "

ثانياً: عن أبي بردة عن أبيه قال صلينا المغرب مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم،ثم قلنا: لو جلسنا حتى نصلى معه العشاء. قال: فجلسنا. فخرج علينا، فقال: "ما زلتم ها هنا" قلنا: يا رسول الله صلينا معك المغرب، ثم قلنا نجلس حتى نصلى معك العشاء. قال: "أحسنتم أو أصبتم" قال: فرفع رأسه إلى السماء، وكان كثيرا مما يرفع رأسه إلى السماء. فقال: "النجوم آمنة للسماء، فإذا ذهبت النجوم، أتى السماء ما توعد. وأنا آمنة لأصحابي، فإذا ذهبت، أتى أصحابي ما يوعدون، وأصحابي آمنة لأمتي، فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون. [15] "

وفي هذا الحديث دلالة على فضل الصحابة، وانهم أمنة لأمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم. فما دام الصحابة موجودين كان الدين قائماً، والحق ظاهرا، والنصر على الأعداء حاصلا. وهذا الحديث يدل على فضل عموم الصحابة على من بعدهم. فجعلهم كالنجوم يقتدى بهم في أمور دينهم كما يهتدون بالنجوم في ظلمات البر والبحر. وفي قوله صلى الله عليه وآله وسلم:" فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون" فإذا لم يبقى من الصحابة أحد، جاء الذي وعُدت به أمة محمد وفي هذه اللفظة النبوية فضل لكل صحابي أنه أمنة لأمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم.

ثالثاً: عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنهم عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال:" يأتي على الناس زمان، يغزو فئام من الناس. فيقال: لهم فيكم من رأى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ فيقولون: نعم. فيفتح لهم. ثم يغزو فئام من الناس. فيقال لهم: فيكم من رأى من صحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ فيقولون: نعم. فيفتح لهم. ثم يغزو فئام من الناس. فيقال لهم: هل فيكم من رأى من صحب من صحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ فيقولون: نعم. فيفتح لهم [16] "

رابعاً: عشر ما رواه أبو عبد الله بن بطة من حديث الحسن عن أنس رضي الله عنه انه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إن مثل أصحابي في أمتي كمثل الملح في الطعام لا يصلح الطعام إلا بالملح [17]."

ووجه الاستدلال انه شبه أصحابه في صلاح دين الأمة بهم، بالملح الذي صلاح الطعام به. قال الحسن: قد ذهب ملحنا فكيف نصلح.

خامساً: عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول:" لا تمس النار مسلما رآني أو رأى من رآني" قال طلحة فقد رأيت جابر بن عبد الله. وقال موسى وقد رأيت طلحة. قال يحيى وقال لي موسى وقد رأيتني ونحن نرجو الله [18].

سادساً: عن ابن عمر قال:" لا تسبوا أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم فلمقام أحدهم ساعة خير من عمل أحدكم عمره [19] "

الترجيح والمناقشة:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير