تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قَالَ ابنُ مفلح: «باتَ عند الإمام أحمد رجلٌ فَوَضع عنده ماء، قالَ الرجلُ:

فلم أقمْ بالليل، ولم أستعمل الماء، فلمَّا أصبحتُ قال لي: لِمَ لا تستعمل الماء؟

فاستحييتُ وسكتُ، فقالَ: سبحان الله! سبحان الله! ما سمعت بصاحب حديثٍ لا

يقوم بالليل. وجرت هذه القصة معه لرجلٍ آخر، فقال: أنا مسافر، قالَ: وإن

كنت مسافراً، حَجَّ مسروقٌ فما نام إلاّ ساجداً. قال الشيخ تقيّ الدين: فيه أنه يُكره

لأهل العلم ترك قيام الليل، وإن كانوا مسافرين» [8].

5 - قَالَ محمد بن سوقة عن أبيه أنه حَجّ مَعَ الأَسْود، فكان إذا حضرت

الصلاة أناخ ولو على حجر، قَالَ: وَحَجَّ نيفاً وَسبعينَ [9].

6 - وقالَ ضمرةُ بنُ ربيعة: «حَججنا مع الأوزاعي سنة خمسين ومائة،

فما رأيته مضطجعاً في المحمل في ليل ولا نهار قط، كان يصلي، فإذا غلبه النوم

استند إلى القتب» [10].

7 - قَالَ الربيع بن سليمان: حججنا مع الشافعي، فما ارتقى شرفاً ولا هبط

وادياً إلا وهو يبكي وينشد:

يا راكباً قف بالمحصب من منى واهتف بقاعد خيفنا والناهضِ

سحراً إذا فاض الحجيج إلى منى فيضاً كملتطم الفرات الفائضِ

إن كان رفضاً حب آل محمدِ فليشهد الثقلان أني رافضي [11]

8 - قَالَ خيثمة: «كَانَ يعجبهم أن يموتَ الرجلُ عند خير يعمله؛ إما حج،

وإما عمرة، وإما غزوة، وإما صيام رمضان» [12].

9 - قَالَ ابنُ المبارك: جئتُ إلى سفيان الثوري عشية عرفة، وهو جاثٍ

على ركبتيه، وعيناه تهمِلان، فالتفت إليَّ، فقلت له: مَنْ أسوأ هذا الجمع حالاً؟

قَالَ: الذي يظنُّ أن الله لا يغفر لهم [13].

10 - وروي عن الفُضَيل أنه نظر إلى نشيج الناس وبكائهم عشيَّة عرفة،

فقال: أرأيتم لو أن هؤلاء صاروا إلى رجلٍ فسألوه دانِقاً - يعني: سدس درهم -

أكان يردُّهم؟ قالوا: لا. قَالَ: والله! لَلْمغفرة عند الله أهون من إجابة رجلٍ لهم

بدانِق.

وكان للسلف عناية بكثرة الحج:

11 - قَالَ إبراهيمُ النخعيّ عن الأسود بن يزيد قَالَ قَالَ عبدُ الله بنُ مسعود:

«نُسُكان أحبّ إليَّ أنْ يكونَ لكل واحدٍ منهما: شعثٌ وسفرٌ»، قَالَ: فسافر

الأسود ثمانين ما بين حجة وعمرة لم يجمع بينهما، وسافر عبد الرحمن بن الأسود

ستين ما بين حجة وعمرة لم يجمع بينهما [14].

12 - وقال ابنُ شوذب: «شهدتُ جنازة طاوس بمكة سنة ست ومائة،

فسمعتهم يقولون: رحمك الله يا أبا عبد الرحمن! حَجَّ أربعين حجة» [15].

13 - قَالَ أبو إسحاق السبيعيّ: «جمع الأسود بن يزيد بين ثمانين حجة

وعمرة، وجمع عمرو بن ميمون بين ستين حجة وعمرة» [16].

14 - قَالَ الحسنُ بنُ عمران - ابن أخي سفيان بن عيينة -: حججتُ مع

عمي سفيان آخر حجة حجَّها سنة سبع وتسعين ومائة، فلمَّا كنا بجمع وصلى

استلقى على فراشه ثم قَالَ: قد وافيتُ هذا الموضعَ سبعين عاماً، أقولُ في كلّ سنة:

اللهم! لا تجعله آخر العهد من هذا المكان، وإني قد استحييتُ مِنْ الله من كثرة ما

أسأله ذلك، فرجع فتوفي في السنة الداخلة يوم السبت أول يوم من رجب سنة ثمان

وتسعين ومائة، ودُفن بالحجون ... وتوفي وهو ابن إحدى وتسعين سنة [17].

وممن ذُكر أنه حجّ أكثر من أربعين حجة: سعيد بن المسيب [18]، عطاء بن

أبي رباح [19]، و محمد بن سوقة [20]، و بكير بن عتيق [21]، و ابن أبي عمر

العدني [22]، سعيد بن سليمان [23]، جعفر الخلدي [24]، العباس بن سمرة أبو

الفضل الهاشمي [25]، و أيوب السختياني [26]، و همام بن نافع [27] .. وغيرهم

كثير.

ومن المعاصرين سماحة الشيخ: عبد العزيز بن باز - عليه رحمة الله -

وغيره.

قلتُ: والأصلُ أنَّ كثرةَ الحج والعمرة مرغبٌ فيها شرعاً، ففي حديث عبد

الله بن مسعود قَالَ: قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تابعوا بين الحج

والعمرة؛ فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة،

وليس للحجة المبرورة ثواب إلا الجنة» [28].

وفي حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ سمعت رسول الله صلى الله

عليه وسلم يقول: «مَنْ حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه»

[29].

وعنه - رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «العمرة

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير