تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[الانتصار لمذهب السلف في باب الأسماء والصفات]

ـ[أبو عبد الله المليباري]ــــــــ[16 - 08 - 05, 07:25 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعدُ: فإن مما يؤسف حقاً أن تَندرسَ معالمُ السلف في كثيرٍ من القضايا الشرعية لدى كثيرٍ من المسلمين وخاصةً في باب الأسماء والصفات الذي هو من أهمِّ أبواب العقيدة الإسلامية. وكثيرٌ من البلدان الإسلامية تدرِّس العقيدة على طريقة المتكلمين والمتأخرين من الفلاسفة وأهل البدع. ولذا لا تجد في بعض جامعاتهم ما يسمى بقسم العقيدة بل (قسم الفلسفة)!!.

والحقيقة أن طالب الحق لو فكَّر في الأمر لعلِم أن الحق لا يُفهم من الكتاب والسنة إلا عن طريق فهم سلفنا الصالح. وإذا تنازع المتأخرون في فهم نصوص الكتاب والسنة فلنرجعْ إلى فهم السلف وأصحاب القرون المفضلة كي نصِل إلى الصواب، وهذا الرجوع يُتأكد إذا كان النزاع في قضايا عَقَدية، إذ بها قوام الدين. ولعلِّي أوضِّح كلامي بضرب مثالٍ واقعي: إن المسلم في هذه الآونة المتأخرة يرى خلافاً كبيراً بين العلماء في دراسة العقيدة، ولنأخذْ منها بابَ الأسماء والصفات على سبيل المثال. فالأشاعرة ينفون بعض الصفات ويثبتون صفاتٍ أخرى وقريب منهم الماتريدية. أما المعتزلة لا وجود لها في هذا بالمفهوم السابق. بينما علماء السلفية يثبتون الأسماء والصفات كلها كما أثبت الله لنفسه ورسوله صلى الله عليه وسلم. فقد يقعُ المسلم في حيرةٍ من الأمر! يأخذ قولَ منْ؟ كلُّ هؤلاءِ من العلماء. ففي هذه الحالة الحرجة نقول له: يا أخي إذا أردت أن تعرِف الحق فانظُر في قولِ علماء السلف الذين لا يختلف فيهم اثنان. ومنهم الإمام التِّرمذيُّ رحمه الله، حيث اتفقت الفرق من الأشاعرة والماتريدية وأهل الحديث كلهم على أنه إمامٌ سنِّي ثقةٌ ولا يقدحون في عقيدته. إذاً لننظُرْ ماذا قال الإمام الترمذيُّ رحمه الله في الصفات؟. قال الإمام الترمذي رحمه الله في باب ما جاء في فضل الصدقة بعد أن روى حديث أبي هريرة مرفوعاً: "إن الله يقبلُ الصدقةَ ويأخذها بِيمينهِ فيُربِّيها لأحدكم كما يربِّي أحدُكم مُهرَه ... " هذا حديث حسن صحيح (1) ... ثم قال: وقد قال غير واحدٍ من أهل العلم في هذا الحديث وما يشبهُ هذا من الروايات من الصفاتِ ونزولِ الرَّبِّ تبارك وتعالى كلَّ ليلةٍ إلى السماءِ الدنيا، قَالُوا: قد تَثْبتُ الرواياتُ في هذا ويؤمَنُ بها ولا يُتوهَّم ولا يقالُ كيف؟ هكذا روي عن مالكٍ وسفيانَ بنِ عُيينةَ وعبدِ اللهِ بْنِ المباركِ أنَّهم قالوا في هذه الأحاديث: أَمِرُّوها بلا كيف، وهكذا قول أهلِ العلم من أهل السنة والجماعة، وأما الجهميةُ فأنكرتْ هذه الرِّواياتِ. وقالوا: هذَا تشبيهٌ. وقد ذكر الله عز وجل في غير موضعٍ من كتابه اليدَ والسمعَ والبصرَ فتأوَّلتِ الجهميةُ هذه الآيات ففسَّروها على غيرِ ما فسَّر أهل العلم، وقالوا: إن الله لم يخلقْ آدمَ بيدهِ، وقالوا: إنَّ معنى اليدِ: ههُنا القوة. وقال إسحاق بن إبراهيم (2): إنما يكون التشبيهُ إذا قال يدٌ كيدٍ أو مثلُ يدٍ أو سمعٌ كسمعٍ أو مثلُ سمعٍ، فإذا قالَ سمعٌ كسمعٍ أو مثلُ سمعٍ فهذا التشبيهُ. وأما إذا قال كما قال الله تعالى يدٌ وسمعٌ وبصَرٌ ولا يقولُ كيفَ ولا يقولُ مثلُ سمعٍ ولا كسمعٍ فهذا لا يكون تشبيهاً وهو كما قال الله تعالى في كتابه: (ليس كمثله شيءٌ وهُو السميع البصير).

قلتُ: هذا كلامي محكمٌ متينٌ من الإمام الكبير أبي عيسى الترمذي رحمه الله، يكفي في الردِّ على نفاة الصفات بحجة التشبيه والتمثيل. وأقول: إن كثيراً من طلبة العلم لا يعرفون هذا الكلام النفيس للإمام التِّرمذي (3) مع أنه وافٍ وكافٍ لتفنيدِ شبهِ الأشاعرة وغيرهم من نفاة الصفات. والحمد لله الذي قيَّض أئمةَ الإسلام لتجديد معالم الدين، وإيضاح منار الحق، والردِّ على شبهات المبتدعةِ وأهلِ الأهواء. وصلى الله على رسولنا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.

11/ 7/1426هـ


1 - الحديث متفق عليه مع اختلاف في الألفاظ.
2 - هو إسحاق بن راهويه الإمام المجتهد صاحب الإمام أحمد بن حنبل.
3 - للفائدة: يجوز في ضبط لفظ "الترمذي" ثلاثة أوجه:
أ – كسر التاء والميم (التِّرمِذي).
ب – ضم التاء والميم (التُّرْمُذي).
ج – فتح التاء وكسر الميم (التَّرْمِذي).

ـ[أسامة عباس]ــــــــ[16 - 08 - 05, 07:38 م]ـ
وأيضًا ممن لا يختلف في إمامتهم الإمام الأوزاعي رحمه الله الذي قال: (كنا والتابعون متوافرون نقول أن الله فوق العرش .. ونؤمن بما وردت به السنة من صفاته) .. رواه البيهقي بإسناد صحيح ..

والمقام يطول بنا إن أردنا استقصاء ما قاله أئمتنا ..

والحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله ..
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير