تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الوجه الثاني: أن الأمر في هذه الأشياء ليس تعبديا محضاً لا يجوز الخروج عنه إلى غيره، وإنما هو أمر مصلحي واضح، أي: أن المقصود من صدقة الفطر منفعة المسلمين ومنفعة الآخذ والباذل أيضاً، ولا شك أن منفعة الآخذ أولى، وإخراج القيمة - خصوصاً إذا طابت بها نفس المعطي ونفس الآخذ وأنه أحب إليهما معاً - يحقق مقصد الشرع في التوسعة على الناس، وفي تطهيرهم وفيما فيه تحقيق مصالحهم، وليس فيه ما يعارض نصاً ظاهراً.

الوجه الثالث: أن الفقهاء اختلفوا في إخراج زكاة المال من العروض أو إخراجها من المال، وفي هذه المسألة ثلاثة أقوال:

الأول: أنه يجوز إخراج زكاة العروض من نفس المال.

الثاني: أنه يخرجها نقداً ولا بد.

الثالث: أنه يجب عليه إخراجها من المال.

فالقول الأول فيه تخيير بين النقد وبين إخراجها من نفس المال، والأفضل هو الأحظّ للفقراء، فلو علم أن الفقير سوف يشتري بهذا المال عروضاًَ كان الأفضل أن يعطيه عروضاً حتى يوفر عليه القيمة ويوفر عليه التعب، وإن علم أنه إن أعطى الفقير عروضاً فإنه سوف يبيعها، وربما ينقص قيمتها عند بيعها إلى نصف الثمن أو ثلثه، فيكون الأولى أن يعطيه مالاً في هذه الحالة، وكذلك إذا علم أن الفقير لا يحسن التصرف، فقد يكون عنده سفه أو حمق، أو قد يكون عنده معصية فيستخدم المال في غير ما أحله الله فيكون الأفضل أن يعطيه عروضاً حتى يستخدمها في نفسه وأهله، وقد رجح ابن تيمية في هذا أنه إذا كان ثمة حاجة ومصلحة فإنه يجوز إخراج المال عن العروض.

والقول الثالث أنه مخيّر بين إخراج المال وبين إخراج العروض والأفضل هو الأحظ للفقراء، فإذا كان هذا في زكاة المال وهي ركن من أركان الإسلام، وفرض بالاتفاق، ووجوبه أظهر وأمرها آكد؛ فأن يكون هذا سائغاً في زكاة الفطر من باب أولى.

وإن كان الذين قالوا بوجوب إخراج الطعام التمسوا بعض الفوائد التي تناسب بعض المجتمعات، فقالوا: لأن هذا فيه إحياء للسنة بشراء الطعام وبيعه وكيله بدلاً من الورق النقدي أو الفلوس التي قد يدسها في يد الفقير ولا يعلم به أحد، ولا يكون لهذه الصدقة نوع من الظهور والشهرة في المجتمع.

لكن هناك حالات يجب أن تقدر بقدرها، ففي بعض البيئات هناك نوع من التلاعب الواضح، فعلى سبيل المثال الذين يبيعون صدقة الفطر حول الحرم في مكة يبيعونها ثم يأخذون المال ثم يأخذونه باعتبار أنهم فقراء ثم يبيعونها على الآخر وهكذا، فهذا من حجج الذين قالوا بوجوب النظر في الموضوع، والله تعالى أعلم بالصواب، وإنما يؤخذ من هذا عدم التشديد في المسألة، وأن تنتظمها بحبوحة الشريعة في التوسعة.

المصدر: http://www.islamtoday.net/pen/show_articles_*******.cfm?id=64&catid=38&artid=6420

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير