* ويعزون هذا الشرح للعلاّمة ابن الأثير في " النهاية في غريب الحديث " ولم أجده! والذي وجدته أنها الخفاف، وذَكَرَ ذلك في موضعين , وكذلك صرّح به في جامع الأصول
....................
فأقول: إنَّ معظم الأئمة المحدِّثين قد ضعّفوا هذا الحديث , قال الإمام ابن حجر العسقلاني عقب ذكر هذا الحديث: " ... أخرجه أحمد وأبو داود والحاكم , وإسنادُه منقطع وضعّفه البيهقي , وقال البخاريُّ لا يصحّ , ولفظ أحمد (أنّ النبي صلى الله عليه وسلّم توضّأ ومسح على خفّيه وعلى الخمار والعمامة) ". انتهى
اُنظر الدراية في تخريج أحاديث الهداية ج1 صـ 72
ومع ذلك فإنَّ العلماء يذكرون هذا الحديث في معرِض الاستدلال على جواز المسح على العمامة أو المسح على الخفّ لأنَّ العصائب هي العمائم، و التساخين هي الخفاف " كما نصَّ على ذلك كلٌ من:
ــــ الإمام أبي عبيد في " غريب الحديث " ج1 صـ187
ــــ الإمام ابن الأثير في "النهاية في غريب الحديث والأثر" ج 1صـ189، ج 2 صـ352
ــــ الإمام ابن حزم في " المُحلّى " ج 2 صـ 51
ــــ الإمام ابن تيمية في الفتاوى ج 21 صـ173.
ــــ ابن منظور في " اللسان " مادة (سخن).
بل إنّ الإمام ابن الأثير زاد فقال: قال حمزة الأصفهاني في كتاب "الموازنة": التّسخان تعريب تَشْكَن، وهو اسم غِطاءٍ من أغطية الرَّأس، كان العلماء والقُضاةُ يأخُذُونه على رُؤُوسهم خاصّة دون غيرهم. قال: وجاء ذكر التّساخين في الحديث فقال مَنْ تعاطى تفْسيرَه: هو الخُفّ، حيثُ لم يَعْرِف فارسيّته. انتهى
إذاً فمن الممكن أن يكون الحديث خاصّاً بالمسح على أغطية الرأس فقط مِنْ عمائم وغيرها، أو يشمل الخفاف لأنّ التساخين عند أهل اللغة والغريب هي الخفاف، ولكن يَبعُدُ جدّاً أن يشمل الجوربين. والله أعلم.
ثانياً ـــ وأما استشهادهم بحديث المغيرة بن شعبة:" أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم توضّأ ومسح على الجوربين والنعلين "
فهذا هو سببُ الإشكال كلّه، فإن بعض الذين جوّزوا المسح على الجوربين اعتمدوا على هذا الحديث ومِنْ ثَمَّ أطلقوا الجواز على جميع أنواع الجوارب ولم يتقيّدوا بالقياس على الخف. وهذا الحديث لم يصح وقد حَكَمَ بضعفه ونكارته كل من الإمام أحمد بن حنبل وعبد الرحمن بن مهدي ويحيى بن معين وسفيان الثوري وعلي بن المديني و البخاري و مسلم و أبو داود والنسائي و الدارقطني و البيهقي والنووي …………وأظن أن ذكر هؤلاء يُغني عن ذكر آخرين هم دونهم في الرتبة، وأحب أن أنبّه لأمرٍ وهو أن كل مَنْ روى الحديث إنّما يرويه عن سفيان الثوري وهو، كما رأيت، يحكم بضعف الحديث، فقد ذكر البيهقي في سننه أنّ أبا محمد يحيى بن منصور قال رأيت مسلم بن الحجاج ضعّف هذا الخبر وقال أبو قيس الأودي وهذيل بن شرحبيل لا يحتملان وخصوصاً مع مخالفتهما الأجلَّة الذين رووا هذا الخبر عن المغيرة فقالوا: مسح على الخفين، وقال: لا نترك ظاهر القرآن بمثل أبي قيس وهذيل، قال: فذكرت هذه الحكاية عن مسلم لأبي العباس محمد بن عبد الرحمن الدغولي فسمعته يقول سمعت علي بن محمد بن شيبان يقول سمعت أبا قدامة السرخسي يقول قال عبد الرحمن بن مهدي قلت لسفيان الثوري لو حدثتني بحديث أبي قيس عن هذيل ما قبلته منك فقال سفيان: الحديث ضعيف، ثم أسند البيهقي عن أحمد بن حنبل قال: ليس يُروى هذا الحديث إلا من رواية أبي قيس الأودي، وأَبَى عبدُ الرحمن بن مهدي أن يُحدِّث بهذا الحديث وقال: هو منكر.
وأسند البيهقي أيضاً عن علي بن المديني قال: حديث المغيرة بن شعبة في المسح رواه عن المغيرة أهل المدينة وأهل الكوفة وأهل البصرة ورواه هذيل بن شرحبيل عن المغيرة إلا انه قال ومسح على الجوربين فخالف الناس، وأسند أيضاً عن يحيى بن معين قال: الناس كلهم يروونه على الخفين غير أبي قيس.
· ولكي أقرِّبَ لك الأمر أخي القارئ أقول: إن الذي دفع بعض العلماء لتصحيح حديث المغيرة بن شعبة في
¥