تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقيل بل دخل وله سبع عشره سنه في سنه خمس وسبعين ومئتين وقيل بل في سنه خمس وستين وأنه حي نعوذ بالله من زوال العقل، فلو فرضنا وقوع ذلك في سالف الدهر فمن الذي رآه؟ ومن الذي نعتمد عليه في إخباره بحياته؟ " ثم قال: "وممن قال أن الحسن العسكري لم يعقب محمد بن جرير الطبري، ويحيى بن صاعد، وناهيك بهما معرفة وثقة" (5).

وقد جاء في تاريخ الطبري عند ذكر حوادث عام 302 أن رجلاً ادعى في زمن الخليفة المقتدر أنه محمد بن الحسن بن علي بن موسى بن جعفر، فأمر الخليفة بإحضار مشايخ آل أبي طالب وعلى رأسهم نقيب الطالبيين أحمد بن عبد الصمد المعروف بان طومار.

فقال له ابن طومار: لم يعقب الحسن. وقد ضج بنو هاشم من دعوى هذا المدعي وقالوا: يجب أن يشهر هذا بين الناس، ويعاقب أشد عقوبة. فحمل على جمل وشهر يوم التروية ويوم عرفة، ثم حبس في حبس المصريين بالجانب الغربي (6).

وعلاوة على شهادة نقيب الطالبيين الذي كان له اختصاص في تسجيل موالد الأسرة الشريفة، فإن أقرب الناس إلى الحسن العسكري وهو أخوه جعفر يؤكد أن أخاه مات ولا نسل له ولا عقب (7).

والخلاصة أن اتصال نسب الرجل بالشجرة الشريفة من هذا الطريق محل نظر، والقول بأنه من نسل الحسن العسكري موضع جدل، لايرضاه أهل السنة، وتنكره فرق الشيعة، غير الإمامية فلو صحت نسبته فلن يكون إلاّ إمامياً لاتسلمه الإثنا عشرية للأشعرية أبداً.

حياته:

لم يعرف التقي الحصني في مبتدأ أمره بعلم ولا طلب، بل هو كما قال السخاوي –رحمه الله- في الضوء اللامع: "كان خفيف الروح منبسطاً له نوادر ويخرج مع الطلبة إلى الفتوحات ويبعثهم على الإنبساط واللعب والمماجنة، مع الدين والتحرز في أقواله وأفعاله، وتزوج عدة ثم انحرف قبل الفتنة عن طريقته وأقبل على ما خلق له وتخلى عن النساء وانجمع عن الناس مع المواظبة على الاشتغال بالعلم والتصنيف"، وأشار ابن حجر في إنباء الغمر، بأن الرجل "تزوج عدة نساء ثم انقطع وتقشف وانجمع، وكل ذلك قبل القرن، ثم ازداد بعد الفتنة تقشفه وانجماعه وكثرت مع ذلك أتباعه حتى امتنع من مكالمة الناس"، وعلى هذا فإن انحرافه نحو التصوف والاشتغال بالعلم مر بمراحل ثلاث المرحلة الأولى أيام الصبا وعنفوان الشباب وهذه لم يكن يعرف فيها بكثير علم، والثانية قبيل الفتنة وتمام القرن وقد انقطع فيها للتقشف وفي كلام السخاوي ما يفيد بأن تآليفه كانت في تلك الفترة، ثم في آخر المطاف امتنع عن مكالمة الناس. ومع ذلك فقد بلغ شأواً عند أرباب طريقته حتى ترجم له بعضهم بقوله: "الإمام العلامة الصوفي العارف بالله تعالى المنقطع إليه زاهد دمشق في زمانه الأمار بالمعروف النهاء عن المنكر الشديد الغيرة لله والقيام فيه الذي لا تأخذه في الحق لومة لائم وأنه المشار إليه هناك بالولاية والمعرفة بالله" [ذكره السخاوي في الضوء].

ولكن صادف أن كان من جملة أصحابه الذين أخذوا عنه إبراهيم بن عبدالرحمن بن محمد بن إسماعيل البرهان ابن الكركي إمام السلطان كان ذو وجاهة عنده وصاحب اختصاص به، وبمساعدته أصبح التقي الحصني صاحب مشيخية الشافعية، وقد أشار إلى ذلك العيدروس في النور السافر في ترجمة ابن الكركي.

غير أن الحصني في مبدأ أمره لم يكن يحط على تقي الدين شيخ الإسلام ابن تيمية، قال ابن حجر في إنباء الغمر: "أخذ عن الصدر الياسوفي ثم انحرف عن طريقته، وحط على ابن تيمية وبالغ في ذلك"، وبعد انحرافه لم يكن شيخ الإسلام هو الوحيد الذي فوق إليه سهامه، قال صاحبه ابن قاضي شهبة في طبقات الشافعية عند ترجمته: "وكان أشعرياً منحرفاً عن الحنابلة، يطلق لسانه فيهم، ويبالغ في الحط على ابن تيمية وقال السخاوي في الضوء اللامع في ذكر وفاته: "وحملت الحنابلة مع شدة قيامه عليهم والتشنيع على من يعتقد ما خالف فيه ابن تيمية الجمهور"، وقدأشار إلى تعصبه في أشعريته وحمله على الحنابلة غير واحد منهم ابن قاضي شهبة، وكذلك السخاوي، والمقريزي، ولم يقف الأمر على ابن تيمية والحنابلة بل تعداه إلى القضاة قال السخاوي: "وأطلق لسانه في القضاة، وحط علي التقي بن تيمية فبالغ وتلقى ذلك عنه طلبة دمشق وثارت بسببه فتن كثيرة وهذا تأكيد لما ذكره ابن حجر في الإنباء عنه من كونه: "يطلق لسانه في القضاة وأصحاب الولايات".

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير