(1/ 124) من طريق إسحاق بن إسماعيل: ثنا سفيان عن أبي السوداء عن ابن عبد خير. ثم قال: ثنا إسحاق: ثنا سفيان مرة أخرى قال: رأيت عليا رضي الله عنه توضأ فسمح على ظهورهما. وهذا سند صحيح. وأبو السوداء اسمه عمرو بن عمران وابن عبد خير اسمه المسيب وهما ثقتان. فهذه الروايات كلها تفسرها الرواية الأولى وإلا فهي بظاهرها حجة للشيعة.
وأما الرواية الأخرى عند أحمد أيضا (1/ 139 و144 و159) من طريق عبد الملك بن ميسرة عن النزال بن سبرة أنه شهد عليا رضي الله عنه صلى الظهر ثم جلس في الرحبة في حوائج الناس فلما حضر العصر أتى بتور فأخذ حفنة ماء فمسح يديه وذراعيه ووجهه ورأسه ورجليه. . . الحديث فهو محمول على الغسل بدليل أن المسح قد استعمل في هذه الرواية في جميع الأعضاء وذا لا يجوز باتفاق المسلمين قال في (النهاية): والمسح يكون مسحا باليد وغسلا.
وإسناد هذه الرواية صحيح على شرط البخاري.
هذا وحديث علي رضي الله عنه في المسح على النعلين رواه ابن خزيمة أيضا وأحمد بن عبيد الصفار كما في (نيل الأوطار) (1/ 158) وفي الباب عن ابن عباس عند ابن حبان والبيهقي كما في (الاختيارات) لشيخ الإسلام (8) وعن أنس عند البيهقي.
قلت: ورواه الدولابي في (الكنى) (2/ 96) عن هميان بن ثمامة الزماني قال: ثني راشد أبو محمد الحماني قال: رأيت أنس بن مالك توضأ فمسح على نعليه وصلى.
وهميان هذا لم أجد من ذكره وبقية رواته ثقات.
وثبت المسح عليهما عن ابن مسعود وعن عمرو بن حريث. أخرجهما الطبراني في (الكبير) وإسناد الأول رجاله موثقون والآخر رجاله ثقات كما في (المجمع).
وذهب إلى جواز المسح عليهما الأوزاعي وكذا ابن حزم في (المحلى) (2/ 103) فقول شيخ الإسلام في (الفتاوى) (1/ 266) أنه (لا يجوز المسح عليهما باتفاق المسلمين) مدفوع بما ذكرنا.
ومن الغريب أنه حمل المسح هنا على الرش فذكر في موضع آخر: (إن الرجل لها ثلاثة أحوال: الكشف له الغسل وهو أعلى المراتب والستر المسح وحالة متوسطة وهي في النعل فلا هي مما يجوز المسح ولا هي بارزة فيجب الغسل فأعطيت حالة متوسطة وهو الرش وحيث أطلق عليها لفظ المسح في هذا الحال فالمراد به الرش وقد ورد الرش على النعلين والمسح عليهما في (المسند) من حديث أوس بن أبي أوس. ورواه ابن حبان والبيهقي من حديث ابن عباس) كذا في (الاختيارات) (8).
وليس في شيء من هذه الأحاديث ذكر الرش لا في المسند ولا في غيره من حديث أوس بن أبي أوس ولا من حديث غيره اللهم إلا في حديث آخر عن علي رضي الله عنه أنه قال: يا ابن عباس ألا أتوضأ لك وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قلت: بلى - فداك أبي وأمي -. قال: فوضع له إناء فغسل يديه ثم مضمض واستنشق واستنثر ثم أخذ بيديه فصك بهما وجهه وألقم إبهامه ما أقبل من أذنيه قال: ثم عاد في مثل ذلك ثلاثا ثم أخذ كفا من ماء بيده اليمنى فأفرغها على ناصيته ثم أرسلها تسيل على وجهه ثم غسل يده اليمنى إلى المرفق ثلاثا ثم يده الأخرى مثل ذلك ثم مسح برأسه وأذنيه من ظهورهما ثم أخذ بكفيه من الماء فصك بهما على قدميه وفيهما النعل ثم قلبها بها ثم على الرجل الأخرى مثل ذلك. قال: فقلت: وفي النعلين؟ قال: وفي النعلين قلت: وفي النعلين؟ قال: وفي النعلين. قلت: وفي النعلين؟ قال: وفي النعلين.
أخرجه الإمام أحمد (1/ 82 - 83) عن محمد بن إسحاق: ثني محمد ابن طلحة بن يزيد بن ركانة عن عبيد الله الخولاني عن ابن عباس قال: دخل علي علي بيتي فدعا بوضوء فجئنا بقعب يأخذ المد أو قريبه حتى وضع بين يديه وقد بال فقال: يا ابن عباس. . . إلخ.
وهذا سند جيد.
فهذا الحديث يكاد يكون نصا على ما ذهب إليه شيخ الإسلام رحمه الله من الرش على القدم وهي في النعل ولكنه لا يلزم منه إبطال السنة الأخرى وهي المسح على النعلين كالخفين والجوربين بحمل المسح عليهما على الرش كما قال الشيخ رحمه الله لعدم وجود قرينة قاطعة صارفة من الحقيقة إلى المجاز والله أعلم.
¥