تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وكسب الحمّاميّ مكروه، وحمّاميّة النّساء أشدّ كراهةً. قال أحمد في الّذي يبني حمّاماً للنّساء: ليس بعدل، وحمله ابن تيميّة على غير البلاد الباردة، كما ذكر ابن عابدين نقلاً عن الزّيلعيّ: أنّ من العلماء من فصّل بين حمّام الرّجل وحمّام النّساء.

الشّفعة في الحمّام:

3 - لا تثبت الشّفعة في الحمّام الّذي لا يقبل القسمة عند جمهور الفقهاء، لأنّ من أصلهم: أنّ الأخذ بالشّفعة لدفع ضرر القسمة، وهذا لا يتحقّق فيما لا يحتملها وتثبت في الكبير الّذي يقبل القسمة بشرط أن يتأتّى الانتفاع بالمأخوذ بالشّفعة.

قال المحلّيّ: كلّ ما لو قسم بطلب منفعته المقصودة كحمّام ورحىً صغيرين لا شفعة فيه في الأصحّ. ومقابله عند الشّافعيّة - ومثله عند المالكيّة - ثبوت الشّفعة بناءً على أنّ العلّة دفع ضرر الشّركة فيما يدوم، وكلّ من الضّررين حاصل قبل البيع، ومن حقّ الرّاغب فيه من الشّريكين أن يخلّص صاحبه بالبيع له، فإذا باع لغيره سلّطه الشّرع على أخذه منه.

وذهب الحنفيّة إلى أنّ الشّفعة تثبت في الحمّام فيأخذه الشّفيع بقدره، لأنّ الأخذ بالشّفعة عندهم لدفع ضرر التّأذّي بسوء المجاورة على الدّوام.

وتفصيل ذلك في مصطلح: (شفعة).

قسمة الحمّام:

4 - ذهب جمهور الفقهاء إلى أنّ من شروط القسمة جبراً عدم فوت المنفعة المقصودة بالقسمة، ولذا لا يقسم حمّام ونحوه عند عدم الرّضا، أمّا عند رضا الجميع فتجوز قسمته، لوجود التّراضي منهم بالتزام الضّرر، فكلّ واحد ينتفع بنصيبه فيما شاء كأن يجعله بيتاً. وقيّد بعض الفقهاء عدم جواز قسمة الحمّام بأن يكون صغيراً.

ولتفصيل ذلك يرجع إلى مصطلح (قسمة).

دخول الحمّام:

5 - ذهب جمهور الفقهاء إلى أنّ دخول الحمّام مشروع للرّجال والنّساء.

وقد دخل خالد بن الوليد حمّام حمص، ودخل ابن عبّاس حمّام الجحفة. وكان الحسن وابن سيرين يدخلان الحمّام. ولكنّه مقيّد بما إذا لم يكن فيه كشف العورة، مع مراعاة ما يلي:

6 - إذا كان الدّاخل رجلًا فيباح له دخوله إذا أمن وقوع محرّم: بأن يسلم من النّظر إلى عورات النّاس ومسّها، ويسلم من نظرهم إلى عورته ومسّها، وإن خشي أن لا يسلم من ذلك كره له ذلك، لأنّه لا يأمن وقوعه في المحظور، فإنّ كشف العورة ومشاهدتها حرام، لما روى بهز بن حكيم عن أبيه عن جدّه قال «: قلت: يا رسول اللّه، عوراتنا ما نأتي منها وما نذر؟ قال: احفظ عورتك إلاّ من زوجتك أو ما ملكت يمينك. قال: قلت: يا رسول اللّه، إذا كان القوم بعضهم في بعض؟ قال: إن استطعت أن لا يرينّها أحد فلا يرينّها. قال: قلت: يا رسول اللّه. إذا كان أحدنا خالياً. قال: اللّه أحقّ أن يستحيا منه من النّاس». وأن يعلم أنّ كلّ من في الحمّام عليه إزار، قال أحمد: إن علمت أنّ كلّ من في الحمّام عليه إزار فادخله، وإلاّ فلا تدخل.

وقال سعيد بن جبير: دخول الحمّام بغير إزار حرام. لحديث جابر بن عبد اللّه: أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «من كان يؤمن باللّه واليوم الآخر فلا يدخل الحمّام بغير إزار، ومن كان يؤمن باللّه واليوم الآخر فلا يدخل حليلته الحمّام».

وأيضاً روي «من دخل الحمّام بغير مئزر لعنه الملكان» قال ابن ناجي من المالكيّة: دخول الرّجل الحمّام على ثلاثة أوجه: الأوّل: دخوله مع زوجته، أو وحده فمباح، الثّاني: دخوله مع قوم لا يستترون فممنوع، الثّالث: دخوله مع قوم مستترين فمكروه، إذ لا يؤمن أن ينكشف بعضهم فيقع بصره على ما لا يحلّ. وقيل في هذا الوجه: إنّه جائز.

7 - إذا كان الدّاخل امرأةً فيباح لها دخوله مع مراعاة ما سبق، وبوجود عذر من حيض أو نفاس، أو جنابة أو مرض، أو حاجة إلى الغسل، وأن لا يمكنها أن تغتسل في بيتها لخوفها من مرض أو ضرر، لما روى أبو داود عن ابن عمر رضي الله عنهما «أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: إنّها ستفتح لكم أرض العجم وستجدون فيها بيوتًا يقال لها الحمّامات، فلا يدخلنها الرّجال إلاّ بالأزر، وامنعوها النّساء إلاّ مريضةً أو نفساء».

ولخبر «ما من امرأة تضع أثيابها في غير بيت زوجها إلاّ هتكت السّتر بينها وبين ربّها». ولأنّ أمر النّساء مبنيّ على المبالغة في السّتر، ولما في خروجهنّ واجتماعهنّ من الفتنة. فإن لم يكن لها عذر كره لها دخول الحمّام.

وذكر ابن عابدين نقلاً عن إحكامات الأشباه: أنّ المعتمد أن لا كراهة مطلقاً، ثمّ قال ابن عابدين: وفي زماننا لا شكّ في الكراهة لتحقّق كشف العورة.

وفي قول عند المالكيّة: إنّما منع دخولهنّ حين لم يكن لهنّ حمّامات منفردة، فأمّا مع انفرادهنّ عن الرّجال فلا بأس، وقال ابن الجوزيّ، وابن تيميّة: إنّ المرأة إذا اعتادت الحمّام وشقّ عليها تركت دخوله إلاّ لعذر أنّه يجوز لها دخوله.

دخول الذّمّيّة الحمّام مع المسلمات:

8 - يرى جمهور الفقهاء خلافًا للحنابلة في المعتمد أنّ للمرأة المسلمة إذا كانت في الحمّام مع النّساء المسلمات أن تكشف عن بدنها ما ليس بعورة بالنّسبة إلى النّساء المسلمات، وهو ما عدا ما بين السّرّة والرّكبة.

وعند بعض الفقهاء يجب عليها في الحمّام أن تستر جميع بدنها لقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم: «أيّما امرأة وضعت ثيابها في غير بيت زوجها هتكت ستر ما بينها وبين اللّه». أمّا الذّمّيّة فليس لها عند الجمهور أن تنظر من المسلمة إلاّ ما يراه الرّجل الأجنبيّ منها، ولهذا نصّ الشّافعيّة على أنّ المرأة الذّمّيّة تمنع من دخول الحمّام مع النّساء، وقد كتب عمر رضي الله عنه إلى أبي عبيدة بن الجرّاح أنّه بلغني أنّ نساء أهل الذّمّة يدخلن الحمّامات مع نساء المسلمين فامنع من ذلك. وحل دونه فإنّه لا يجوز أن ترى الذّمّيّة عريّة المسلمة. وقال ابن عبّاس: لا يحلّ للمسلمة أن تراها يهوديّة أو نصرانيّة لئلاّ تصفها لزوجها.

الموسوعة الفقهية الجزء الثامن عشر

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير