تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والحق أنّ كلام شيخ الإسلام جميلٌ جدّاً، لأنّه وَضَعَ النّقاط على الحروف كما يقولون، فبيّن أوّلاً أنّه لا يشرع لبسهما لأجل المسح، وهذا أمرٌ مهم جدّاً يجب أن يكون واضحاً في أذهان الذين يأخذون بكلام شيخ الإسلام و لكن من آخره! ثُمَّ بيّنَ رحمه الله أن مَنْ لبسهما لحاجة؛ وانْتَبِه لدقّة الكلام؛ فالأفضل له أن يمسح عليهما اتّباعاً للسنّة.

ـــ إننا إذا أنعمنا النّظر وجدنا الأمر واضحاً. أليس الغسل عزيمة، أليس المسح رخصة؟ فكيف يصحّ أن نقول إن الرّخصة أفضل من العزيمة؟!

والحديث كما مرّ معنا " إن الله يحبّ أن تؤتى رخصه كما يحبّ أن تؤتى عزائمه " ولأوضّح الأمر أكثر سأضرب مثالاً: إذا أُذّن لصلاة الظهر، فصلاّها زيدٌ في أوّل وقتها، وصلاّها عمروٌ في آخر وقتها لأنّه يعلم أن ذلك رخصة، فهل يصحّ لعمرو أن يقول لزيد: إن الصّلاة في آخر وقتها أفضل من الصّلاة في أول وقتها؟!


ـــ بقيت مسألة أحبّ أن أشير إليها وهي المسح على الجوارب التي يلبسها النّاس في أيّامنا هذه، وهي كما علمتَ لا يجوزُ المسحُ عليها عند كل من أجاز المسح على الجوربين الثخينين اللذين يمكن متابعة المشي فيهما، إذ لا نصَّ يُجيزُها و لا يمكن قياسها على ما رُخّص فيه، فهي رقيقة ولا يمكن المشي فيها. ومن يفعل ذلك يكون كمن قاس القلنسوة (الطّاقية) على العمامة فقال بجواز المسح عليها كما جاز في العمامة، وهذا ما لم يفعله أحد في علمي، ولا أظنّ أن يقول به أحد من أهل العلم.

ــ فإنْ قال أحدهم يمكنني المشيُ في هذه الجوارب، قلنا له ويمكنك أن تمشي حافياً! فهل تمسح على قدميك؟! وبذلك يتبيّن أن شرط إمكانِ المشي فيها إنما المقصود منه أن تكون في معنى الخفّ.

ــ ولكن وانطلاقاً من القاعدة الشرعيّة في رفعِ الحرج عن الأمّة المسلمة، وقياساً على جواز المسح على الجبائر، يمكننا القول: إن الرّجُلَ المُسِنّ ــ مثلاً ــ إذا لبس هذه الجوارب على طهارة وكان يصعُب عليه أن ينزعها للوضوء؛ وذلك إمّا لألم في ظهره أو رقبته أو لضعفٍ في ذراعيه أو خشي الإصابة بالبرد والتّأذّي منه؛ فله أن يمسح عليها.وكذلك إذا توضّأ رجلٌ ثمّ لبس جوربيه وحِذَاءَه ثمّ أدركَتْهُ الصّلاة و هو في مكان يصعب عليه الوضوء فيه على وجهٍ كامل وضاق عليه الوقت، فله أن يمسح على جوربيه ونعليه (الحذاء) ثمّ يصلّي فيهما والله أعلم.

وقد سُئل الإمام ابن تيميّة عن اللفائف التي تُلَفُّ على الرِّجل فقال:

:" إنّ تلك اللفائف إنّما تستعمل للحاجة في العادة وفي نزعها ضرر: إمّا إصابة البرد، وإمّا التّأذي بالحفاء، وإمّا التّأذي بالجرح. فإذا جاز المسح على الخفّين والجوربين فعلى اللفائف بطريق أولى. انتهى الفتاوى ج 21صـ185

وخلاصة القول:

1ــ المسحُ على الخُفّين سُنّةٌ ثابتة ومتواترة عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم.

2ــ المسحُ على الجوربين لم يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم.

3ــ المسحُ على الجوربين والنّعلين صحّ عن بعض الصّحابة.

4ــ حجّةُ القائلين بالمسح على الجوربين صريحُ القياس على الخفّين.

5ــ الجَوْرَب يكون من جلد أو صوف أو قطن، ويلبس وحده، أو مع النّعلين.

6ــ شرط المسح على الجوربين أن يكونا ثخينين و يمكن متابعة المشي فيهما.

7ــ المسحُ يكونُ على الجوربين والنعلين معاً.

8ــ لا يجوزُ المسح على النعلين وحدهما.

9ــ المسحُ على الجوربين رخصةٌ عند الحاجة، وليس بديلاً عن غسل الرجلين.

10ــ الجواربُ التي رُخّصَ المسحُ عليها هي غيرُ الجوارب التي يلبسها الناس في أيّامنا هذه.

11ــ الرخصةُ في المسح هي لرفع الحرج و المشقَّة. ولا مشقة في نَزْعِ الجوارب المعروفة اليوم،

إذ بحركة بسيطة يمكن نزعها.

12ــ يجوزُ للمريض المُسِنّ أو لِمَنْ يَصْعُب عليه نزعُ الجوارب الرقيقة لمرضٍ أو خشيةَ التّأذي بالبَرْد

أن يمسح عليها. كما يجوزُ للمضطر أن يمسح على جوربيه وحذائه ويصلّي فيهما.

والحمدُ لله ربّ العالمين.

كتبه: د. خلدون مكيّ الحسني دمشق في 16 من ذي الحجّة 1425

ـ[المقرئ]ــــــــ[28 - 02 - 05, 10:28 م]ـ
إلى د / خلدون وفقه الله

بارك الله فيكم على هذا البحث واسمحوا لي أن أحاوركم في بحثكم محاورة المستفيد لا محاورة المتعنت العنيد:

قرأت البحث

فكأني فهمت أنكم تقولون إنه لا قائل من المتقدمين بجواز المسح على الشرابات الموجودة الآن؟ فإن كان كذلك نقلت لكم من قال بجوازها

وإن كنتم تقولون إنه قول أكثر أهل العلم وأنه من مفردات الحنابلة فلا إشكال ولا غبار على عبارتكم

ثانيا: إن كنتم تقولون لا دليل واضح أو أن هذا القول ضعيف ذكرت لكم الأدلة التي تجعل هذا القول في نظركم قويا؟

فأرجو الإجابة ودمتم موفقين وأهلا وسهلا بأمثالكم في ملتقانا ويسرني أن أرحب بكم

المقرئ
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير